العمانية – بدأت بمبنى الأمم المتحدة بنيويورك فعاليات معرض رسالة الإسلام من عمان الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع الوفد الدائم للسلطنة لدى الأمم المتحدة ويستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري. رعى فعاليات المعرض معالي ماريا اسبينوزا فرناندا رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور عدد من الشخصيات الأممية ومن المندوبين الدائمين والسفراء العرب والأجانب ورؤساء المراكز الدينية والجاليات العربية والمهتمين والأكاديميين وعدد كبير من المدعوين في المجتمع الأمريكي.
وأكد سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي المندوب الدائم للسلطنة لدى الأمم المتحدة على أهمية إقامة المعرض في الأمم المتحدة لتعزيز قيم التعايش السلمي والحوار بين الأديان وهي منظمة دولية تقوم على هذه المبادئ ذاتها، وخصوصا ما شهده العالم في الفترة الأخيرة من تزايد وتيرة الكراهية والإرهاب منذ أحداث هجمات ١١ سبتمبر وما شهدته نيوزيلندا مؤخرا.
وقال سعادته إن محتويات المعرض من اللوحات والمعروضات الفنية والتاريخية معبرة عن السلطنة بالإضافة إلى عرض الرسم بالرمل كلها تصب في المسعى العالمي النبيل من أجل الإنسان ونشر قيم التعايش وإحلال السلم والأمن والاستقرار. من جانبه أكد محمد بن سعيد المعمري المستشار العلمي بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية والمشرف العام على معرض (رسالة الإسلام من عمان) على أن إقامة المعرض في منظمة الأمم المتحدة دليل آخر على نجاح الدبلوماسية العمانية والتقدير الأممي الذي
تحظى به السلطنة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه الذي أرسى دعائم العدل والمساواة والقيم الإنسانية المشتركة والإرث الحضاري العماني والانفتاح التجاري والثقافي والتواصل القائم على تبادل المصالح بالإضافة إلى منظومة قانونية تحفظ الحقوق وتحقق كرامة الإنسان.
وقد عبر زوار المعرض عن سعادتهم وتقديرهم لإقامة معرض رسالة الإسلام من عمان في منظمة الأمم المتحدة حيث قالت سعادة ماريا لويزا ريبيرو وكيلة الأمين العام ورئيسة مكتب الأمين العام إنه معرض عظيم ويعبر عن جذور التسامح الديني والحوار في عُمان. من جانبه قال سعادة السفير سيد أكبر الدين المندوب الدائم لجمهورية الهند في الأمم المتحدة نحن في الهند ندرك تماما تقاليد سلطنة عمان الخاصة في التسامح وكونها جسرا للتفاهم بين الثقافات. واشتمل المعرض على لوحات معرض رسالة الإسلام من عمان على لوحات من الفن التشكيلي العماني والخط العربي بالإضافة إلى عرض بعض التحف العمانية وملامح الحياة العامة في السلطنة ماضيا وحاضرا.
كما اشتمل المعرض على رسائل عالمية وهو حملة إعلامية عالمية تهدف إلى نشر ثقافة التعايش والسلام والتسامح والوئام عبر نشر بطاقات تعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات. وتمثلت الحملة الأولى المصاحبة للمعرض عبارة افعل شيئا من أجل التسامح” وتهدف إلى تمكين كل شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التي يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط في نشر ثقافة التسامح في المجتمعات الإنسانية وتقديمها كمبادرات فردية وجماعية ومؤسساتية يكون لها إطارها العملي في المحيط.
وجاء اختيار هذا الشعار إيمانا بأهمية قيمة التسامح في ردم الهوة في العلاقات المتوترة وتقريب وجهات النظر المختلفة وإيجاد مساحات مشتركة في أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام مع مناسبة هذا الشعار للأفراد في محيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول. وتم حتى الآن إصدار سبع بطاقات لهذه الرسائل الأولى تحمل رسالة “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” وهي جزء من آية كريمة تقرر سنة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل فهي ميزة إنسانية في غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق وانتقام.
وتحمل الرسالة الثانية “أحب للناس ما تحب لنفسك” وهي جزء من حديث نبوي شريف يعمق في النفس الشعور بأهمية الأنفس الأخرى وتقديرها ويلفت نظر الإنسان إلى أنه ضمن مجموع إنساني يتأثر ببعضه البعض، فإن كان يود لنفسه خيرا فليحب ذلك لغيره. وتحمل الرسالة الثالثة “خالق الناس بخلق حسن” وهي كذلك جزء من حديث نبوي شريف وتحمل مفهوما إنسانيا بجعل الأخلاق محور التعاملات بين البشر، وأساسا للتعايش فيما بينهم، نظرا لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحي ونفسي عميقين وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات. وأما الرسالة الرابعة تحمل عنوان “وبالوالدين إحسانا” وهي جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتم اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق.
كما تحمل الرسالة الخامسة عنوان : “أد الأمانة إلى من ائتمنك “ من أجل تعزيز خلق الآمانة بين الناس، كقيمة مهمة في التعاملات الانسانية. واشتمل الحفل على عرض حي لفن الرسم بالرمال قدمته الفنانة العمانية شيماء بنت أحمد المغيرية حيث أبهرت الزوار بمهارتها وقدرتها على التعبير بحبات الرمال والرسم بها وتقديم لوحات معبرة عن رسالة عمان للعالم . كما شارك الفنانون العمانيون في فعاليات المعرض بمواهبهم وإبداعاتهم الفنية، حيث شارك الخطاط العماني محمد بن ناصر السابعي في فعاليات المعرض، من خلال لوحات الخط العربي وكتابة أسماء ضيوف المعرض والمشاركة الفاعلة في تمثيل السلطنة.
وأقيم على هامش المعرض عرض بعض الكتب العمانية المهتمة بالتواصل الحضاري وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين في السياق العالمي للمعرفة والثقافة والعلوم. الجدير بالذكر أن معرض (رسالة الإسلام) تم إطلاقه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عام ٢٠١٠م وزار أكثر من سبع وثلاثين دولة وأكثر من مائة وعشرين مدينة حول العالم حتى الآن ، ويحمل عنوان : ( التسامح والتفاهم والتعايش : رسالة الإسلام في سلطنة عُمان) ويهدف إلى نشر مظلة هذه القيم بين شعوب العالم وقد اكتسب المعرض قبولا متناميا في الأوساط العالمية ، وتم التنسيق بشأنه مع عدد من المنظمات العالمية وأهمها منظمة اليونسكو والعديد من المراكز الدينية المهتمة بنشر القيم المعتدلة والدعوة إلى السلم والعيش المشترك بين الناس والثقافات والأديان.