الصحوة – قصي بن سليم المسلمي
ولأن الابتكار هو مفتاح النجاح في عالم مليء بالتحديات والتغيرات المستمرة، ولأنه يساعد في إيجاد حلول جديدة للمشكلات وتحسين العمليات وتعزيز الإبداع وتوفير قيمة حقيقة للمجتمع. ببساطة، الابتكار هو ما يدفع العالم إلى الأمام ويفتح آفاقًا جديدة للتقدم والتغيير، يقول البراء:” تذكّروا أنّ شغفكم هو دافعُكم للنجاحِ والمثابرة، فلا تتوقفوا عن التعلمِ واكتسابِ المعرفةِ، وكونوا مُبادِرين وابحثوا عن الفرصِ، فلا تخافوا من الفشلِ، فهو جزءٌ طبيعيٌّ من رحلةِ النجاحِ، آمنوا بأنفسكم وبقدراتكم”.
كيف تقدم نفسك للقارئ؟
البراء بن خلفان البدوي، طالب بتخصص هندسة الإلكترونيات والاتصالات ، مبتكر وباحث شغوف بمجالِ البيئةِ والاقتصادِ الدائريّ، وممثل شباب عمان في منتدى اليونيسكو الثالث عشر للشباب على هامش أعمال الدورة الثانية والأربعون للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ، حاملًا رسالةَ الاستدامةِ والتغييرِ الإيجابيِّ.
حدثنا عن الجهاز الذي قُمت بإختراعه لحل مشكلة شح المياه؟
بدأت رحلتي عندما لاحظتُ مشكلةً عالميةً تتمثّل في انحسار المياه العذبة، مما يُهدّدُ الأمنَ الغذائيَّ في العديد من الدول، خاصةً تلك التي تعتمد على الزراعة بشكلٍ رئيسيٍّ ودفعني ذلك إلى البحث عن حلولٍ بديلةٍ مستدامةٍ، فاتّجهتُ إلى دراسةِ استخدامِ أنواعٍ مختلفةٍ من المياه غير التقليدية، مثل مياه الصرف الصحي المعالجة، مياه الأمطار، والمياه الرمادية المُنتجة من الاستخدامات المنزلية والصناعية.
لكنْ واجهتُ تحديًا آخرَ يتمثّل في التأثيرِ السلبيِّ لهذهِ الأنواعِ من المياه على التربةِ و المحاصيلِ الزراعيةِ بسببِ احتوائها على كمياتٍ كبيرةٍ من الأملاحِ والمعادنِ الثقيلة وإيمانًا بقدرة الابتكار على خلق حلول جذرية للمشكلات ، ووفرةِ ثروات عُمان الطبيعيةِ، شرعتُ في البحثِ عن حلٍّ مستدامٍّ صديقٍ للبيئةِ ، وبعدَ رحلةِ بحثٍ طويلة، تمكّنتُ من ابتكارِ تركيبةٍ طبيعيةٍ مُكوّنةٍ من موادٍّ طبيعيةٍ متاحةٍ في البيئةِ العُمانيةِ من مجموعة نباتات و مستخلصات عشبية طبيعية آمنة تُساعدُ في فلترةِ المياهِ الرماديةِ وتحويلها إلى مياهٍ صالحةٍ للاستخدامِ الزراعيِّ و الريِّ بأقلّ التكاليفِ.
استخدمتُ في ابتكاري تقنياتٍ حديثةً مثل تقنيةِ النانو والأليافِ الطبيعيةِ، ممّا أدّى إلى تحسينِ كفاءةِ المعالجة بشكلٍ كبيرٍ وقد أثبتتْ اختباراتُ هذهِ التقنيةِ نتائجَ مبشرةً تفوقُ التقنياتِ الصناعيةِ المُستخدمةِ حاليًا في معالجةِ المياهِ الرماديةِ.
البراء كما نعلم بأنه تم اختيارك كممثل لسلطنة عمان في منتدى اليونسكو، أخبرنا كيف تم اختيارك؟
تمّ اختياري كممثلٍ لسلطنة عمان في منتدى اليونيسكو للشباب في دورته الثالثة عشر، تحت عنوان “العواقب الاجتماعية لتغير المناخ وضرورة مراعاة الانصاف في العملية الانتقالية المرتبطة بالمناخ” حيث بدأت رحلتي بتقديم ملفّي الشخصي بدعمٍ من أمانة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، إيمانًا بأهمية هذا المنتدى كمنصةٍ للشباب للتعبير عن أفكارهم ومقترحاتهم حول التحديات العالمية. ضمّ المنتدى أكثر من 170 مشاركًا من مختلف دول العالم، حيث تمّ تنظيم مجموعةٍ من الجلسات الحوارية والنقاشية حول السياسات العامة المتعلقة بتغير المناخ، تخلّلتها نقاشاتٌ ثريةٌ وتبادلٌ للأفكار بين الشباب وممثلي الدول الأعضاء والمنظمة.
