العُمانية – بدأت اليوم أعمال المؤتمر الدولي “فكر الإمام الربيع بن حبيب وتجربته الإصلاحية: رؤية حضارية” الذي ينظمه النادي الثقافي بجامع السلطان قابوس الأكبر بولاية بوشر تحت رعاية معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية.
يهدف المؤتمر الذي يستمر 3 أيام إلى التعريف بشخصية الإمام الربيع بن حبيب وسيرته الذاتية، وإبراز أثره العلمي على الحركة العلمية والحضارية العمانية عبر فترات الزمن المختلفة، والكشف عن منهجه الحديثي والعقدي والفقهي ومقارنته بغيره من الأعلام.
كما يهدف إلى الإفادة من فكر الإمام الربيع بن حبيب ونتاجه الفكري ودوره الإصلاحي في الحقول العلمية والدعوية والتربوية المختلفة في واقعنا المعاصر، والإسهام في خدمة تراث الإمام الربيع وتشجيع الباحثين والدارسين على خدمته، وربط أجيال الأمة بموروثها الحضاري وغرس العناية به والمحافظة عليه في نفوسهم.
وقال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عُمان والمتحدث الرئيس في المؤتمر في كلمة مسجلة: إن الإمام الربيع بن حبيب يعد الإمام الثالث بعد حقبة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في القيادة العلمية، والإسهام البارز في جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسنده الصحيح.
وأضاف أن الإمام الربيع – بجانب ذلك – كان فقيهًا محققًا يُرجع إليه من قبل أهل المشرق والمغرب، كما تتلمذ على يديه الكثير من العلماء العظام من بينهم حملة العلم إلى عُمان، مشيرًا إلى دوره الإصلاحي في قضايا الأمة الإسلامية الذي شكّل دورًا مهمًّا وجب التفتيش عنه حتى تجد هذه الأمة رصيدًا واسعًا في القضايا الإصلاحية والفكرية والدينية.
من جانبه قال الدكتور محمود بن مبارك السليمي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي في كلمته: إن اهتمام الأمم بأعلامها والتعريف بأهم رجالها – قادة وعلماء – يدل على الـرغبة الأكيدة فـي الإفادة من سيرتهم وعطائهم، وتخليد لـذكـرھـم، وتسجيل ما وصلت إلیه آثارھـم، وتعریف واجب بھم، واعـتراف بـفضلھم، وتقدیمھم للأجيال لیتعرفـوا على مفردات تاریخھم ومنجـزات أسلافھم.
وأضاف أن فكرة المؤتمر جاءت متصلة بـأھـداف النادي الثقافي التي أنـشئ مـن أجلھا، وانطلاقًا مـن الحرص البالغ عـلى تاریخنا العماني والإسلامـي الأصیل.
وأكد أن المؤتمر يأتي استكمالًا للجھود الـسابقة التي قام بھا النادي في برنامجه، والمتمثلة في دراسـة أعـلام عُمان الذین خلّد الدھـر حضورھم، وتعريف الجیل الحاضر بھم وبما قدموه مـن خدمة كبرى. مشيرًا إلى أن عُمان زخرت بأعلام عظام في مختلف مجالات الفكر والإبداع فتنوع عطاؤھم في شتى العلوم والمعارف عبر مساحة زمانیة ومكانیة شكلت مصدر فخر واعتزاز تركت آثارھا إلى الیوم، لیشكل كل ذلك منارة لمقتنصي شوارد الفكر وشعاع الإبداع.
ووضح أن المؤتمر يشارك فيه 62 باحثًا مـن داخل سلطنة عُمان وخارجها مـنھم 45 باحثًا من الخارج شملت اثنتي عشرة دولة من مصر وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والسودان والـعراق وفلسطین والأردن ولیبیا ولبنان.
