الصحوة – عبير الحوسنية
المتتبع لحال الأمة العربية في الوقت الراهن، يرى ذلك التراجع في وضعها الثقافي الفكري والإنساني، وهذا أمر واضح وملموس، فعندما نتابع العديد من البرامج المباشرة وغير المباشرة والتي تستضيف الشباب على وجه الخصوص من الجنسين، نلاحظ ذلك التسطيح في أفكارهم وأطروحاتهم، وهنا نتحدث عن الغالبية العظمى، فالمشكلة ليست في التراجع الثقافي، وإنما وصل الأمر إلى ما تدونه أناملهم على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي كونهم أكثر قربًا منها، فهناك الأخطاء في الإملاء، هناك أخطاء في ذكر المعلومة، هناك أخطاء في تتبع الأفكار، هناك ربكة في طرح القضايا.
ترى لماذا كل هذا التردي والتراجع في المعرفة الفكرية الإنسانية؟، قد يأتي قائل ويقول ان المواطن العربي، أنشغل بلقمة عيشه، والبحث عما يسد به جوع بطنه، ناهيك إلى عدم وجود برامج استراتيجية عربية واضحة تدعم القراءة، مع غياب واضح للمسابقات والبرامج التي تحفز الشباب لأن يكونوا أكثر قربًا من الكتاب. نعم هنا أتفق، ولكن أعتقد أن على الشباب أن يضع جدولا يوميًا لا يتعدى الساعة الواحدة للقراءة، في ظل قضاءه لساعات طويلة يهرفون بما لا يعرفون في وسائل التواصل الاجتماعي والمقاهي والأزقة والطرقات.
لو أردنا التقرب من الاحصائيات فالمصادر تكشف أن الأوربي يقرأ بمعدل 35 كتابًا في السنة، أمَّا العربي فإنّ 80 شخصًا يقرأون كتابًا واحدًا في السنة. وطبعًا هذا متوسط الاحصاءات. وبين الإحصائيات التي تؤكد على عدم توجه الإنسان العربي للقراءة، أن هناك 757 مليون أمي عالميًا بينهم 100 مليون عربي، فيأتي دافع القراءة للترفيه أولاً بالنسبة للدول العربية بنسبة 46 %، بينما لا يبلغ دافع الحصول على المعلومات إلا 26 % فقط.
وثمة أرقام صادمة أخرى تقدمها الإحصائيات والتقارير المتوفرة، والتي تؤكد أن لعربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويًا بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنوياً. كما أن معدل النشر في الدول العربية سنوياً حوالي 6500 كتاب، بينما يصل 102000 كتاب في أميركا الشمالية و42000 كتاب في أميركا اللاتينية والكاريبي. أما إصدارات كتب الثقافة العامة إجمالا في العالم العربي لا تتجاوز الـ 5000 عنوان سنويًا، بينما في أميركا حوالي 300 ألف كتاب.
لكن المؤسف يشير إلى أن يُترجَم سنويًا في العالم العربي خُمس ما يُترجَم في دولة اليونان على سبيل المثال، والحصيلة الكلية لما تُرجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العبّاسي المأمون إلى العصر الحالي تقارب الـ 10000 كتاب، وهذا العدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة.
الغريب في الأمر والذي يؤكد أيضًا أن أمة اقرأ لا تقرأ حتمًا أن مبيعات الكتب إجمالاً في كل أنحاء العالم تبلغ 88 مليار دولار، وفي الولايات المتحدة الأميركية 30 مليار دولار و10 مليارات دولار في اليابان، و9 مليارات دولار في بريطانيا، ناهيك عن نصيب أوروبا على سبيل المثال ولكن يصل نصيب العالم العربي 1% من الرقم الإجمالي للمبيعات.
فأجد حقيقة هذا أمر يدعو إلى القلق حيث تداولته الكثير من المؤسسات الإعلامية العربية التي تهتم بشؤون الثقافة والقراءة أيضًا، فيجب على كل فرد أن يقرأ فالقراءة تفتح آفاق المرء وتتوسع معارفه، يصبح عالمًا ما يجري حوله، كذلك يكتسب عدة صفات كسرعة البديهة والذكاء وعمق في التفكير أيضًا.