الصحوة – وائل الوائلي
في زمن تتناغم فيه الأحداث بسرعة مدهشة، يظل الصحفي وراء الكاميرا أو خلف لوحة المفاتيح وخلف قلمه الحرّ يلعب دورًا أساسيًا في تشكيل الوعي العام وفتح نوافذ الفهم أمام الجماهير ويترجم الحقيقة بصورة جلية دون زيف، ويتضاعف دور الصحفي في نقل الحقيقة أثناء الحروب إذ يجب عليه أن يضاعف اتزانه لنقل الحقيقة؛ ليكون سفيرًا لمهنة الصحافة وحارسًا أمينًا للحقيقة رغم ما يتعرض له من تهديد من الأعداء والساعين لطمس الحقيقة.
وليس أوضح في ذلك من الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلة وما ينتهجه العدوان الغاشم على الصحفيين على وجه الخصوص من تنكيلٍ وتهديد لإيقاف نزيف أقلامهم وإغلاق عدسات كاميراتهم التي توثق مجازر العدوان الوحشي البربري على المدنيين بوجه الخصوص والسعي وراء تضليل الحقائق وإخفاء الإجرام البشع على الشعب الفلسطيني الأعزل.
ولنا في شيرين أبو عاقلة مثالًا جليًا للاستهداف الممنهج لإيقاف صوت الصحفي الذي لم يصبح كاتبًا وناقلًا للأخبار فقط؛ بل روائيًا للواقع، وفنانًا يرسم بكلماته لوحات الصمود والأمل والمعاناة؛ ليواجه بذلك ويلات الاغتيال والتهديد والاعتقال دون رادعٍ يوقف ذلك ولا قوانين تحمي حرية التعبير؛ حتى صارت الحقيقة بمثابة الرصاصة ضد الصحفي لإنهاء حياته.
وفي كل الأحوال، اكتفت نقابات الصحفيين حول العالم والجهات المختصة في نعي من يستشهد من الصحفيين دون السعي لتوفير الحصانة لهم لصون حقوقهم والوقوف ضد الاعتداءات المتواصلة عليهم؛ حتى وصل عدد من استشهدوا خلال الحرب الأخيرة (7 أكتوبر) إلى ما يزيد عن 60 صحفيًا بينهم صحفيات إلى جانب أكثر من 30 أسيرًا صحفيًّا ممن “لم يستطيعوا تغير الواقع؛ لكن استطاعوا إيصال صوتهم المسموع للعالم”.
إن صمود الصحفيين على موقفهم والتزامهم بالمهنية العالية على الرغم مما يتعرضون له من جميع أشكال العنف والتهديد لهو دليل واضح على سمو مهنة الصحافة، فبينما كانت الكاميرا تسجل المأساة والدموع، كانت أقلام الصحفي وكلماته تروي قصص الصمود والأمل. ويظل المطلب الأساسي توفير بيئة آمنة للصحفيين وضمان حمايتهم أثناء أداء مهامهم؛ لاستمرار ظهور الحقيقة.