الصحوة – المصممة أمل الريامي
قالت: “من كثر حبي للألوان صرت أتحدث معهم، وفي كل مرة أذهب فيها لشراءِ الأقمشةِ أقضي وقتاً طويلاً وممتعاً في الوقت نفسه، وكأنني في حديقة من الألوان أشمُّ رائحتها وأستمتع بمذاقها لولا مقاطعة البائع لي وتشويش ذهني”.
وتضيفُ قائلةً: “أستأنس بتلك الفترات، حيثُ ينتابني إحساس بأن كل لون يتحدث عن نفسه بصدق مما يسهِّل لي عملية الشراء، كما أصبحت أميِّز أشياء كثيرة في حياتي بألوان وروائح معينة، ومن ذلك صديقاتي فكل واحدة أُشبهها بلونٍ أجده يشبهها ويليق عليها”.
وسؤالنا هُنا: هل يمكن سماع أصوات الألوان أو استنشاق روائحها أو تذوقها؟ ومن هم الأشخاص الذين يمتلكون هذه القدرة؟
للألوان صوتٌ خفيٌ لا يشعر بها ولا يسمعها إلا من ينغمس ويتذوق الألوان وجمالياتها فلوأمعنَّا النظر للألوان لوجدنا أنها تنطقُ دون أن نشعر ولكننا نستشعر نطقها، فصوت الألوان يتخلَّل إلى أعيننا، ويخترق أجسادنا على شكل ذبذبات موجية متفرقة القوة فتنعكس على سلوكنا وتصرفاتنا، هناك أيضا ما يجعلنا ننظر إلى الأشياء من حولنا بألوان مختلفة عما هي عليه.
الدكتور عماد صبحي في حديثه عن ” ظاهرة الحواس المتداخلة… للألوان رائحة وصوت أيضا” يقول: “عندما تستقبل حاسة من الحواس المعلومة كالسمع مثلاً تصاحبها حاسة أخرى كحاسة النظر” ويسمى هذا الشخص الذي يمتلك هذه الحواس بـ”ذي الحواس المتداخلة”.
فهذه الحالة تسمى synesthesia وهي كلمة مشتقة من اللغة اليونانية وتعني “أحاسيس مصاحبة” فيكون الشخص قادراً على تذوق الأصوات وسماع الألوان.
هذه الحالة غير معروفةٍ أسبابها حيث يرى البعض أنها نتيجة اتحاد لا إرادي بين عدة حواس، ولكن تشير بعض الأبحاث بأنها تحدثُ بسبب التصاق مناطق الدماغ مع بعضها.
يؤكِّدُ سايمون بارون من جامعة كامبردج لعلم النفس في صحيفة “إنديبندت” اللندنية: “بأن الأشخاص الذين يمتلكون هذه الحالة لا يريدون التخلص منها ويعتبرونها موهبة ونعمة بأن يروا العالم بمنظور آخر” فهناك تجد من يصف لك شيئاً معيناً بلون ومذاق ورائحة معيَّنة عما هو عليه في الواقع، إذ أنها تعزِّز الإبداع والملكات الفكرية لديهم.
كان الكاتب الروسي فلاديميرنابوكوف أحد هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون هذه الخاصية فكان يرى لوناً مختلفاً في كل حرف يكتبه.
وفي نطاق هذا الحديث، هناك فتاة من النيبال تدعى ديبتي تستطيع أن تميِّز اللون من رائحته وهي معصوبة العينين، ويروى عن الفنان الهولندي فان كوخ أنه أيضاً يملك هذه الخاصية حيث يظهر ذلك في إحدى لوحاته المشهورة “ليلة النجوم” التي رسمها في عزِّ النهار.
لذلك فإنَّ من يمتلكون هذه القدرة أو الموهبة الجميلة يحق لهم أن يتباهوا بها لأنها تجعلهم يرون العالم بمنظور مختلف عما هو عليه، مما يجعلهم يبدعون في حياتهم.