الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
في الأسبوع الماضي اكتظت أقسام الطوارئ في بعض مستشفيات مسقط التي توفر العلاج النفسي بالمرضى، وانشغل الطبيب المناوب في تقييم المرضى و تقديم العلاج المناسب و تحويل البعض منهم إلى أجنحة الطب النفسي ليتم ترقيدهم، ولعل هذه الزيادة الملحوظة في عدد المرضى مرتبطة بشكل ما بارتفاع درجات الحرارة التي تشهده محافظات السلطنة مؤخرا، و تشير الدراسات العلمية أن مزاج الإنسان و سلوكه العام يتأثر بالمناخ العام للمكان الذي يتواجد فيه حيث تصف كتب الطب النفسي ما يسمى بالاكتئاب الموسمي الذي يشيع في الدول التي يطول فيها فصل الشتاء و تنخفض درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر و قد لا تظهر الشمس لعدة ايام فيشعر البعض خلال تلك الفترة بالحزن الشديد و الخمول و فقدان النشاط و قضاء معظم الوقت في السرير و تناول كميات كبيرة من الطعام و عادة ما يتحسن مزاج الفرد مع انتهاء فصل الشتاء، ولعل غياب ضوء الشمس من أسباب هذا النوع من الاكتئاب لذا يقوم الأطباء بوصف جلسات العلاج بالضوء الذي يحاكي ضوء الشمس.
تولي العديد من الدول موضوع تأثير التغير المناخي على البيئة بعض الاهتمام و تعقد جلسات النقاش في المحافل و المؤتمرات الدولية والتي عادة ما تركز على التبعات الاقتصادية والمالية دون التطرق الي الآثار النفسية ، وعندما تحدث الكوارث الطبيعية مثل الاعاصير و الفيضانات يتطوع الأفراد لتقديم الطعام والمأوى والمساعدة للمتضررين من تلك الكوارث ومع ذلك، نسمع قليلاً عن الدعم النفسي أو ما يعرف بـ “الإسعافات النفسية الأولية”. حتى عندما تُقدم مثل هذه التدخلات، فإنها في كثير من الأحيان تكون محدودة وتُقدم من قبل متطوعين غير مدربين بشكل جيد في مجال الصحة النفسية.
تشير الدراسات الجديدة إلى أن الأحداث الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والحرائق البرية والفيضانات والجفاف يمكن أن تسبب الاضطرابات النفسية مثل القلق والشعور بالعجز والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة وأفكار الانتحار. كما تشير الدراسات العلمية الحديثة إلى وجود تربط بين ارتفاع درجة الحرارة وزيادة في العدوانية والسلوك الإجرامي بين الأفراد، أتذكر أن الأشخاص حضر للاستشارة بعد إعصار جونو الذي تعرضت له السلطنة عام 2007 عندما غرقت سيارته في الفيضانات و منذ ذلك الحين، أصبح يشعر بالقلق الشديد والهلع عند رؤية السحب الثقيلة ويمنع أفراد أسرته من مغادرة المنزل، ولا يستريح حتى تختفي السحب و استمرت هذه الحالة لديه لسنوات عديده.
و حسب الدراسات الحديثة فان الأفراد المصابين الاضطرابات النفسية و مدمني المخدرات يكونون أكثر عُرضة لخطر الوفاة بسبب الحرارة والرطوبة المتزايدة بنسبة 25 % إلى 30% مقارنة بغيرهم . و قد يؤثر التغير المناخي أيضًا على تطور نمو الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة بينما يزيد تلوث الهواء وارتفاع درجات الحرارة من خطر السكتة الدماغية والخرف بين كبار السن.
يمكنك الانتباه إلى تغيرات مزاجك التي تحدث خلال فصول السنة المختلفة والقيام ببعض الأنشطة التي يمكن أن تحافظ على توازنه مثل تنظيم ساعات النوم والتعرض لأشعة الشمس خلال فصل الشتاء وتناول الطعام الصحي، و في فصل الصيف أكثر من شرب الماء وتناول الفواكه و تجنب الخروج تحت أشعة الشمس الحارقة، واذا تمكنت من السفر إلى المناطق الاقل حرا فان ذلك يمكنه من تحسين مزاجك و شحن طاقتك لتعود بعدها الى عملك و انت بكامل حيويتك.