لم تقتصر مشاركتي على الحضور والنقاش فحسب، بل تمّ اختياري لأكون أحد أعضاء لجنة تحكيم منح المشاريع التي يقودها الشباب بتمويلٍ من اليونسكو، وهو ما أتاح لي فرصة تقييم مشاريعٍ مبتكرةٍ تهدف إلى التصدي لتحديات المناخ وتحقيق العدالة في عملية الانتقال إلى مستقبلٍ أكثر استدامةً. أشعرُ بفخرٍ كبيرٍ لاختياري كممثلٍ لبلدي في هذا المنتدى المرموق، ومسؤوليةٍ عظيمةٍ للمساهمة في إيجاد حلولٍ للتحديات التي تواجهها الإنسانية وأدعو جميع الشبابِ إلى اغتنامِ مثل هذه الفرصِ للمشاركةِ في صنعِ التغيير، من خلال تبادل الأفكار ووضعِ حلولٍ مبتكرةٍ للتحديات العالمية، إيمانًا بقدرةِ الشباب على إحداثِ فرقٍ إيجابيٍّ في العالم.
ما هي أهم إنجازاتك؟
حصولي على الميدالية الفضية في المهرجان الدولي للعلوم الهندسية والتكنولوجيا بتونس عن فئة علوم البيئة وعلى جائزة الرؤية لمبادرات الشباب عام 2019 عن فئة مشاريع الطاقة المتجددة وحصولي على جائزة البحوث والابتكارات في مجال المياه لثلاث سنوات على التوالي بوزارة التربية والتعليم ومركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار (مجلس البحث العلمي سابقا).
ما هو طموحك للمستقبل؟
لا أرى طموحاتي كأهداف منفصلة، بل هي رحلةٌ مُتكاملة تسيرُ بخطواتٍ ثابتة نحو تحقيق أهدافٍ سامية، حيث أُسعى جاهدًا لتطوير تقنيات حديثة لمعالجة المشاكل البيئية وخفض تكاليفها، لتصبح حلولاً ميسورة التكلفة وعالية الفعالية، وأن أستمرُّ في البحث عن حلولٍ مُبتكرةٍ للتحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهُ العالم. وإيمانًا مني بأهمية دورِ الشباب، سأشاركُ خبراتي مع الآخرين لإلهامِ جيلٍ جديدٍ من المُبتكرين وروادِ الأعمال، أعملُ بجدٍّ للوصول إلى مناصبٍ مؤثرةٍ تُتيحُ لي التأثيرَ على السياسات العامة واتخاذَ القرارات التي تُساهمُ في حمايةِ البيئة وتحسينِ الرفاه الاجتماعي وحياة الاخرين، حيث أنني في طور تأسيس شركةٍ ناشئةٍ تُعنى بتطويرِ تقنياتٍ صديقةٍ للبيئة في مجالِ الاستدامة البيئية.
وفي خضمِّ هذه الطموحاتِ أسعى وراء المعرفة، لأواصلُ تعليمي الجامعي للحصولِ على درجةِ الدكتوراه في مجال تخصصي، وسأُثري حياتي بتجاربَ جديدةٍ من خلالِ السفرِ والتجولِ والتعرفِ على ثقافاتٍ مختلفة. وأخيرًا، سأحرصُ على قضاءِ وقتٍ ممتعٍ مع العائلة والأصدقاء، مُؤمنًا بأنّ التوازنَ بين العملِ والحياةِ الشخصيةِ ضروريٌّ لتحقيقِ السعادةِ والنجاح. أُؤمنُ بأنّ الشبابَ لديهم القدرةُ على إحداثِ تغييرٍ إيجابيٍّ في العالم، وأنا مُصممٌ على أن أكونَ جزءًا من هذا التغيير.
ما هي نصيحتك للطلاب؟
واجهت العديد من التحديات و العقبات، لكنّني تعلّمتُ من خلالِها دروسًا قيّمة ، تذكّروا أنّ شغفكم هو دافعُكم للنجاحِ و المثابرة، فلا تتوقفوا عن التعلمِ و اكتسابِ المعرفةِ، و كونوا مُبادِرين و ابحثوا عن الفرصِ، فلا تخافوا من الفشلِ، فهو جزءٌ طبيعيٌّ من رحلةِ النجاحِ ، آمنوا بأنفسكم و بقدراتكم، و تعاونوا مع الآخرين، حافظوا على صحتكم الجسديةِ و النفسيةِ، استمتعوا بالحياةِ، تذكّروا أنّه لا يوجد مستحيلٌ في الحياةِ، و أنّ كلَّ شيءٍ ممكنٌ إذا آمنتم به و سعيتم لتحقيقه ، خذوا الدافعَ لتحقيقِ طموحاتكم و أحلامكم من قصص الآخرين ، و تذكّروا أنّ مستقبلَ العالمِ بين أيديكم.