الصحوة – قصي بن سليم المسلمي
هل ضاعت بوصلة الهوية؟ أم أصابنا داءٌ في الذاكرة؟
أيُّها العرب، أين أنتم من لسان الضاد؟ لغة القرآن الكريم، لغة الضاد، لسان العرب، حاملة راية الحضارة، ومفتاح المعرفة، ها هي اليوم تواجه عزوفًا من أبنائها، ولامبالاة من حامليها، فينتابنا الحزن، ويعتصرنا الأسى، ونرفع أصواتنا عاتبين هذا الجيل الذي يهدد أصالته ويُفرّط بهويّته.
أين ذاك التباهي بكوننا حاملي لغة القرآن؟ أين ذاك الشعور بالعزة حين نتحدث بحروف الضاد؟ لقد باتت لغتنا العربية مهددةً بالاندثار، يهددها عزوف أبنائها، وتهافت بعضهم على لغاتٍ أخرى، ظنّاً منهم أنها مفتاح التقدم والرقي، ولا ننكر وجود تحديات تواجه لغتنا من أشكال العولمة والتكنولوجيا، وبروز اللغات الأخرى، ولكن ذلك لا يبرر إهمال لساننا الأم، وتناسي كنوزه الأدبية والعلمية، فلغتنا فيها من الغنى اللغوي، ما يُمكّنها من التعبير عن أي فكرة أو مفهوم، وفيها من المرونة ما يُمكّنها من التكيف مع مختلف الحقول المعرفية.
فبروز اللغات الأخرى، هل يجعلنا ننسى شعراء العربية وعلماؤها ومفكروها وفلاسفتها ومبدعوها؟ التي أذهلت إبداعاتهم العالم، وساهمت في تقدم الحضارة الإنسانية، فهل ننسى أمجادهم ونُفرّط في لغتهم؟
ففقدان لغتنا يعني فقدان هويتنا، لأن لغتنا هي مرآة ثقافتنا وحضارتنا، فإهمالها يعني التخلي عن جزء من هويتنا، وفقدان انتمائنا، فلذلك يجب أن نُدرك ما نواجهه، وأن نتحرك معًا لإنقاذ لغتنا.
لا نطلب منكم أن تتخلّوا عن اللغات الأخرى، بل نطلب منكم أن تُعطوا لُغتنا حقها، وأن تُحافظوا عليها من الاندثار، وتذكروا دائمًا إن العربية لغة القرآن، ولسان العرب، فلا تفرطوا بهويتنا بل نحافظ عليها وعلى لغتنا، فمسؤولية إحياء العربية تقع على عاتق الجميع، بدايةً من المؤسسات التعليمية، حيث يجب على المؤسسات التعليمية أن تُحسّن المناهج التعليمية، وتشجّع على استخدام اللغة العربية في مختلف مجالات الحياة، وتدعم المحتوى العربي الجذاب، وتغرس حب العربية في نفوس الطلاب، وتحفزهم على التعلم بمتعة وإبداع، وكذلك لا ننسى دور الأسر، حيثُ يجب على الأسر أن تربي أبناءها على حب العربية، وتشجيعهم على القراءة والكتابة، فمعًا نُحيي لغتنا، ونُعلي شأن أمتنا، ولا نريد أن نصبح أمةً بلا لسان، وشعبًا بلا هوية، فلنبادر جميعًا لإنقاذ لغتنا العربية من براثن الإهمال والنسيان.