الصحوة – ريم بنت محسن البلوشي –باحثة ماجستير في القانون الجزائي لدى جامعة السلطان قابوس
للتطور الرقمي و التكنولوجي دور في الأسهام الثري في التقدم الحضاري المعاصر في مختلف دول العالم إلا أن الجرائم بمختلف أنواعها تقف حائلا وراء هذا التقدم نظرا لأستحداث الجناة و المجرمين العديد من الوسائل الحديثة لاتمام تنفيذ جرائمهم .
و تعد جريمة غسل الأموال من الجرائم الماسة بالأموال و لعلها من أبرز الجرائم التي تشكل تهديدا على الكيان الاقتصادي و المالي للدول و التي قد يمتد تأثيرها السلبي ليشمل مختلف الأصعدة الوطنية ، الأقليمية و الدولية نظرا لطبيعة الجريمة كونها جريمة منظمة عابرة للحدود .
و قد كان للسلطنة الدور البالغ الأهمية في مكافحة هذه الجريمة عبر ترجمة و تجسيد دورها الفاعل في تنفيذ إلتزاماتها الدولية عبر الأتفاقية المنظمة إليها ذات الصلة و التي كان لها إنعكاسها على المستوى الوطني عبر تطبيق التشريعات المقررة لمكافحة هذه الجريمة و منها قانون مكافحة غسل الأموال و تمويل الأرهاب و تعديلاته و تشريع اللوائح و القرارات و التوصيات المتعددة ذات الصلة .
و الجدير بالذكر أيضا دور المنظومة الوطنية لمكافحة هذه الجريمة ممثلة باللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال و تمويل الأرهاب من خلال دورها البارز المتمثل في تطوير الأستراتيجة الوطنية عبر وضع الأليات المتخذة لمكافحة الجريمة بما يتناسب مع الأتفاقيات الدولية و القرارات الصادرة من مجلس الأمن و ممارسة العديد من الأختصاصات المسندة لها في هذا الصدد .
حيث لا يخفى علينا أن لمهنة المحاماة دورها الأنساني البليغ في إستظهار الحقائق و أداء حق الدفاع و الوقوف جنبا الى جنب مع الجهات القضائية المختصة للوصول لتحقيق عدالة ناجزة ، و على إعتبار أن قطاع المحاماة من المؤسسات الغير مالية التي شملها قانون مكافحة غسل الأموال و تمويل الأرهاب بالتنظيم القانوني عبر مواده و القرارت الصادرة ذات الصلة لعب قطاع المحاماة دوره الهام في التصدي لجرائم غسل الأموال عبر إتباع عدد من السياسات أثناء التعامل مع العملاء و الموكلين في المعاملات القانونية المذكورة بنص المادة (4/ج) من القانون مكافحة غسل الأموال و تمويل الأرهاب و نستهل بذكر أهم السياسات و الأجراءات منها :
- تتخذ مكاتب و شركات المحاماة سياسة ” إعرف عميلك” من خلال التحقق من هوية العميل بواسطة مستندات الثبوتية المقدمة .
- إتخاذ العناية الواجبة إتجاه العميل في فهم علاقة و طبيعة العمل الموكل إلى المحامي عبر التحقق من المستندات المتعلقة به .
- التحقق من هوية العملاء أصحاب الشخصيات الأعتبارية عبر التحقق من المستندات المذكورة في المادة (6/10) من القانون المشار إليه عدا الشخصيات الاعتبارية المدرجة ضمن بورصة مسقط .
- حظر تقديم الخدمات القانونية المناطة لمكاتب المحاماة في حال التعامل مع شركات أو أفراد مجهولي الهوية أو مصدر الأموال المتعامل به .
- فحص المعاملات و إتخاذ التدابير الضرورية لمعالجة المخاطر المرتبطة بغسل الأموال في حالة المخاطر العالية.
- الالتزام بضرورة إبلاغ المركز الوطني للمعلومات المالية في حالة الأشتباه بما يتعلق بوجود عائدات لجريمة غسل الأموال و يستثنى من ذلك المحامون عبر نص المادة (48) من القانون المشار إليه في الأبلاغ في حال توافر هذه المعلومات و الحصول عليها من خلال التمثيل القانوني أمام القضاء أو التحكيم ، أثناء تقديم مشورة قانونية و الرأي المتعلقة بالأجراءات القضائية .
و أخيرا يسعى قطاع المحاماة عبر تعزيز التعاون المشترك و البناء مع الجهات المختصة و الجهات ذات الصلة يدا بيد عبر تطبيق الأليات المنصوص عليها بالقانون و اللوائح ذات الصلة و تعزيز دور و التدريب و نشر الوعي القانوني للمساهمة بتطوير الأستراتيجيات المتبعة للحد و التصدي لهذه الجريمة درء أضرارها لتحقيق أعلى معايير النزاهة و الشفافية .