الصحوة – مسقط
- للكتابة على الجدران انعكاسات سلبية على المستوى الاجتماعي والقيمي والصورة الحضارية للمدن.
- مضمون بعض الكتابات بالجدران قد تعكس قضايا ذات أهمية نفسية لدى الفئة المنتشرة والمسؤولة عن هذه الظاهرة.
- الظاهرة تعكس صورة نمطية للسلوكيات والإهتمامات السائدة في منطقة انتشارها.
- الأمر المحلي رقم (32/ 97) الخاص بشأن حماية المرافق العامة التابعة لبلدية مسقط أداة تشريعية وركيزة تنظيمية نافذة في ردع المخالفين والعابثين بالممتلكات العامة.
- تغليظ العقوبات وحدها ليست الحل، فالظاهرة تنشر عند فئة المراهقين وتقتضي تضافر الجهود التربوية والشبابية والأسرية.
تعد الكتابة على الجدران ـ والتي غالباً ما تنتشر بين الفئة العمرية من الطفولة الى المراهقةــ واحدة من التصرفات السلوكية غير المرغوبة في المجتمع؛ نظراً لانعكاسها على المشهد الحضري للمنطقة، وتشويهها للمنظر الجمالي، ناهيك عن الصورة النمطية التي من الممكن أن تعكسها تلك السلوكيات لمنطقة معينة أو بيئة معينة نتيجة ما تحمله من عبارات ومضامين ذات دلالات تعكس أبعاداً غير مقبولة على المستوى الاجتماعي أو القيمي وكذاك على الصورة الحضارية بشكل عام.
دوافع ومؤثرات:-
و في صدد التطرق حول الأسباب الكامنة وراء سلوك الكتابة على الجدران يشير بالذكر الفاضل/ خليل بن سالم المحرزي ـ باحث اجتماعي في دائرة الفعاليات والتوعية ببلدية مسقط بقوله ” لا يمكن إرجاع هذه الظاهرة إلى أصل واحد؛ إذ تتفاوت العوامل التي تسهم في ظهورها، وتكون ذات صلة بالتحديات النفسية التي يواجهها الفرد، أو بتأثيرات البيئة الاجتماعية والتربوية التي ينشأ فيها، وبغض النظر عن السبب، فإن الكتابة على الجدران تعد سلوكاً غير لائق، يترتب عليها آثار سلبية على المستوى الفردي والجماعي.
جهود بلدية توعوية:-
و بهدف الحفاظ على نظافة وجمالية المدينة، وتحقيق الشعور بالانتماء والمسؤولية المشتركة مع أفراد المجتمع يوضح الباحث الإجتماعي في بلدية مسقط – خليل المحرزي ” أن مكافحة ظاهرة الكتابة على الجدران من الأولويات التي تتبناها البلدية و تتمثل الجهود لمعالجة مثل تلك الممارسات في تنفيذ حملات التوعية والتثقيف التي تستهدف الشباب والمجتمع المحلي بشكل عام حول خطورة الكتابة على الجدران بما تتضمنه هذه الحملات من عقد ورش عمل، وندوات، ومحاضرات توعوية تشدد على أهمية الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، إلى جانب عمل برامج تشجيعية ومكافآت لتحفيز الشباب على المشاركة في مبادرات لتنظيف وتجميل المدينة بدلاً من الكتابة على الجدران، كما تقوم البلدية بالعمل على تعزيز الوعي حول العقوبات القانونية التي تفرض على من يرتكبون مثل هذه الممارسات غير المقبولة مما يسهم في تدعيم وتعزيز قيم المسؤولية والاحترام للملكية العامة والخاصة، إضافة إلى اهتمام البلدية بالتعاون مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية لتنظيم حملات لإزالة الكتابات على الجدران وإصلاح الممتلكات العامة.
تضامن الجهود:-
ويؤكد المحرزي في قوله” ضرورة التشديد على الركيزة التربوية والمجتمعية، حيث يجب على الجهات المعنية العمل بشكل تنسيقي ومنظم لتوعية الطلاب والشباب نحو منع مثل هذه الممارسات اللامسؤولة ، وتعزيز التوجيه الإيجابي والتركيز على تعزيز القيم والمبادئ الأخلاقية لديهم، إذ يعد تفعيل دور المشرفين التربويين والمرشدين الطلابيين والأخصائيين الاجتماعيين في هذا السياق أمرًا ضروريًا، من خلال تنفيذ برامج توعية وتثقيف متخصصة تستهدف المجتمع المدرسي بشكل فعال، مع التركيز على دور الأسرة في توجيه وتوعية الشباب حول السلوكيات الصحيحة والمسؤولة”.
قضايا مترابطة:
وتؤكد الفاضلة/أسماء عبدالله البلوشية ــ عضوة بجمعية الاجتماعيين العمانية حول تلك الأسباب التي تؤدي إلى انتشار مثل هذه الممارسات بقولها” قد تمثل الحالة النفسية للفرد أحد الأسباب في ظهور مثل هذه السلوكيات والتي تكون بمثابة تفريغ للمشاعر الكامنة في ذات الشخص وانفعالاته مع البيئة المحيطة به، حيث غالباً ما نجد مضمون تلك الكتابات هي انعكاسات لمشاعر الغضب والانتقاد أو الحزن والحب، كما أنها قد تنشأ نتيجة عوامل اجتماعية أخرى مثل التقليد، و الفراغ الذي يعاني منه بعض الشباب، إلى جانب عوامل ترتبط بالتنشئة الوالدية نتيجة عدم اهتمام الوالدين بالتنشئة السليمة والتي تتمثل في اللامبالاة وعدم اكتراث الأهالي بسلوكيات الأبناء فيما يخص تعاملهم مع المجتمع الخارجي وما يحتوي من ممتلكات عامة، وعدم تنمية حس المسؤولية المجتمعية والولاء والانتماء للوطن والحفاظ على مكتسباته”.
