الصحوة- سالم الفارسي
شهد سوق السيارات بشكل عام في السلطنة في السنوات الأخيرة منافسة قوية بين الوكالات التجارية التي تبيع السيارات الجديدة وبين السيارات المستعملة التي تعرضها المعارض والتجار، فكل الطرفين يسعى لكسب المستهلك ويوفر له السيارة التي تناسبه حسب احتياجاته، كلاً بسياسته الترويجيه ومراعاته للحاجات والمتطلبات التي يطلبها المستهلك، حيث أن الضمان والتمويل وخدمة ما بعد الشراء لم تعد حصراً لوكالات السيارات، فأصبح سوق السيارات مزخماً بالمعروض، متنوعاً في الأنواع والموديلات، وما على المستهلك سوى أن يختار بكل اريحيه وهو في بيته قبل أن يصل للقرار النهائي في شراء السيارة، وذلك عن طريق التقنيات الحديثة التي نعيشها في عصرنا هذا كالمواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
ومما يبرهن ويؤكد هذه المنافسة في شراء السيارات الجديدة والمستعملة ما نلاحظه على طرقنا بشكل يومي، فعدد السيارات قد زاد وكذلك تنوعها، فسابقاً أعتدنا في شهر رمضان من كل عام أن نشاهد كثرة السيارات الجديدة المستخرجة من الوكالة بأرقام الفحص ذات اللون الأخضر والتي كانت تنتشر على الطرق بشكل كبير، لدرجة أن البعض ينتظر قدوم الشهر الفضيل لشراء سيارات جديدة وذلك لما يجدونه من عروض حصرية تقدمها الوكالات التجارية للمستهلكين والمتمثلة على سبيل المثال في خفض سعر السيارة وتسهيل اجراءات الشراء كالتقسيط والتمويل والضمان وتقديم عروض حصرية للصيانة ما بعد الشراء والخدمات الأخرى وكذلك الجوائز القيمة المغرية والسحوبات التي تقدمها هذه الوكالات، ولكن ما شد انتباهي في رمضان هذه السنة هو قلة عدد السيارات الجديدة المستخرجة من الوكالات التجارية ونحن في منتصف الشهر الفضيل.
فيا ترى ما هي الأسباب وراء ذلك؟ وهل لإتساع نطاق حركة شراء السيارات المستعملة سواءً من داخل السلطنة أو المستوردة من الخارج له تأثير في تغير اتجاه المستهلكين لشراء السيارات، وهل أصبح المستهلك ذا وعي كبير قبل أن يقبل على شراء السيارة (الجديدة أو المستعملة) وخاصة تلك التي تكلفه مبالغ كبيرة بالكاش أو بالأقساط. هنا سوف نتطرق لموضوع المنافسة في بيع السيارات الجديدة والمستعملة من عدة زوايا لتكتمل الحقائق حوله، فالمستهلك هو الطرف الأول والأساسي في الموضوع تليه الوكالات التجارية، وكذلك معارض السيارات، والتاجر الذي يعمل في بيع وشراء السيارات المستعملة.
وحول هذا الموضوع يقول هلال الشرجي إن قطاع السيارات في السلطنة شهد تغيرات كثيرة على مدار السنوات الأخيرة شمل بعضها قرارات حكومية تمثلت في منع استيراد السيارات التي يزيد عدد سنوات تصنيعها عن العشر سنوات وهذا مما دفع بعدد كبير من المستهلكين لتعجيل عملية الشراء قبل تنفيذ القرار وفي الأساس أن سوق السيارات بالسلطنة متشبعاً من ناحية نسبة توافرها وتنوعها فما على المشتري إلا أن يختار ما يناسبه، ومن وجهة نظري أرى أن تجارة السيارات المستعملة أصبحت منتشرة بين كثير من فئة الشباب والتي أصبحت تمارس بيع وشراء السيارات كمهنة وهواية في ظل الظروف الميسرة والتي أصبحت تعتمد على مواقع الأنترنت الموثوقة والتي تعطيك تقريراً شاملاً عن حالة السيارة منذ خروجها من الوكالة وتوثقه بالصور المتعددة.
