الصحوة – سُعاد بنت سرور البلوشية
صديقتي التي تعشق القهوة كغيرها من الكثيرين أصحاب الحس المرهف للنكهات المُره، أخذتني ذات مره ولأول مره لكوفي شوب قيد التأسيس والتشغيل التجريبي “نسق”، ولا أبالغ إن قلت بأن المكان يعكس الانسياق والاتساق كما جاء في تسميته، عبر تقسيماته وأثاثه المميز والرسومات الجداريه لأيادي عُمانية عبرت بين جنباته بكل خفة ودقة عن حِكم جذابة ورسائل إيجابية، مع وجود عدد من القطع الفنية المتوسدة لبعض أركان المكان، ناهيك عن بشاشة الموظفين العاملين هناك.
ليس هكذا فقط بل هناك مساحة مخصصة كمرسم لتقديم الدورات الفنية في فنون الرسم والتلوين بنظام العضويات لمرتاديه على اختلاف فئاتهم العمرية، وأيضاً معرض للوحات تشكيلية لفنانيين وفنانات عُمانيون معروضة للإطلاع والبيع لمن يرغب، وسيتم تغييرها بين الحين والآخر، كما يتميز الكوفي شوب أو المقهى بركن خاص للكتب متنوعة المجالات، مع قائمة من المشروبات الساخنة والباردة لمختلف الأذواق.
فالشباب العُماني رغم تحديات انتشار فيروس كورونا كوفيد 19، التي هي أزمة عالمية ألقت بظلالها على جميع سكان الكرة الأرضية وعُمان ليست بمعزل عن هذا العالم، وضع هذا التحدي جانباً بالحضور المطلق ومواصلة تحقيق أهدافه وتطلعاته، وفقاً لقدراته وإمكاناته في محاولة جادة يحدوها الأمل بالاستفادة من التسهيلات التي تقدمها الجهات المختصة.
وهذا يشير إلى إنعطافه مهمة مفادها أن الابتكار سيد الموقف وأن المبادرات الشبابية وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لن تندثر أو تتأثر بسهولة، وإنما هي طريقة مهمة من طرق تحقيق التنويع الاقتصادي ورفد السوق بخدمات ومنتجات محلية تديرها قوى عاملة وطنية، لديها روح المثابرة والصبر على منعطفات الظروف ولكن بروح لا تقبل الرضوخ والتراجع.
فعندما يتاح المجال أمام الشباب بدء أعماله ومشاريعه الحره، والجهات المعنية تقوم بدورها في توفير كافة المزايا والخدمات والأنظمة والتشريعات القانونية المرنة، سيغدو المجتمع متعاضداً ومتكاتفاً أكثر وأكثر، وسنقابل في كل زاوية نكون فيها من زوايا هذا الوطن الجميل فكرة مبتكرة يعود ريعها لثروات هذا البلد، وستظهر تفوقها يوماً بعد آخر، فتعلم إدارة وتنفيذ المشاريع التجارية والاقتصادية الخاصة هي سانحة جيدة لتشغيل أعداد كبيرة من الشباب وبالتالي تقليل أعداد الباحثين عن عمل.
وبالعودة إلى “نسق” على سبيل المثال لا للحصر، تلك المساحة الممتدة بامتداد ألوان الهوية والشعار المخصص لذلك العالم الإبداعي، تتيقن فعلاً بأن للعين البشرية ذائقة حسية وبصرية ينبغي التركيز عليها وأخذها بعين الاعتبار في ظل انتشار تطبيقات ذكية وقنوات تواصل اجتماعي، يتنافس فيها الشباب كلاً بحسب رؤيته وأهدافه في التسويق إلكترونياً لمشروعه، ولقد تفاءلت خيراً حينما حدثنا الموظف وهو أحد الشباب العُماني قائلاً: “بإنتشار فيروس كورونا والقيود المفروضة على الجميع نحتفي بإفتتاح مشروعنا، لأننا نؤمن بتفوقنا على التحديات والصعاب ولأننا لم نتنازل عن حُلمنا، ولعل من الحكمة أن نحذو وبدأب لا تنقصهُ الهمة حذو من سبقونا في تحويل المحنة إلى منحة”.