الصحوة – تحقيق: أنغام المطروشي، طلحة الجهوري، مرام البلوشي.
يتعرض الإنسان في حياته اليومية لبعض العقبات والضغوطات التي قد تشكل حاجزاً وعائقاً في إكمال مشواره، وتعتبر الأمراض النفسية والضغوطات النفسية واحدة من أشد الأمور التي يتعرض لها الفرد والتي تؤثر سلبًا على أدائه الإنساني والاجتماعي والأكاديمي، والمرض النفسي يعادل المرض الجسدي ولكن نظرة المجتمع هي التي جعلت الأفراد ينظرون للمرض النفسي بنظرة دونية وهذا الأمر الذي جعل الذين يتعرضون للضغوطات النفسية يفرون من زيارة الطبيب.
الفرق بين المرض النفسي والاضطرابات النفسية:
المرض النفسي هو حدوث خلل في الوظائف المتعلقة بشخصية الإنسان ومن أسباب حدوث هذا المرض هو تداخل الظروف الخارجية – الاجتماعية والمادية أحيانا – مع الظروف الداخلية والتي يقصد بها النفسية والجسدية، ويشعر المريض أن لا حل للمشكلات ويشعر باليأس وقد يدخل في حالة اكتئاب وتوتر وهذه الأعراض تؤدي بالفرد إلى الشعور بالضيق وأن الحياة لا هدف ولا مراد لها وشعوره بالانتحار يزداد.
الاضطرابات النفسية: بينت بعض المصادر أن الاضطرابات النفسية هي مرض عقلي يشخصه أخصائي الصحة العقلية، من خلال تشويش تفكير المريض وإخراج مزاجية وزيادة شعوره بالألم أو الموت أو فقدان الحرية أو العجز، ولإثبات الإصابة يجب أن تكون ردة فعل المريض أكثر حدة من الاستجابة المتوقعة، وقد تم تحديد عدد كبير من الاضطرابات النفسية، ومن الأمثلة عليها الاكتئاب واضطراب الشخصية الحدية وانفصام الشخصية واضطرابات الأكل وسلوكيات الإدمان.
ما مدى اهتمام سلطنة عمان بالصحة النفسية؟
ينعكس اهتمام سلطنة عمان بالصحة النفسية من خلال ما توفره من طاقم صحي للعناية بالمرضى النفسيين أو الحالات التي تتطلب مراقبة أو علاج نفسي أو إرشادي.
من جوانب هذا الاهتمام هو افتتاح توسعة قسم الصحة النفسية بمستشفى السلطان قابوس بصلالة في مارس عام ٢٠١٧ وتضمن التوسعة قاعة لجلسات العلاج النفسي، أربع غرف تنويم للمرضى، صالة رياضية مصغرة وأخيراً استراحة خاصة بالمرضى.
ثاني جانب من اهتمام السلطنة بالصحة النفسية هو إنشاء مستشفى المسرة وهو إحدى أقدم المستشفيات وأشهرها في الجانب النفسي ويعتبر مستشفى المسرة المستشفى المرجعي الوحيد في السلطنة الذي يقدم الرعاية الصحية الثلاثية للأمراض النفسية بسعة استيعابية تبلغ 245 سريراً، حيث ينقسم العلاج النفسي إلى أربعة فئات وهي الأمراض النفسية العامة، والأمراض النفسية لكبار السن، والأمراض النفسية للأطفال والمراهقين والطب النفسي الجنائي، كما أن المستشفى يقدم العلاج لمرضى إدمان المخدرات والكحول.
أما عن مستشفى الأمل للطب النفسي وعلاج سوء استخدام العقاقير والمواد المخدرة فإنه يعد أول مستشفى رائد في سلطنة عمان لخدمة القطاع الصحي لمرضى الإدمان والطب النفسي، تم تأسيسها واستخراج التراخيص الطبية بالسلطنة من القطاع الطبي على أعلى مستوى معايير الجودة والرعاية الصحية العالمية الخاصة بعلاج الإدمان والطب النفسي.
استمر اهتمام سلطنة عمان بجانب الصحة النفسية وذلك من خلال افتتاح مستشفى الأمل للطب النفسي وعلاج الإدمان بالرستاق في مارس عام ٢٠١٨.
