الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
س، ع شاب في منتصف الثلاثين من العمر، موظف متزوج ولديه أطفال، قاده الفضول ذات يوم إلى التعرف على إحدى الفتيات عبر الفيس بوك، أعجب بجمالها وبحديثها وأصبح يقضي وقتا طويلا في الدردشة معها، يبدأ يومها بإرسال رسالته الصباحية ولا ينام قبل أن يطمئن عليها ويتمنى لها أحلام سعيدة، تطورت العلاقة بينهما حتى وصلت إلى تبادل الصور الحميمة، ترددت في البداية لكنها طمأنها بأنه يحبها ويسعى لأن تكون زوجته الثانية لكنه انصدم عندما تلقى اتصالا ذات يوم من شاب يقول إنه عثر على محادثات وصور خادشة للحياء في هاتف أخته وأنه سيقوم بتقديم شكوى إلى الادعاء العام لكنه مستعد أن “يتغاضى عن الموضوع” مقابل عشرة آلاف ريال عماني، فكر س، ع في الموضوع وقرر دفع المبلغ خوفا من الفضيحة، لكن الموضوع لم يتوقف عند العشرة الآلاف وعندما لجأ إلى قسم الجرائم الإلكترونية تبين له أن الفتاة التي وقع في غرامها لم تكن سوى شاب قام بخداعه وإرسال صور لفتيات من الإنترنت.
عندما تتساءل ما الذي دفع “س، ع” إلى ذلك السلوك يتبادر إلى ذهنك العديد من الأسباب منها ضعف الوازع الديني واتباع الشهوات، لكن ما قد لا ينتبه إليه البعض أن الفراغ أيضا له دور كبير في الموضوع، سواء كان فراغا عاطفيا وسوء إدارة المشاعر والعواطف أو فراغ الوقت والذي يعاني منه العديد من الناس.
وفي الحديث الشريف روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- انه قال “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ” وقيل في تفسير الحديث إن كثيرا من الناس تضيع صحته وفراغه في غير فائدة، فهو صحيح الجسم معافى في بدنه، وعنده فراغ ولكن لا يستعمل ذلك فيما ينفعه
ويقول الشاعر أبو العتاهية:
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
أي ان اجتماع الثروة وقت الفراغ يمكن أن يكونا سببا في افساد أخلاق الشباب اذا لم يتم لاستغلالهما بشكل صحيح.
لا شك بأن نمط الحياة العصرية وما صاحبها من تطور في التكنولوجيا جعل البعض يعيش حالة من الترف والكثير من الوقت، فالبعض لديه عاملة منزل تقوم بتدبير شؤون البيت ومربية الأطفال التي تهتم بهم مما يعفي الزوجة والأم من بعض المهام خاصة إذا لم تكن تعمل خارج المنزل، كما أن بعض الموظفين يرتبط بالعمل في ساعات محدودة من اليوم وقد لا توجد لديه التزامات معينة بعد انتهاء وقت الدوام الرسمي، أما المتقاعد أو الباحث عن عمل فربما يعاني من وقت فراغ أطول فيحتار كيف يقضيه خاصة مع انشغال الأصدقاء في أعمالهم أو حياتهم الخاصه لذلك نجد البعض يبالغ في استخدام برامج التواصل الإجتماعي في تقصي الأخبار والانشغال بما لا ينفع من الأمور بينما يقع البعض في فخ العلاقات الافتراضية التي قد تبدأ بسبب الفضول ثم الدردشة والانشعال بالآخر . لذا؛ وجب الانتباه إلى أهمية إدارة الوقت وعدم اهداره في ما لا يفيد…