ويتضمن المؤتمر في أيامه الثلاثة 6 محاور رئيسة، حمل أولها عنوان “حياة الإمام الربيع والأوضاع الفكرية والاجتماعية والسياسية في عصره” فيما جاء المحور الثاني بعنوان “الإمام الربيع وإسهامه في حفظ السنة النبوية” والمحور الثالث بعنوان “الإمام الربيع وفكره العقدي والفقهي والأصولي” أما المحور الرابع فجاء بعنوان “آثار الإمام الربيع ومصادر المعرفة لديه” والمحور الخامس بعنوان “المشروع الإصلاحي والدعوي عند الإمام الربيع (مشروع أمة)” وحمل المحور السادس عنوان “فكر الإمام الربيع وتجربته – رؤية مستقبلية”.
وقُسّم المؤتمر في يومه الأول إلى خمس جلسات أدار الجلسة الأولى الدكتور أحمد بن يحيى الكندي وشارك فيها الدكتور سالم بن راشد البوصافي من سلطنة عُمان بورقة عمل عنوانها “الخصائص والسمات الشخصية التي شكلت شخصية الإمام الإبداعية”، فيما قدما الدكتورة خلود الخاطرية والدكتور بدر العلوي من سلطنة عُمان ورقة بعنوان “الحياة الاجتماعية والاقتصادية في عمان خلال القرنين (1-2هـ/7-8م) من خلال فتيا الإمام الربيع الفراهيدي (ت: 180هـ/796م)”.
وتناولا الدكتور راشد بن علي الحارثي وداود بن سليمان الحارثي التحديات الدعوية وجهود الإمام الربيع في مواجهتها، كما قدم الدكتور زياد أبو حماد من الأردن والدكتور أحمد الكندي من سلطنة عُمان ورقة بعنوان “بلاغات مسند الإمام الربيع ومنهجية السالمي في التعامل معها في كتابه شرح الجامع”.
وشارك في الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور صالح بن أحمد البوسعيدي، الدكتور محمد الشريفين من الأردن بورقة عنوانها “مقالة: مسند الربيع بن حبيب- دراسة نقدية”، والدكتور لؤي محمد الشريف من مصر بورقة عمل بعنوان “الروض البديع في إسهامات الإمام الربيع في خدمة السنة الشريفة المطهرة”.
وقدم الدكتور فتحي نصر بوعجيلة من تونس ورقة بعنوان “مسند الربيع وموطأ مالك: دراسة مقارنة ونقد” وورقة بعنوان “مرويات الإمام الربيع بن حبيب في مدونة أبي غانم الخرساني: جمعًا وتخريجًا” قدمها حاتم بن رشيد السيابي من سلطنة عُمان، واختتم الجلسة الدكتور صلاح الدين طلب فرج من فلسطين بورقة عنوانها “اختيارات الإمام الربيع في كتاب النكاح من خلال المدونة الكبرى لأبي غانم الخرساني”.
وأدار الجلسة الثالثة التي أقيمت في معهد العلوم الإسلامية التابع لجامع السلطان قابوس الأكبر الدكتور محسن السالمي وشارك فيها الدكتور صالح بن أحمد البوسعيدي من سلطنة عُمان بورقة عمل عنوانها “روايات الإمام الربيع بن حبيب مقارنة بالكتب الستة: دراسة تحليلية مقارنة”، فيما قدم الدكتور الحاج أحمد كروم من الجزائر ورقة عمل بعنوان “منهج رواية السنة النبوية عند الإمام الربيع بن حبيب”، وتناول الدكتور محمد الصافي من المغرب عبر ورقته إسهامات الإمام الربيع بن حبيب في العناية بالسنة النبوية وحفظها من خلال مسنده (80هـ /175هـ).
وتطرق الدكتور محمد الهادي جابلي من تونس في ورقته إلى دور الإمام الربيع بن حبيب في تدوين السنة النبوية، واختتم الدكتور ناصر بن سليمان السابعي من سلطنة عُمان الجلسة بورقة حول تقويم موقف مدرسة المحدثين من مسند الإمام الربيع بن حبيب.