وفي مقابلة أجريت مع بثينة محمد أخصائية إرشاد وتوجيه بكلية الطب والعلوم الصحية وضحت لنا أن من مميزات جامعة السلطان قابوس أنها قد وفرت مرشد في كلية الطب وذلك لمتابعة الحالات النفسية للطلاب ومستواهم وحياتهم كذلك، بالإضافة أن المرشد في جامعة السلطان قابوس يدرس طلاب السنة الرابعة في الطب بالتالي يتم تهيئتم للإرشاد قبيل دخولهم أو انتقالهم للجانب العملي ولكن أكدت على أن ذلك لا يعني أنهم أصبحوا مرشدين معتمدين وإنما فقط يتعلموا الأساسيات وشروط الإرشاد.
ولا ننسى قسم الطب السلوكي في مستشفى جامعة سلطان قابوس ومستشفى الرفاعة وغيرها من العيادات والأقسام المختصة بالصحة النفسية ولكن يعد هذا الاهتمام كله من جانب الحكومي.
ولكن ماذا عن نظرة المجتمع للإنسان أو الطالب الذي يعاني أو يمر بظروف نفسية؟
نظرة المجتمع والصحة النفسية:
لا شك أن الشخص الذي يتمتع بصحة جيدة في المجتمع هو ذلك الشخص الذي يشبع حاجاته النفسية، ويتقبل الواقع الذي يعيش فيه والمتوافق تماما مع المواقف الاجتماعية المختلفة والذي يتقبل بني جنسه ويتعاون ويتوافق معهم ويكون معهم علاقات الاجتماعية جادة فلا شك أن مثل هذا الشخص هو شخص أكثر عطاء من غيره للمجتمع ومتى تحققت الصحة النفسية لأفراد مجتمع ما.. كان هذا المجتمع أكثر رخاء.
لذلك كان من الضروري أن نضع في حسابنا أهمية الصحة النفسية في المجتمع بمؤسساته المختلفة الاجتماعية والصحية والاقتصادية والدينية عن طريق إشباع حاجات الأفراد وتكوين اتجاهات إيجابية قوية سليمة نحو هذا المجتمع وبهذا يقبل الفرد على تحمل المسؤولية الاجتماعية ويعطي المجتمع بقدر ما يأخذ أو أكثر مستغلا طاقاته وإمكانياته إلى أقصى حد ممكن.
كما أن الصحة النفسية تساعد في ضبط سلوك الفرد وتوجيهه وتقويمه بهدف تحقيق أفضل مستوى من التوافق النفسي.
وبعض المجتمعات تعاني من الأمراض الاجتماعية التي تؤدي إلى تمزقه، وتسود فيه ثقافة مريضة مليئة بعوامل الهدم والإحباط، وبالتالي يجب على المجتمع أن يهيئ بيئة اجتماعية آمنة تسودها العلاقات الاجتماعية السليمة والتي يشعر فيها الفرد بالأمان النفسي مما يحقق له صحة نفسية. ويعمل رفع مستوى الوعي النفسي بين أفراد الشعب للتخلص من كلفة الضغوط التي يتعرض لها في حياته ما قد يتعرض له في مستقبله حتى يأمن نفسيا ويعيش في أمان واستقرار مما يحقق له صحة نفسية، ويجب أن يكثر المجتمع من التوجيه والإرشاد النفسي والتربوي والمهني وكيفية الوقاية من الأمراض النفسية.
سعود الفارسي طالب من قسم الإعلام ذكر لنا أن مصطلح المريض النفسي كلمة جدا قوية وذات صدى واسع، ويختلف تصنيف الفرد لهذا المصطلح. الامراض النفسية ليس أن تكون بالضرورة مرتبطة بوضع الفرد النفسي وإنما تكون في تصرفات الفرد أو سلوكياته التي لا تتوافق مع المجتمع ولا تتوافق مع سلوكيات عامة الافراد. وإنما سلوكيات تعتبر مختلفة قد تكون مضرة بالنفس، ووجهة النظر اتجاه المريض المضطرب النفسي ألا يجب أن يؤخذ عليه نظرة سلبية ولابد أن تكون لدينا نظرة تلامس ظروف هذا الفرد والبيئة المحيطة فيه، أحيانا ليس بإرادة الشخص أن يبتلى بهذا المرض أو يحظر المرض لنفسه وإنما مضطر للتداعيات التي تحدث حوله أو للظروف التي يمر فيها إلى أن يوصل إلى هذه الحالة، ولكن الشيء المهم أن كيف يتم التعامل مع هذا الشخص المريض ونفكر كيف أن نجعل هذا الشخص يمارس حياته بشكل طبيعي دون النظر إلى الحالة التي يمر فيها.
