الصحوة – قصي المسلمي
في عالمٌ مليء بالمأساة والحزن، تأتي كلمات أبو عبيدة في تأثيرها العميق على الشعب الفلسطيني كدواءٌ لكل فرد منهم مما عاشوه من مأسي في هذه الحرب الظالمة. فعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها هذا الشعب تحت وطأة الاحتلال والتهجير والعنف والقتل، إلا أن خطاب أبو عبيدة يظلُ كمصباح يُنير طريق الأمل في قلوبِ الملايين وشمعةٌ تلامس قلوبهم، إلا أنه في الوقت ذاته يوجه رسالة قوية للعالم بأسره.
وبقلمٌ حزين ومؤثر، يُعبر أبو عبيدة في خطاباته عن معاناة وألم الشعب الفلسطيني، ويوثّق الظلمَ والاضطهاد الذي يتعرضون له كل يوم. يتناول قصة الحنين والفقدان والمأساة بكلمات تعكس حالة من اليأسِ والحزن التي تخيم على حياة الشعب، ويشدد على أهمية الثبات والصمود في وجه كل الصعاب.
هذا الخطاب الحزين يتجلى في قدرته على تحريك العواطف وإيقاظ الوعي لدى هذا الشعب، فعبر تفاعله مع معاناتهم وتعبيره عنها بكلمات مؤثرة، ينجح في جعل الشعب يشعر بأنه ليس وحده في معركته من أجل الحرية والكرامة، ويحثهم على عدم اليأس والاستسلام والاستمرار في المقاومة والصمود رغم كل الصعوبات من أجل تحقيق الحرية والعدالة.
هذا الحزن في خطابه ليس مجرد مظهرًا عابر، بل هو جزء لا يتجزأ من واقع الشعب الفلسطيني المرير، حيثُ يعكس هذا الحزن العميق الصراع الدائم والمستمر الذي يواجهه الفلسطينيون وترجمة للمأساة التي حلت بهم، وكذلك يحمل في طيته دعوة إلى التضامن والتعاطف معهم.
وكذلك يمثلُ هذا الخطاب بوصلة توجيهية للشعب الفلسطيني في زمن اليأس والمحن. إنه يذكرهم بأن الحزن ليس نهاية الطريق، بل بداية لثورة ضد الظلم والاضطهاد، وبأن الأمل لا يزال حياً رغم كل الصعاب.
ولكن مع ذلك هذا الحزن لا ينطفئ أبدًا بل يتجدد بكل تصعيد للصراع وكل انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني.
وفي كل مرة يظهر أبو عبيدة على شاشات التلفاز، يُأكّد على حق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة، ويندد بالانتهاكات الإسرائيلية والدعوة إلى التضامن العالمي مع فلسطين، وكذلك يدعو الفصائل الفلسطينية للوحدة الوطنية والاستمرار في توجيه الضربات على هذا العدو الغاشم.
وفي الوقت نفسه يُزعزع ثقة الكيان الصهيوني في نفسه، ويبعث فيهم الخوف والهلع، ويزيد من حدة التوترات والقلق بين أفراد جيشهم الخاسر الذين دخلوا بالأساس هذه الحرب بحالة من الخوف الشديد، لدرجة أنه سجلت حالات انتحار بين صفوف جيشهم وكذلك حالات تمرد، وناهيكم عن الضغط الذي يشكله شعبهم على حكومتهم، حيث في كل مرة يخرجون إلى الشارع يطالبون بإقالة رئيسهم ويحملونه مسؤولية جميع ما حدث لهم في السابع من أكتوبر، وفي هذا الجانب يردد أبو عبيدة في كل خطاب تلوا الأخر إن التدميرات الهمجية للعدو الغاشم ما هي إلا عبارة عن رد انتقامية للهزيمة ولملمة صورتهم لما حدث لهم في السابع من أكتوبر، ويؤكد لهم بأنهم لم يفلِحوا إطلاقًا إلا فقط في قتل الأبرياء من النساء والأطفال، وإن كل ما يفعله هذا الاحتلال لا يحرك ساكنًا ولا يؤثر على عناصرهم المقاومة الشامخة الراسخة كرسوخ الجبال، الذين يخرجون للعدو من تحت الركام والرماد.
ويؤكد لهم كذلك بأن طوفان الأقصى كان سببًا في استنهاض الأمة النائمة وتوحيد جبهات وساحات جميع المسلمين نحو هدف واحد وهو فلسطين والأقصى، وإن ما سعى له العدو خلال عقود من الزمن لعزل القضية الفلسطينية والاستفراد بالقدس والأقصى وتنجيس مقدسات المسلمين، كل ذلك باء بالفشل، ليؤكد لهم أخيرًا بأن طوفان الأقصى قلب كل مخططاتهم رأسًا على عقب.