الصحوة – الدكتور حمد السناوي
التقيت مؤخرا بزميلي الذي انتقل للعمل في مؤسسة صحية جديدة بعد أن قضى ما يقارب ثمانية وعشرون عاما في وظيفته السابقة، أخبرني أنه مسرور جدا لهذا الانتقال فهو يشعر بالمزيد من التقدير في المؤسسة الجديدة، كما بيئة العمل هناك تحفزه أكثر على الإبداع حسب قوله، أخبرته إنني دخلت الجامعة كطالب عام ١٩٨٧ ولولا سنوات الدراسة العليا خارج السلطنة لكان مجموع السنوات التي قضيتها هنا يقارب الثمانية والثلاثون عاما، لذلك لا أتخيل نفسي أن أعمل في مكان آخر، أجاب زميلي مازحا “لعلك تعاني من متلازمة الزوجة المعنفة التي تقنع نفسها بالبقاء مع زوج عنيف لأنها تخشى الخروج من منطقة الراحة و ربما فقدت الثقة في نفسها فتقوم بمحاولة تبرير سلوك الزوج العنيف وتبالغ في تضخيم الجانب الإيجابي من شخصيته حتى ولو كان بسيطا، أجبته ” طبيب نفسي ولازم يتفلسف، الموضوع بعيد كل البعد عما ذكرت”.
اتفقنا أنه من الصعب العثور على بيئة العمل المثالية فلكل مكان سلبياته وإيجابيات والشخص الناجح يختار أن يشعر بالامتنان على الأمور الإيجابية في وظيفته ويحاول تغيير نظرته تجاه الأمور السلبية التي لا يستطيع تغييرها، فالحياة لا تسير دائما حسب ما نشتهي لكن الشخص يمكنه أن يختار المعارك التي تستحق أن يخوضها وأن تشغل باله، فلا يضيع الجهد والوقت في أمور خارج سيطرته ولن تشكلا فرقا بالنسبة له.
في الأسبوع الماضي نشرت مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن احد المهرجانات الفنية الذي عقد في أحدى الدول العربية ويستضيف الممثلين والممثلات، والمطربين المطربات من مختلف الدول، و كثرت التعليقات عن ظهور مطربة تجاوزت الثمانين من العمر اعتزلت الغناء منذ أكثر من أربعين عاما لتقف أمام الجمهور لتحرك شفايها مع اسطوانة تسجيل لأحد أغانيها القديمة لدقائق قبل أن توشك أن تقع لولا مساعدة من حولها، وتساءل البعض لماذا رضيت هذه المطربة تكبد عناء السفر رغم حالتها الصحية وكان من الممكن أن تكرم غيابيا كما حدث مع ممثلين آخرين، وهل لديها القدرة العقلية لاتخاذ قرار المشاركة في ذلك المهرجان أم أنها تعرضت للضغط من المنتفعين من المبلغ المالي الكبير الذي حصلت عليه لمجرد الظهور لدقائق على المسرح، ولعل هذا مثال جيد على اشتغال البعض في أمور خارج سيطرتهم فالمهرجات ستستمر شئنا أم أبينا و ما دامت هناك عروض مالية مغرية سيكون هناك من ينتفع من ورائها.
ختاما، تذكر بأنه الاختيار الصائب للمعارك التي تستحق أن تخوضها يمكنك من تركيز طاقتك ويجنبك ألهم وإضاعة الوقت.