تحدث دكتور محمد مختار ساطور أستاذ من قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية عن وجهة نظر المجتمع للطالب الذي يعاني من الضغوطات النفسية: الطالب الذي يواجه مشكلات نفسية والتي من الممكن أن تكون عضوية تكون هناك إفرازات في جسمه تحتاج إلى علاج بمعنى أن هناك أناس تذهب للطبيب لصرف دواء مضادات الاكتئاب أي أن تكون كيمياء جسم الطالب تعمل بشكل طبيعي والدكتور يقوم بصرف العلاج أو أدوية مضادة للاكتئاب حتى لا يدخل الطالب في حالة الاكتئاب، وهناك حالات اكتئاب تكون نهايتها أن ينتحر صاحبها.
وهناك بعض الطلاب يكون حجم الضغوطات التي يعانوا منها كبيرة على حسب حجم الضغوطات التي يوجهونها من الأسرة والمجتمع الذي تربوا فيه بمعنى أن يضغط عليه المجتمع بشكل قوي أو أن يسمع جملة أو كلمة جارحة من الأسرة يتحسس منها ويأخذها بعين الجدية ويكتم في نفسه وتعتبر هذه بحد ذاتها مشكلة.
ومن وجهة نظري أن كل هذه الأنواع تحتاج إلى تعاطف المجتمع معهم بمعنى أن لا أضغط عليه ولا أؤذيه أي أن تكون له معاملة خاصة، وكوني أعمل في مجالي هذه من ثلاثين سنة فمر علي الكثير من الحالات فهناك شخصيات خجولة جدا فأتعامل معه بطريقة لطيفة حتى أستدرجه في الحديث ولا يعني هذا أن يتحدث عن حالته، ويبتدئ في الحديث عن الأمور التي تضايقه وأحاول أن أبعد الخوف مني وكسر الحواجز وفي وسط الحديث ممكن أن أعطيه بعض النصائح بشكل غير مباشر وأشجعه على تطوير مستواه الدراسي وأخبره أنه قادر ويستطيع ويبدأ يخالط الناس وزملائه، فمن يعمل بوظيفة معلم أو دكتور يجب أن يكون أبا قبل كل شيء.
وكانت نظرة الدكتورة فاطمة الشكيلي من قسم الفنون المسرحية:” من أيام زمان وكان أي مرض نفسي يعتبر نوع من أنواع الجنون وخلل في الشخصية وتنظر لها على أنه شخص غير سوي، فحتى مع التطور المستمر في المجتمع فإن تلك النظرة ما زالت موجودة في أغلب المجتمعات الغربية، فما زالت تنظر للمرض النفسي من تلك الزاوية ويثبت لنا ذلك من خلال حالات الانتحار للمشاهير هناك والذي نستنج أنهم يعانون أخيرا من مرض نفسي مجهول لم يكن جماهيره على علم به”. أما في نظرتها عن المجتمعات العربية للمريض النفسي وبالتحديد المجتمع العماني قالت الدكتورة:” من وجهة نظري ما تزال تلك النظرة المقترنة بالمرض النفسي موجودة”.
إحصائيات:
وتوضح الإحصائيات التالية الحالات التي تستقبلها العيادات النفسية بكافة أنواعها في مستشفيات السلطنة والتي تم نشرها بصحيفة الوطن العمانية في عام ٢٠١٧
وصل إجمالي الحالات إلى ٥،٤٤٥ حالة سنويًا وهو عدد ليس بقليل لكي يستهان به.
ونستنتج كذلك أن وجود مثل هذا العدد من الحالات في عمان يعني أن الاضطرابات النفسية هي ظاهرة موجودة لا يمكن تجاهلها.
