◀ كتاب “قسم جراحة النكتة”
← يونس علي سالم
• “تأكد أنهم في البداية سيتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر”، استعدتُ قول غاندي عندَ قرائتي لهذا الكتاب؛ لأنني طالما تذمرتُ من قتل الكاتب لروح الضحك في فضاء العوالم الإفتراضيَة بتحليله التفصيلي للنكتة!.
• مايُميز الطرح هنا أن الكاتب غامرَ بكسر القوالب التقليدية لنقل المعلومة وقام بمباحثة قضايا المجتمع عن قرب ليلامس معظم فئاتهِ وتياراته، فلا يكفي أن تكونَ باحثا اجتماعيا لتشرّح جزءاً مما يخفيه محيطك، بل يجب أن تكون ذو اطلاع واسع حتى تستطيع وضع القضية المرغوب مناقشتها تحت المجهر.
• ومن النقطَة أعلاه سيجد القارئ أن الكاتب جمَع أصنافا من الألوان الأدبيَة على مائدة تحليله للنكتة، فتجد المقال والقصة والخاطرة وغيرها من الفنون الأدبيَة جميعها تشكلّت في قوالب سردية تحاكي التحليل الدقيق (للنكتة) ليستخلص القضيَة ثم الأسباب وصولاً إلى الحلول في النهايَة.
• من المتعارف عليه أن الكتاب الشهير”كليلَة ودمنة” تم تأليفه على ألسنة الحيوانات رغم أنه يعود لشخصيات بشرية، وهذا هو ماتقوم به النكتة في يومنا هذا، فهيَ تحاول الخروج من جميع الأطر وتراوغ تارة وتختبئ تارة أخرى حتى توصِل الرسالَة، لذلكَ كنا نحتاج لمن يمسك المِشرط حتى يفهم “ماذا يقول الناس في الخفاء؟”.
• من هذا الكتاب هناكَ سمَة أساسية لابد وأن تُكسب قارئها مهارة مهمة وهي “الفكّ والتركيب”، فالمتلقي لَن يجد نفسه أمام نصوص جامدة تعرّفه على خبايا مجتمعه، بل سيشهَد عملية تحليل وتساؤل بمحاذاة مايفكر به الباحث، وهذا بالطبع يعود للمنهجيَة التي انتهجها الكاتب في الفصول المتنوعة.
• يسرد الكاتب في المقدمَة، أن رغبته كانت لتخصص الترجمة ولكن الأقدار ساقته لعلم الإجتماع!، لقد كانت لي رغبَة دفينة في علم الإجتماع ولكن تخرجت في مجال الهندسَة، وهنا يجب القول أن التخصص قد يخدمك لإظهار نتاج مميز ولكن عدم التخصصية لايعني أنك لن تكون قادراً على اكتساب المهارات التي ترغبها.
• وتباعاً للنقطَة السابقَة، فقَد تابعتُ بتركيز مكثَّف تحليل الكاتب للنكتة لمدة سنتين حتى استطعت فهمَ آلية التحليل التي سارَ عليها، وتعلمت أنه من خلال بعض الأدوات التي يغفل عنها الأغلب نستطيع قول ومناقشة مايثير قلقنا من هموم تؤرق المجتمع، لذلك يمكن القول أنني مع هذا الكتاب مررتُ بجميع المراحل التي تحدث عنها غاندي، كما أوردتُ في النقطة الأولى!.
💎وداد المانعية