الصحوة – خيبة أمل كبيرة سيطرت على الشارع العماني بعد الأداء المخيب للمنتخب الوطني في بطولة كأس آسيا 2023 ظهر المنتخب بصورة سيئة ومستوى متدن أداء وتكتيكا في جميع مبارياته في دور المجموعات، ليودع البطولة من بابها الضيق.
لا شك في أن هذا الأداء الضعيف يعد مؤشرا على وجود مشاكل عميقة في منظومة الرياضة العمانية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص.فمن ناحية، يفتقر المنتخب للعديد من العناصر الأساسية، مثل:
اللاعبون الموهوبون:
افتقر المنتخب بشكل كبير لوجود لاعبين مهاريين مميزين قادرين على صنع الفارق في المستطيل الأخضر وعلينا اكتشاف وتطوير لاعبين شباب قادرين على حمل راية المنتخب في المستقبل فعمان ولّادة وبها الكثير من المواهب الكروية التي يمكنها تقديم مستوى مغاير عما ظهر عليه اللاعبون في تشكيلة المنتخب الحالية.
المدرب الكفء:
يعاني المنتخب من سوء الاختيار للجهاز الفني، حيث أظهر الجهاز الفني ضعفا في اختيار التشكيلة المناسبة وسد العجز في الفريق بل حتى التجانس بين اللاعبين لم يكن بالشكل المتوقع رغم الاستقرار التي حظي بها الجهاز الفني والمدة الجيدة التي قضاها برانكو مع المنتخب منذ العام 2020 لم تكن هناك استراتيجية واضحة لتطوير الفريق.
الدعم المادي والمعنوي:
لا يحظى المنتخب بالدعم الكافي من قبل الاتحاد العماني لكرة القدم، سواء من ناحية توفير الإمكانات اللازمة للتدريب والتطوير، أو من ناحية تحفيز اللاعبين ودعمهم معنويا حيث إنه من الملاحظ ضعف تعاطي الاتحاد مع مختلف الأحداث التي مرت على المنتخب منذ كأس الخليج في البصرة والتي لم يتخذ فيها الاتحاد القرار الصائب عندما أقر لعب النهائي على الرغم من الأحداث الأمنية الخطيرة التي سبقت المباراة النهائية وكذلك استسلامه لبخس الجمهور العماني حقه في حضور المباراة مما ولد ضغطا كبيرا على اللاعبين وهاجسا أمنيا كبيرا يهدد أمنهم وسلامتهم ويتكرر الموقف في قطر بحرمان الجماهير في المباراة الأولى مع المنتخب السعودي وكذلك إقامة المباراة مع الفريق التايلندي بأصغر ملاعب البطولة دون حراك يذكر من قبل الاتحاد ومما زاد الطين بلة التصريحات المخيبة للآمال والتي مفادها بأن الاتحاد ليس معنيا بأمور الجماهير؟! كما ان استعانته بالكفاءات العمانية الشابة والتي تمتلك الخبرة والاحترافية والذي تزخر بهم الساحة الرياضية العمانية دون ذكر أسماء فهم معروفين لدى المهتمين والمتابعين لكرة القدم العمانية.
من ناحية أخرى، يعاني القطاع الرياضي في سلطنة عمان بشكل عام من ضعف الاهتمام والدعم، فالبنى التحتية الرياضية تحتاج إلى تطوير كبير، حيث لا يوجد عدد كاف من الملاعب والمنشآت الرياضية الحديثة، ناهيك عن ضعف موازنات الأندية الرياضية والتعقيدات الخاصة بتسهيل استثماراتها ومنحها الأرضية المناسبة لذلك وهذا ينسحب كذلك على الفرق الرياضية المحلية إضافة الى نقص الاهتمام بالرياضة المدرسية والجامعية.
كما أن التمويل والإنفاق ضعيف فلا يخصص للرياضة سوى ميزانيات ضئيلة، مما يعيق تطويرها والارتقاء بمستوى الأداء، كذلك تسود المجتمع ثقافة ضعيفة حول ممارسة الرياضة، حيث ينظر إلى الرياضة على أنها ترفيه وليست صناعة واقتصادا وأسلوب حياة فالاحتراف لا زال يراوح مكانه فيغلب طابع الهواية على ممارسة الرياضة ولاعبي الأندية فاللاعب في أغلب الأحيان لا تجده متفرغا لممارسة اللعبة مما لا يمكن في وضع كهذا تحقيق استقرار ونمو في أداء المنتخبات حيث سيستمر في التذبذب لأنه يعتمد الهواية وليس الاحتراف فالهواية قد يتشكل عنها فرق جيدة لوجود لاعبين مهاريين بالفطرة وفي أحيان كثيرة لا يكون الحال كذلك فلا تتحقق الاستمرارية والنمو في المستوى والأداء.
إن خروج المنتخب العماني في كأس آسيا 2023 هو جرس إنذار يجب أن يوقظ المسؤولين عن كرة القدم خصوصا والرياضة في سلطنة عمان على وجه العموم. فقد حان الوقت لوضع خطط استراتيجية شاملة لتطوير الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، ولكن علينا أولا الإجابة على سؤال “ماذا نريد من الرياضة تحديدا” وبشكل واضح هل نعدها ترفيها وهواية أم صناعة واقتصادا واحترافا؟!
ومن ثم العمل على تحقيق طموحنا من خلال:
⁃ زيادة الاهتمام والدعم من قبل الحكومة والمؤسسات
الخاصة والعامة والمجتمع.
⁃ تطوير البنى التحتية الرياضية.
⁃ الاستثمار في اكتشاف وتطوير المواهب الشابة.
⁃ وضع استراتيجية واضحة للارتقاء بمستوى الأداء.
⁃ نشر ثقافة ممارسة الرياضة في المجتمع.
في الختام أرى بأن ما حققه المنتخب العماني في العقدين الماضيين يعد جيدا إذا ما قسناه بحجم الاستثمار والإنفاق والأوضاع المحيطة بالرياضة العمانية ويعد أفضل بكثير من الكثير من دول الجوار إذا طبقنا معادلة احتساب النتائج كمردود على حجم الاستثمار والإنفاق، عليه وجب التأكيد على أن مستقبل الرياضة العمانية مسؤولية الجميع، ولن نستطيع تحقيق الإنجازات المرضية واستدامتها إلا من خلال تضافر الجهود وتكاتف الجميع وهذا ليس بالأمر الصعب على المجتمع العماني.