جامعة السلطان قابوس والصحة النفسية:
تعد جامعة السلطان قابوس من المؤسسات التعليمية الأولى بالسلطنة والتي أولت اهتمام لمسألة الصحة النفسية ويظهر ذلك لنا من خلال عدة أماكن وفرتها الجامعة لطلابها من داخل وكذلك لغير طلابها من خارج الجامعة.
وفي إطار ذلك قمنا بزيارة مركز الإرشاد الطلابي وعمل مقابلة مع الدكتور خالد العمري أخصائي إرشاد وتوجيه تطرقنا في البداية للحديث عن كيفية بداية الإرشاد للطالب فذكر أنه عندما يأتي الطالب يقوم بتعبئة استمارة موجزة ويحدد فيها تقريبًا درجة حاجته للمقابلة الإرشادية بالإضافة إلى ذلك أنه لو ذكر أنها عاجلة يقابله أخصائي مختص بالحالات العاجلة، ومن ثم تتم مقابلة الطالب وتحديد حالته هل هي بحاجة للتشخيص أم لا.
انتقل بعدها بالحديث عن علاقتهم بالطب السلوكي فوضح أنه إذا طلب الطالب بنفسه التحويل للطب السلوكي فيتم تشخيصه أولاً من ثم نحوله بالاتفاق معه إذا كان هناك داعي للأمر وإذا كانت الحالة ليست من ضمن إمكانيات الأخصائي – الإمكانيات المهنية- فمثلا إذا جاءنا طالب يعاني من الفصام أو اضطراب ذهاني فأنا كأخصائي غير مؤهل أن أعمل معه إلا بالدور الذي يحدده الطبيب النفسي.
وأضاف مكملاً على حديثه أن الطالب في مثل هذه الأوضاع هو مسؤول عن نفسه وهذا يعني أن لا أحد إطلاقا لديه الحق في أن يعرف أي معلومة عن الطالب إلا إذا هو نفسه سمح بذلك ومن فيهم أهله، ولذلك إذا أردنا أن نعطي معلومات لأهل الطالب أو حتى رئيس الجامعة نأخذ فنأخذ موافقة خطية من الطالب أن يوقع على ورقة هذه الورقة عبارة عن استمارة موافقة الطالب على كتابة تقرير فمن حيث المبدأ لا يحق للأهل المعرفة إلا إذا وافق الطالب على ذلك، وأحيانا قد يضطر الأخصائي في الكشف عن حالة المسترشد إذا ترتب على ذلك ضرر أو أذى لنفسه أو لغيره أو للممتلكات وهذا يعني الميثاق الأخلاقي يلزم الأخصائي بالكشف عن الحالات التالية: إذا هدد الطالب بإيذاء نفسه، إذا هدد الطالب أحد آخر وإذا هدد بتخريب أو بالقيام بأي أعمال عدائية في هذه الحالة يكوا الاخصائي مضطر إلى إبلاغ الجهة المعنية بذلك وهذا لا يعني أن يفضحه في الجامعة يخبر فقط من له علاقة بذلك.
واسترسل العمري حديثه: الحالات التي تمر على من المركز من وجهة نظري الشخصية وهذه النقطة ليست إحصائية رسمية في المقام الأول المشكلات الأكاديمية وفي المرحلة الثانية قد تكون مشكلات سوء التوافق مع الحياة الجامعية وفي المرتبة الثالثة قد تكون معنا مشكلات نفسية مثل أنواع الفوبيا والمشاكل الاجتماعية، الرهاب الاجتماعي، القلق، التوتر. أما عن دور الجامعة في مركز الارشاد الطلابي فالمركز هو مركز مستقل وهذه تعتبر نقطة قوة وهو مستقل بعمله ويتبع مباشرة مكتب نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية، وتدعم الجامعة المركز فهي تستجيب للمتطلبات وتوفر للمركز ميزانية معينة وهناك تواصل وأعمال مشتركة بين المركز وكليات الجامعة ولا تبخل الجامعة بأي فرص لتطوير المركز.