ويضيف الشرجي: هناك مجموعة من النقاط تدفع بالشخص لشراء سيارة مستعملة، أولها توفير المال فمثلاً يستطيع الشخص أن يشتري سيارة مستعملة ذو حالة ممتازة ليست مستهلكة كثيراً بقيمة 6000 بدلا لا يشتري سيارة جديدة من الوكالة قيمتها 10000 ريال، فهنا يكون قد وفر مبلغ ليدخره لأشياء أخرى، وكذلك عملية شراء السيارة المستعملة تمكنك من تفادي الخسارة المستقبلية، فمن المعروف أن أغلب السيارات الجديدة عادة تخسر من قيمتها إذا فكرة في بيعها خلال فترة بسيطة من شرائها لأي ظرف كان، غير أنه في المقابل يمكنك تجنب ذلك عند شراء سيارة مستعملة.
ويحدثنا سعود السليماني من واقع تجربته الشخصية في هذا المجال، فهو يشجع وينصح الشباب المقبلين على الحياة بعدم التكليف على أنفسهم والتسرع بشراء سيارات جديدة من الوكالة ذا مبالغ مكلفة قد تعيقهم مستقبلاً من تكوين حياتهم، فالتخطيط منذ البداية أساس النجاح في الحياة بشكل عام، وهنا أرى أن شراء سيارة مستعملة ونظيفة خالية من العيوب والمشاكل هي الخيار المناسب لفئة الشباب، وضروري أن نفحص السيارة بشكل جيد قبل شراءها لكي لا تكون عبء آخر علينا بعد ذلك من ناحية التصليح ومضيعة الوقت والمال. فالمعروض في السوق يتيح لنا اختيار الأنسب وذلك لكثرة المعروض وتعدد الأنواع في ناحية شركات السيارات فمثلا في فئة الصالون تجد شركات كثيرة وكذلك بفئة سيارات الدفع الرباعي والسيارات الرياضية.
ويقول المعتصم الرواحي من وجهة نظري إن إقبال الناس وطلبهم زاد على السيارات المستعملة المستوردة من الخارج والتي أصبحت مطلوبة بشكل كبير، فالسيارات الواردة من أمريكا مباشرة أو اليابان أو حتى من دول الخليج المجاورة أثرت على سوق السيارات وأسعاره، وخاصة أن كل سيارة تكون مرفقة بتقرير شامل عن حالتها منذ استخراجها من الوكالة في الدولة المصدرة منها، وكيف كانت صيانتها، ومدى تعرضها لحادث أو لا، كل هذا مرفق بصور متعددة مع التقرير. فأصبحت الخيارات متوفرة وبأقل من الأسعار التي كانت محتكرة من قبل الوكالات التجارية، ولا ننسى أن نذكر هنا أن الكثير من سيارات الوارد تحمل مواصفات وتقنيات تتفوق بها على السيارات الخليجية من ناحية نسبة الأمان والتقنية.
ويرى الرواحي أن نسبة كبيرة من أفراد المجتمع أصبحت تواكب العصر وترى أنه من الضروريات أن يمتلك الفرد سيارة بها مواصفات تناسب مستوى الرفاهية في حياته، فكاد أن تكون الكاميرا والحساسات وشاشات العرض بالسيارة والتشغيل بضغطت زر من الأشياء الأساسية في أغلب السيارات المستورة من الخارج حتى الصغيرة منها.
