الصحوة – هيفا سلام سالم الراشدية
إن الناطق الرسمي دائمًا يساهم في الوصول إلى صحة المعلومات، فهو الناطق بالحقيقة، ويعمل على تنظيم الأخبار والمعلومات الخاصة بالمكان المسؤول عنه؛ لتنقل إلى الجمهور بكل سهولة وسلاسة. وخلال الأزمنة الماضية استخدم الناطق الرسمي كمصدر أولي للأخبار الصحيحة والأخبار التي يسعى الجمهور لمعرفتها، كما أنه يقدم كل ما يدور في أذهان الجمهور من حقائق، وفي هذا الزمن أصبح وجود الناطق الرسمي مهمًا وضروريًا لكافة وسائل الإعلام.
وفي الوقت الراهن لا يقتصر عمل الناطق الرسمي على الحكومات والمسؤولين الكبار في الدولة، بل امتد ليشمل كافة القطاعات السياسية وغيرها. ويعد التعامل مع وسائل الإعلام والجمهور من أبرز الوظائف التي يؤديها الناطق الرسمي. وكما هو معلوم أن الناطق الرسمي ينقل موقف الحكومات في قضية ما، من خلال تزويد وسائل الإعلام المختلفة بالمعلومات، ويرد على الاستفسارات التي تشغل الرأي العام عن طريق بثها بشكل علني مباشر أو كتابي، وينفي كافة الشائعات وينقل الأخبار دون مغالطات، ومثلما ينقل الناطق الرسمي أهم الأحداث، فإنه يستقبل ويتفاعل مع كل ما يرد إليه.
ومع مرور الوقت تتغير اهتمامات الناطق الرسمي ففي البدء كان مقتصرًا على الحكومات ولكن بعدها امتد ليشمل العديد من الوظائف ومنها ما نجده في الجمعيات المختلفة والهيئات والمنظمات، وكذلك امتد ليشمل أشخاص معينين كوجود ناطق باسم مسؤول كبير، أوناطق باسم ممثل، أو ناطق باسم فريق ما وغيرها.
ويمتلك الناطق الرسمي سمات معينة تميزه عن غيره، فلابد أن يمتلك القدرة على التحدث مع وسائل الإعلام المختلفة، ويجيد التحدث بلغات مختلفة كالعربية، والإنجليزية، والألمانية وغيرها من اللغات، كما يمتلك القدرة على التواصل مع الآخرين، وسرعة البديهة للتصرف بشكل صحيح أثناء المواقف الصعبة. وتعد سمة المصداقية من أهم وأرقى السمات التي يجب توافرها في الناطق الرسمي، فالصدق أهم من الصراحة.
وفي الدول البرلمانية والديمقراطية لم يكن الناطق الرسمي محتكرًا، حيث أن الحكومات في هذه الدول تتصرف بصورة جماعية وتُجمع على استحقاقات ثابتة أي بمعنى آخر يجري اختيار الناطق الرسمي ليكون متوازنًا في عمله بين الحكومة والطرف الآخر. وفي الوقت الحالي، يشغل الإعلاميون ذوي الخبرة والاحتراف في مجال الصحافة والعلاقات العامة منصب الناطق الرسمي في الهيئات والمؤسسات المختلفة للحصول على منشورات مناسبة تقدم للرأي العام.
وسلطنة عمان تمتلك ناطق رسمي لها الذي يضع النقاط على الحروف ويجيب على كافة الاستفهامات التي تدور في عقول الرأي العام في السلطنة، فالناطق الرسمي للسلطنة هو “وكالة الأنباء العمانية”، وتعمل الوكالة على بث المعلومات ومختلف الفاعليات والأنشطة التي تقام على أرض عمان، وتسهل على الصحف الوصول إلى المعلومات الصحيحة والدقيقة.
وبتوجيهات سامية من السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- أُسس مركز التواصل الحكومي في ٢٠١٧، لكن في الوقت الحالي ألغي المركز بموجب مرسوم سلطاني آخر، وضمّ موظفيه إلى وزارة الاعلام. وكان عمل المركز يماثل عمل “وكالة الأنباء العمانية”، المتمثل في تفعيل منصات التواصل الاجتماعي المختلفة بهدف بث المعلومات الصحيحة في كل ما يخص السلطنة، والإجابة على كافة الاستفسارات، ويصحح الأخبار ويجعلها إيجابية. وإذا نظرنا إلى الوظائف التي كان يؤديها المركز فإنا نلاحظ أنه لا يمكن أن يؤدي عمل الناطق الرسمي لأنه ينظم الرسائل ويصححها ويجعلها أكثر إيجابية، ولكن الناطق الرسمي يجب أن ينقل الصورة بشكل صادق دون تصحيح أو تحسين.
وخلاصة القول أرى بأنه من الضروري تواجد الناطق الرسمي وذلك لما له من دور كبير في وضع النقاط على الحروف. كما أنه ينقل رأي الحكومة وقراراتها، ويبث الحقيقة للرأي العام والدول المجاورة، فينقلها بشكل شفاف وصادق دون أية مراوغة. ويجب أن تتوافر في الناطق الرسمي القدرة على الرد على جميع الاستفسارات الموجهة من الرأي العام وتوضيح كافة الأمور وعدم استخدام الكلمات المطاطة حتى لا يفسر الجمهور القرارات على هواه. كما أؤكد على ضرورة وجود ناطق رسمي في الهيئات الحكومية والمؤسسات المختلفة ليتضح للمجتمع الاستراتيجيات التي تسير عليها، فغيابه يعنى أنه لا توجد خطة واضحة تسير عليها. ووجود الناطق الرسمي يضمن أن آراء الحكومة وقراراتها والحقائق تصل بشكل واضح وصحيح للرأي العام وتعمل على منع انتشار الشائعات.