وتحفظ الدكتور عن الإجابة على سؤال هل هناك كلية معينة أو تخصص معين يقدم منه طلاب أكثر لكم وأجاب: هذا السؤال يخضع للسرية ولكن من الممكن أن أجيب على هذا السؤال أنه يعتمد ذلك على مدى توافق الطلاب مع الكلية أو مع التخصص، حجم الدعم النفسي الذي تقدمه الكلية لطلبتها، أيضا دور المرشدين الأكاديميين في الكلية في مساعدة طلبتهم.
ويحتاج الطالب في السنوات الأولى من دراسته إلى الإرشاد الطلابي غالبا أكثر من الطلاب الآخرين، ويستقبل المركز أيضا حالات من خارج الجامعة وليس شرطا أن تكون الحالة تعاني من مشاكل نفسية فالمركز هو وقائي وعلاجي ونمائي.
أما عن كلية الطب فقط أبدت اهتمامها بذلك الجانب من خلال تعيبنها لإخصائية الإرشاد بثينة محمد باقر.
قامت بثينة بطرح أبرز الحالات التي قد يمر عليها والتي قد كان أهمها ضغوط إدارة الوقت والمهارات الدراسية تلك هي أبرز المشاكل التي يمر بها الطلاب من الطب ولكن عندما تتعمق أكثر فأكثر تظهر أمور أكثر.
والسبب الرئيسي وراء ضغوط إدارة الوقت هو أن المجال الطبي والعلوم الصحية أن المجالين فيهم كثير من الحذر والمخاطر فالطالب هنا يتعلم أن يتخذ المسؤولية فمن البداية يشعر أنه عليه أن يتحمل ويتعلم كم هائل من المعلومات وهذا ما يسبب له ضغط نفسي.
ومن ثم تنتج مشاكل أخرى مثل قلق الاختبارات والتقديم العروض وكهذا ولكن هناك مشاكل مختلفة تتعلق بالجانب الاجتماعي.
لا أقول أن المجالات الثانية لا توجد فيها ضغوط بل فيها ضغوطاتها ولكن الطب فيها حياة بشر بين يديهم بالتالي الضغط هنا أعلى على الطالب
تعامل الكادر الأكاديمي والمعلمين مع المرض النفسي
المعلم أو الأكاديمي هو صانع الأجيال ومربيها، وله دور كبير في ترك بصمة على طلابه، وللأستاذ دور في التعامل مع الطلاب الذين يعانون من الضغوطات النفسية، فالطالب يقضي أغلب وقته في المدرسة أو الجامعة وفي هذا الحال يجب أن يكون المعلم ملمًا ومدركًا لأساليب التعامل والتدريس مع هذه الحالات أو على الأقل يستطيع التعامل معها.
الأستاذة سامية العربي معلمة لغة عربية بمدرسة البريمي للتعليم الأساسي ذكرت لنا تجاربها مع الطلاب الذين يشكون من المشكلات النفسية: أولا ألاحظ الطالب وتصرفاته إذا رأيت أنه خجول أو انطوائي أو يعاني من حالة نفسية وتوتر في بادئ الأمر أحاول التقرب منه حتى أتوصل إلى ما يشكو منه، بعضهم يحب المعلمة ويعتبرها أما له فيخبرها ويشكو لها، فتتواصل مع الأخصائية النفسية بالمدرسة التي بدورها تتواصل مع أهل الطالب وتحاول معرفة أسباب المشكلة والبدء بوضع خطة علاجية له، وفي بعض الأحيان تستعين بالأطباء وتتواصل مع الطب النفسي.
وفي الحقيقة أن بعض الطلاب حتى وإن كانوا يشكون من شيء لا يفصحون عن الأمر للمعلمة ويلتزمون بالصمت، وقد يكون الأهل على دراية مما يعاني منه ابنائهم ولكن يتحفظون خوفًا من المجتمع وحتى لا يحرج الطالب بين زملائه مع أن التعامل مع هذه الحالات يتم بسرية تامة، أما الطلاب الذين ألاحظ عليهم بعض التصرفات الغريبة والتي يصعب علي التوصل إلى معرفتها أقوم بتحويل الطالب للأخصائية النفسية التي تبدأ معه في فهم طبيعة المشكلة وتتواصل مع الأهل لوضع خطة علاجية، وللأسف الشديد أن أغلب الطلاب الذين يعانون من مشكلات نفسية الأهل لا يكونوا على دراية بها وغالبا يكون أهلهم منفصلين.