سالم الفارسي
ربما يوافقني كثيرون على تسمية مواقع التواصل الإجتماعي بمواقع التقاطع الإجتماعي ولا أعتقد أنني سأكون قد بالغت لو أسميتها بمواقع “التناحر” الإجتماعي وذلك لما ساهمت فيه وبشكل كبير في نشر الكراهية بين الأفراد والشعوب وما تسببت فيه من دمار وخراب للدول والمجتمعات، وما أحداث الربيع العربي عنا ببعيد، حيث كانت هي الداعم الأساسي لانتشار هذه الثورات في أرجاء الوطن العربي منذ عام 2011م.
إذ لم يكن لثورات الربيع العربي انتشار يتوقع لولا هذه المواقع التي سهلت نشر هذا الفكر، ولما لها من دور كبير في تسهيل عملية التواصل بين الأفراد بما يسهل نشر الأفكار التحريضية التي تدعو إلى الخروج على الأنظمة الحاكمة بحجج في ظاهرها براقة انجذب لها الجميع فخرجوا ضد حكوماتهم إلى أن آل بهم الوضع إلى حروب ودمار وقتل وتشريد.
وها هو المشهد الآن يتكرر بالاستخدام السلبي والخاطئ لمواقع التواصل الإجتماعي وتوجيه أقلامهم وحساباتهم للنيل من الأفراد والمجتمعات والدول والشعوب، غير آبهين لما قد تؤول إليه النتائج من جراء ما يطلقونه بتغريداتهم المحملة بالغل والحقد والمغلفة بالكذب والافتراء، لا لشيء وإنما من أجل تنفيذ أجندات سياسية في أغلب الأحيان لا يعوون الهدف منها، إلا أنهم وجهوا لإطلاقها، وهذا ما نشاهده في بعض الحسابات التي تهاجم سلطنتنا الحبيبية.
ولكن ما يثلج الصدر هو ذلك التفاعل الشعبي والوقوف المستمر من قبل المواطنين في وجه كل من يتفوه بكلمة ضد السلطنة ورموزها والرد عليهم وفق الثوابت العامة التي يتصف بها العمانيين على مر العصور المتمثلة في الأخلاق العالية حتى عند التعامل مع خصومهم، ولذلك نجد أن البعض يردون على الإساءة بردود مفحمة تلجم كل من تعدى على عمان وأهلها بطريقة تحفظ لهم مكانتهم وأخلاقهم العالية، وكأنهم يؤكدون للعالم بأن الساحة الإلكترونية ليست مقاماً لرجال عمان لينازلوا فيها خصومهم.
إن ما يشهده الفضاء الإلكتروني من صراعات ينبغي علينا التعامل معها بحذر شديد، والعمل بقاعدة النأي عن النفس وعدم الدخول في نقاشات لا طائل منها، كما علينا أن نكون صفاً واحداً في الوقوف في وجه كل من يحاول المساس بعمان وأهلها والتعدي على الوحدة الوطنية لهذا البلد العظيم.