وحول هذا الموضوع يقول مظاهر بن محمد آل طالب صاحب معرض ” فورملا للسيارات” أن المقارنة صعبة بين نسبة بيع السيارات الجديدة المشتراة من الوكالة وبين السيارات المستعملة ما لم توجد هناك احصائية دقيقة لمعرفة ذلك، لأن لوحات أرقام الفحص ذات اللون الأخضر ما عادت تركب على السيارات الجديدة المشتراة من الوكالة والتي كنا كثيرا ما نشاهدها وبالخصوص في فترة رمضان، فالأرقام الخضراء ما عادت تستخرج من قبل شرطة عمان السلطانية عدا لعدد معين من المركبات، فالآن أغلب السيارات الجديدة تنزل للسوق وتستخدم في الطرق وهي مرقمة باللوحة الخصوصية ذات اللون الأصفر.
وأضاف مظاهر: ما لا يمكن أن ننكره أن حركة شراء السيارات المستعملة في السلطنة لاقت رواجاً كبيرا وحركة لا مثيل لها فيما مضى من سنوات سابقة، وهذا يعزى لعدة جوانب، فمثلاً أصبح باستطاعت المستهلك أن يقتني سيارة مستعملة ذو رفاهية وفخامة بمبلغ 7000 ريال بدلاً من السيارة الصغيرة التي يأخذها من الوكالة بنفس السعر وأكثر، وكذلك المعارض أصبحت تقدم الكثير من الحوافز والخدمات للمستهلكين، فمثلاً نحن في معرض فورملا للسيارات نقدم خدمات وعروض قيمة لا تقل عن عروض الوكالات التجارية فالسلطنة، فالمعرض يمنح المشتري ضمان لمدة سنة على السيارة وكذلك يقدم خدمة تمويل ميسرة.
وفي ذات الموضوع يقول عبدالسلام العبري صاحب معرض “العبري للسيارات” بمنطقة الحيل الجنوبية أن سوق السيارات المستعملة بالسلطنة أصبح مختلفاً عن الخمس سنوات الماضية، فمعارض السيارات زاد عددها وزاد مرتاديها وأرتفعت نسبة المبيعات فيها، فأصبحت بعض المعارض تنافس الوكالات وذلك ببيع سيارات جديدة نفس السيارات الموجودة فالوكالة ولكن بسعر أقل، وأيضاً تقدم عروض وخدمات مشابهة ومقاربة للعروض التي يحصل عليها المستهلك من الوكالة.
وأضاف العبري: إن الإقبال كبير على السيارات المستعملة، وما يزيد نشاط وحركة بيع وشراء السيارات المستعملة هو أن فئة كبيرة من المستهلكين أصبحوا يستخدمون السيارة لفترة محددة ومن بعد ذلك يستبدلونها بموديل أجدد، فمثلاً كثيراً ما تجد الشخص يستهلك سيارته لمدة 5 سنوات ومن بعد ذلك يعرضها للبيع ليقتني سيارة أجدد، وذلك لأنهم ينعمون بالرخاء الاقتصادي والقدرة المالية التي تمكنهم من التغيير. وما نلاحظه في مجتمعنا أن الأسرة الواحدة تمتلك أكثر من سيارة فالأب يتحرك بسيارته الخاصة وكذلك الزوجة والأبناء، لدرجة أن الشخص الواحد قد يمتلك أكثر من سيارة فتجده يخصص هذه السيارة الرياضية لاستخدام معين والسياراة ذات الدفع الرباعي للجبال والسهول والشواطيء وسيارة أخرى للمهمات الرسمية والتنقلات الأخرى.
وفي أخر السطر نقول بأن القرار يبقى شخصياً في عملية الإقتناء، كلاً حسب مستواه وقدرته المادية، وأن سوق السيارات المستعملة اتاح خياراً للمستهلكين، وقلل نسبة الاحتكار وخفض من أسعار السيارات، ويبقى الأختلاف في وجهات النظر حسب من يرى أن السيارات بكل أنواعها تؤدي نفس الغرض والهدف المرجو منها في التنقل وقضاء الحاجات سواء جديدة أم مستعملة، ومنهم من يرى أنها من مكملات الحياة الأساسية ومرتبطة بشخصية الفرد ومستواه.