الصحوة – عمر بن علي المعني
انتشرت ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة في أوساط مجتمعاتنا العربية، فقد انتشرت بشكل ملحوظ، ولو أمعنا النظر في خطورة هذه الظاهرة فسوف نجد أن لها مخاطر عديدة ليس على مستوى الفرد فقط وأنما تتعداه لتشمل المجتمع ككل وهذه الأضرار تتشعب الى أضرار اجتماعية، ونفسية واقتصادية.
ولكن لماذا يبتعد الشباب عن الزواج؟ ولماذا لم يصبح الزواج ذا أولوية لدى شبابنا الذي هو عماد الأمة؟ فمن المعلوم أنه لا تقوم الأمم ولا المجتمعات إلا بسواعد شبابها، فالشباب هم ثروة وجب الاهتمام بها وتوفير السبل المعينة لهم من أجل بناء مستقبلهم.
إن المتأمل لهذه القضية يجد أن هناك العديد من الأسباب التي حالت بين الشباب والزواج، تتمثل هذه الأسباب أولا في شخصية الشاب نفسه فتجده تارة متخبط ومندفع في قرارته، بحيث تكون لديه الرغبة في البداية ثم يؤول به الحال للتراجع عن قراره فنجد هنا أن شخصية الشاب ليست بالحكيمة، ومن الأسباب المؤدية أيضا إلى عزوف الشباب عن الزواج هي الظروف المادية الصعبة التي يمر بها فلا تكون هناك الاستطاعة المادية التي تعين هذا الشاب على الزواج وعلى تكوين الأسرة في ظل ظروف الحياة العصيبة التي باتت تعصف بالناس كيفما تشاء فكم من أسر تفككت بسبب هذه الظروف التي تقع على عاتق رب الأسرة ، الأمر الذي بات يشكل هاجس خوف لدى الشاب المقبل على الزواج حيث أنه قد يتخوف من المرور في نفس الظروف المادية الصعبة التي عانا منها من سبقوه في الزواج والتي قد تحول بينه وبين توفير سبل الحياة الكريمة له ولعائلته، الأمر الذي قد يدفعه إلى تأجيل فكرة الزواج في ظل الظروف الراهنة.
ومن الأمور المهمة التي أدت إلى ابتعاد الشباب عن الزواج هو غلاء المهور فكم من رب أسرة بات يطالب بمهور خيالية لا يسع الشاب توفيرها، ناهيك عن المبالغ الأخرى التي يجب عليه تدبرها، التيسير هو الحل وليس التعسير. ومن الأسباب المهمة أيضا هو البحث عن شريك الحياة المثالي والتدقيق المبالغ فيه من قبل كلاً من الزوج والزوجة الأمر الذي قد يساهم في تأخير الزواج حيث أن كل واحد منهما يبحث عن الكمال ولكن الكمال لله فقط. أضف إلى الأسباب المذكورة سابقا دور القبلية، حيث أن بعض القبائل تعارض الزواج أو المصاهرة من قبائل أخرى ولكن خلقنا على هذه البسيطة شعوبا وقبائل لنتعارف وليس لنتباعد.
إن لهذه الظاهرة الخطيرة الكثير من الأضرار على مستوى الفرد بشكل خاص أو المجتمع بشكل عام. حيث تتمثل أضرار هذه الظاهرة في المشاكل النفسية التي قد يمر بها الشاب أو الفتاة بسبب تأخر الزواج مقارنة بأقرانه، ومن أهم هذه المشاكل النفسية هي القلق وزيادة حالات الاكتئاب، أضف إلى ذلك فقدان الثقة بالنفس من قبل الشاب أو الفتاة فيشعر كليهما بأنه ليس مرغوب به من قبل الجنس الآخر مما يؤدي إلى زعزعة الثقة بالنفس، ومن أخطار هذه الظاهرة أيضا بأنه قد يلجأ الشاب أو الفتاة من أجل إشباع رغباتهم إلى العلاقات الغير شرعية التي قد تؤدي إلى مشاكل لا يحمد عقباها بتاتا، فهي مهلكة للنفس وجريمة في حق القانون قد تؤدي بهم إلى فج عميق من المشاكل.
يجب الوقوف في وجه هذه الظاهرة التي هي دمار خفي للمجتمعات والتصدي لها ومحاربتها بشتى الطرق، فيجب توعية الشباب بأهمية الزواج لما فيه من صلاح لهم ولأنفسهم، كما يجب توفير السبل المعينة على الزواج والتسهيل وليس التعسير، فالأسرة لها دور في الدعم المعنوي للشاب أو الفتاة وتشجعيهم للإقبال على الزواج وليس تنفيرهم منه، وكما أن يكون للمدرسة والجامعات دور بارز في توعية الشباب وتربية النشء على تحمل المسؤولية ونشر ثقافة الزواج المبكر والقيم والمبادئ الإسلامية في نفوس الشباب والفتيات.
ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج من الظواهر المجتمعية التي وجب الالتفات إليها وعدم إهمالها لما في ذلك من أضرار مجتمعية وشخصية، تؤدي للهلاك. ووجب معرفة أهم الحلول لهذه المشكلة من أجل القضاء عليها، فإلى متى شبابنا عازفون عن الزواج؟ والى أي حد سوف تستمر هذه الظاهرة بالانتشار.؟