مقترحات معززة:
وتقول أسماء البلوشي” بما أن ظاهرة الكتابة على الجدران هو تصرف سلوكي فإن العلاج يبدأ من داخل الأسرة نفسها كمؤسسة أولية وتشترك معها مؤسسات المجتمع، حيث يبدأ تصحيح السلوك من خلال متابعة الاهل لأطفالهم ومحاولة رفع الوعي لديهم بالأسباب الفعلية التي أدت بهم لهذا التصرف، كما تلعب المدرسة دوراً محورياً في غرس القيم وتشكيل سلوك الطلاب إذ يعوّل عليها الكثير في بلورة السلوك والمبادئ وغرس القيم، حيث يمكن توجيه تلك التصرفات واستثمار تلك الطاقات من خلال الأنشطة الطلابية المتنوعة والتي تمثل متنفساً للطلاب وبيئة محفزة لاكتشاف المواهب وتنميتها وتطويرها ” وتضيف البلوشية” حيث أرى من الأهمية بمكان انشاء مراكز لفنون الرسم والخط لصقل المواهب وتصويبها نحو المسار الصحيح ، كما نعوّل على العمل على تعزيز الروح الوطنية والمسؤولية المجتمعية للفرد للمحافظة على ممتلكات المجتمع”.
انعكاسات غير مقبولة:-
كما تؤكد سارة بنت سعود السرحني ـ عضوة بجمعية الاجتماعيين العمانية “يلجأ الفرد للكتابة على الجدران كأحد وسائل التعبير عن مشاعر الحب أو السرور أو التعصب والغضب أو كتابة مقاطع غنائية ظهرت وانتشرت في فترة معينة، وقد يكون أحياناً انعكاس للفراغ النفسي الذي يعيشه الشخص والذي قد يؤدي إلى مآلات غير مرغوبة كتشويه سمعة الاخرين مثل كتابة الشتائم أو صفات لأشخاص أو وصف شعوره، وفي مجمل الأمر أياً كانت الدوافع والأسباب يعد هذا التصرف سلوك غير حضاري ومشوه للمنظر العام ويؤثر سلباً على السمعة العامة للمجتمع ويُشكل صورة نمطية للبيئة التي تنتشر فيها الظاهرة”.
وتضيف السرحانية عدد من الحلول العلاجية للظاهرة بقولها” لتقويم السلوك على كل من الجهات التعليمية والتربوية إلى جانب استثمار مهارات الطلبة ومنحهم الفرص في إبراز مواهبهم في الخط والرسم، أيضاً الاهتمام بالجانب النفسي للطلبة وارشادهم وتوجيههم، مع تغليظ العقوبات للعابثين بالممتلكات العامة”.
الجانب التشريعي:-
جديراً بالذكر أن الأمر المحلي رقم (32/ 97) بشأن حماية المرافق العامة التابعة لبلدية مسقط يعد أداة تشريعية نافذة ينص في مادته رقم (2) على أنه” يحظر على أي شخص القيام بأي فعل من شأنه الإضرار بمرافق البلدية بما بها من تجهيزات ومستلزمات، سواء بالعبث أو التكسير أو التخريب وغير ذلك.
كما نصت المادة (3) من الأمر المحلي ذاته على أنه ” يحظر على أي شخص – ما عدا الأشخاص المصرح لهم – القيام بأي من الأفعال الآتية في مرافق البلدية: أ-قطف أو قلع الزهور أو تسلق الأشجار أو قص أغصانها أو تكسيرها سواء كان ذلك في الحدائق أو المتنزهات أو الشوارع العامة، والمشي على المسطحات الخضراء المبتلة أو القيام بأي نشاط أو عمل يؤدي إلى الإضرار بالمزروعات، وإيقاد النار تحت الأشجار أو في مكان معد للتنزه على نحو يؤدي إلى تشويه المكان أو الإضرار به أو مضايقة الجمهور، والاغتسال أو السباحة في النافورات أو البحيرات العامة، ودخول غرف المضخات أو العبث بها، والكتابة أو الرسم على الأسوار والأبواب والجدران والتجهيزات الخاصة بالمباني التابعة لمرافق البلدية ،،، “
إلى جانب ذلك أوضحت المادة رقم (5) إجراء بأنه: يحظر على أي شخص أن يترك الأطفال دون سن الثانية عشرة التابعين له دون رقابة أثناء تواجدهم في الحدائق أو المتنزهات العامة أو الملاعب” وبذلك تؤكد بلدية مسقط على ضرورة الرقابة الوالدية كأحد الأدوات الفاعلة في الحفاظ وحماية الممتلكات العامة وتعزيز الصورة الحضرية للمحافظة.