الصحوة – أمل الشكيلية
يُصادف هذا اليوم ١٦ سبتمبر ولادة أخر سلاطين عُمان في زنجبار السيد جمشيد بن عبدالله بن خليفه بن حارب بن ثويني بن سَعيد بن سلطان ، ولد في زنجبار سنة ١٩٢٩ ميلادي ، ويبلغ من العُمر ٩١ سنة. عاش جمشيد سنوات الحكم في زنجبار التي امتدت من ١٩٦٣ إلى ١٩٦٤ سنة .
يقول المؤرخ عيسى بن ناصر بن عيسى الإسماعيلي في كتابه “زنجبار التّكالب الاستعماري وتجارة الرق” الذي وافته المنية مؤخراً في السلطنة بتاريخ 3 أغسطس المنصرم : “أما السيد جمشيد شخصياً فلم يكن يرغب في تولي العرش، لقد كانت رغبته أن يعيش حياة عادية مثل أي فرد محترم في بلده، لم تكن لديه الرغبة في ذلك إطلاقاً، لقد وصل به أن قال لزعماء البلاد الذين كانوا يحثونه على قبول توليه العرش، أنه كان يود أن ينصب أخاه الأصغر السيد محمد على العرش، غير أنه نظراً لما عرفوا كلا من زعماء البلاد وعامة الشعب عن مدى ما يتميز به السيد جمشيد من احترام وحب عظيمين لوطنه وشعبه، جعلهم يصرّون على التمسك به ليكون هو سلطانهم، وعندما وصلت الأمور إلى هذا الحد لم يكن للسيد جمشيد خياراً سوى الرضوخ نزولاً على رغبة الشعب خشية أن يخيب أملهم”.
وبعد المجزرة التي حدثت في زنجبار في عام ١٩٦٤ ،ونفيه إلى مدينة بورتسموث في المملكة المتحدة، كان لا يريد الخروج من زنجبار وهي بتلك الحالة الخطرة،وإذا كان ليس للموت بد فيحبذ الموت مع مواطنيه ، ولكن اضطر للخروج منها وذلك للمصلحة العامة للبلاد والشعب ، غادر زنجبار جهراً بدون خفيه ومرء كل من كان هناك في ذلك الوقت وفي وضوح النهار ركب السفينة مع عائلته وحاشيته رسمياً مع الآخرين من أعوانه ليصل بعد ذلك إلى بورتسموث وعاش فيها باقي عمره وها هو اليوم يقضي باقي عمره في وطنه الأم عُمان ، هكذا هُم سلاطين عُمان كما عهدناهم على مر التاريخ أوفياء من عهد النبي .
بالأمس جاء إلى عُمان وطنه الأم ليعيشَ بين أهله وأبناء وطنه الذين سمعوا عنه ولم يروه سِوى بالصور ، وصل إلى بلاده وكأن لسان حاله يقول :
ذكرتُ بلاديْ فاستهلَّتْ مَدَامِعي .. بشوقي إلى عَهْدِ الصِّبا المتقادِمِ
حَنَنْتُ إلى أرضٍ بها اخضرّ شارِبي .. وقُطِّع عني قَبل عقدِ التّمائمِ.
وما الوطن إلا قطعة من القلب ، ومهما ابتعدنا عنه أميال يبقى النبضُ هو ، نخافُ عليه من كُل كائد وحاسد ومتربص ، فهو مهجة الروح والذي في سمائه حلقت أحلامنا وطموحاتنا ، وحينما كُنا صغاراً كنّا نرسمُ ملامحه على دفاترنا، حُب الوطن فطره انغرست في كُل فرد منا .