الصحوة – عبير الحوسنية
“(يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي). بقلوب مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره، وببالغ الأسى والحزن، ممزوجين بالرضا التام والتسليم بقضاء الله وقدره، ينعى ديوان البلاط السلطاني المغفور له بإذن الله تعالى مولانا السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم الذي اختاره الله إلى جواره مساء يوم الجمعة 10 يناير لعام 2020م، بعد نهضة شامخة ارساها خلال خمسين عامًا منذ أن تقلد زمام الحكم في 23 يوليو من عام 1970م وبعد مسيرة حكيمة مظفرة حافلة بالعطاء، شملت عمان من أقصاها إلى أقصاها وطالت الوطن العربي والاسلامي والدولي قاطبة أسفرت عن سياسةٍ متزنةٍ وقف لها العالم أجمع إجلال واحترام”.
مرت ليلة الوداع بكآبة موحشة، ظلام التف على الوطن، هدوء حزين ومطر غزير، اجتاح الأرق سكان السلطنة مع عاصفة البرد التي جعلت من عمان سبب آخر لتصبح ليلة موحشة، هدوء مزعج، أشبه بأصوات نحيب هادئة، كانت قد شقت الطريق لتنثر صداها على نوافذ البلاد، يصيبك بشعور لا تعلم حقيقته من خياله، حتى تستيقظ على وطن آخر كما لو أن كل شيء كان حلم.
أنتهى الخطاب ولا نزال في السطر الأول نبحث عن الحقيقة، لم نستعد لمثل هذا الفقدان الأليم، فقد علمنا أن نستعد للخير وأن نترك الحزن خلفنا، علمنا كل شيء ونسي أن يعلمنا ما نفعل بعده، أننا كنا المواطنون الأعزاء بقلبه دائما الأبناء المخلصين له، الساعين دوما لأن يبقوا بجانبه كي يبقى لعمان دائما خير معين.
وفي أول خطاب للسلطان قابوس طيب الله ثراه “أيها المواطنون الأعزاء، سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل” كان قابوس الإنسان قبل أن يكون السلطان، وقابوس المواطن قبل أن يكون صاحب السلطة، نظر لكل شيء كما لو أنه خلق بخيره فقط، وعاش مؤمنًا بالإصلاح والسلام، ومات في سلام.
فقد حمل عمان على كتفه طوال الخمسين عام، حولها من دولة غير مستقرة إلى كيان دولي قوي، ومن بيئة غير خصبة إلى أرض صالحة لجميع المشاريع، فانتقلت عمان في عصر السلطان -قابوس طيب الله ثراه- إلى مصاف الدول المتقدمة وحملت رسالة واحدة تدعو للسلام ونبذ الكراهية بين دول وشعوب العالم مع كافة الأعراق والأديان.
وتوّج السلطان الراحل بجوائز عالمية نظير جهده وعمله في الإصلاح والسياسة الحكيمة المتبعة من لدنه، حيث شجع على العمل دائمًا وعلى المساواة بين الجنسين، وتقبل الآخرين والبذل في الارتقاء بعمان، “وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب”.
وهنا علينا أن نسعى جاهدين لجعل عمان من أفضل دول العالم ونرقى بها على كافة الأصعدة فهذا واجبنا الوطني وهو ما أوصانا به السلطان قابوس – طيب الله ثراه-، وأن نقف عوننا لبعضنا لنتمكن جميعنا من بناء هذا الوطن العزيز.