وشارك في الجلسة الرابعة التي أدارها الدكتور محمد الشريفين الدكتور مهدي عرار من فلسطين بورقة عمل عنوانها “مسند الإمام الربيع بن حبيب: مسائل لفظية وحركات جسدية”، وقدم فوزي بن يونس حديد من تونس ورقة عمل بعنوان “الربيع بن حبيب وأسرار عدم شهرته وقوة مسنده”، فيما تناول الدكتور أحمد حسين جودة من مصر عناية الباحثين بمسند الإمام الربيع وشرحه في جانبي الرواية والدراية “دراسة وصفية”.
من جانبه قدم خالد بن عايش النصيري الهاشمي من سلطنة عُمان ورقة عمل بعنوان “الإمام الربيع بن حبيب وأثر مروياته في معالجة المشكلات الفكرية والسلوكية المعاصرة” أما الدكتور أحمد وجيه عبيد من لبنان فتطرق إلى إسهامات الإمام الربيع بن حبيب في حفظ السنة النبوية.
أما الجلسة الخامسة والختامية في اليوم الأول من المؤتمر الدولي فأدارتها الدكتورة خلود الخاطرية وشارك فيها الدكتور عمرو محمد غانم من مصر بورقة عمل عنوانها “عقود الغرر والربا في مسند الربيع وآثارها الاقتصادية” وتناول الدكتورة فريدة زايد بوتمجت من الجزائر في ورقتها منهج الإمام الربيع في عرض مسائل العقيدة المختلف فيها، فيما تطرقت الدكتورة نجية القاسمية من سلطنة عُمان في ورقتها إلى الفكر العقدي عند الإمام الربيع بن حبيب، واستعرض الشيخ سعيد بن ناصر الناعبي فكر الإمام الربيع بن حبيب العقدي والفقهي والأصولي.
ويصاحب المؤتمر معرض يشمل مؤلفات الإمام الربيع من كتب ومخطوطات ورسائل، بالإضافة إلى أبرز الكتب والأبحاث التي عنيت بشخصية الإمام الربيع وآثاره العلمية بالتعاون مع وزارة التراث، وذاكرة عُمان، ومكتبة الإمام السالمي، والمكتبة البارونية بتونس، ومعهد عمي سعيد بالجزائر.
الجدير بالذكر أن المؤتمر في يومه الثاني سيشتمل على عقد 5 جلسات رئيسة ستتناول عدة موضوعات منها المقاربات الحديثية والفقهية من خلال مسند الربيع بن حبيب وموطأ مالك بن أنس والتخريج الفقهي عند الإمام الربيع بن حبيب من خلال المدونة الكبرى لأبي غانم الخرساني ومنهجية تأويل الآيات القرآنية عند الإمام الربيع بن حبيب من خلال مسنده ودراسة مصادر الإمام الربيع في الفقه الإسلامي في ضوء الموسوعات الشرعية العمانية.
كما سيتم التطرق إلى بيان أصول الربيع بن حبيب والمنهج الفقهي والأصولي عند الإمام الربيع بن حبيب وقراءة في الآراء الفقهية الخاصة للإمام الربيع بن حبيب والمنهج الأصولي للإمام الربيع بن حبيب مقاربة منهجية تاريخية والمنهج الفقهي للإمام الربيع بن حبيب في كتاب” فتيا الربيع” والاجتهاد المصلحي عند الإمام الربيع بن حبيب من خلال فتاويه وآثاره الفقهية.
أما في يومه الثالث والأخير فسيتناول المشاركون في المؤتمر عبر أربع جلسات رئيسة عدة موضوعات منها الإمام الربيع بن حبيب الداعية المصلح، والتحديات الدعوية وجهود الإمام الربيع، والتجربة الدعوية عند الإمام الربيع بن حبيب ورؤية مستقبلية لفكر الإمام الربيع ونقد تجربته، كما ستخرج الندوة في ختامها بمجموعة من التوصيات.