الصحوة – سليمة بنت عبدالله المشرفية
فطِنت قوى الاستعمار إلى أن الأمة الإسلامية إنما تستمد قوتَها وسيادتها من دينها ووحدتها تحت راية لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله وتفعيلِ الشريعة الربانية في كل مناحي حياتهم فسعوا بكل ما أوتوا من مكرٍ وخبث للحيلولة دون الأمة ودينها وانتهجت في ذلك مناهجا شتى فكانت في بداية الأمر تنتهج منهج (فرّق تسد) من أجل تفكيك الدول العظمى في الأمة وذلك بتشجيع الخلافات داخلها وتأجيج الطائفية والقوميات وقد نجح ذلك في تمزيق وحدة الصف العماني في الامبراطورية العمانية حيث تم فصل الجزء الأفريقي عن الأسيوي إثر وفاة السيد سعيد بن سلطان في القرن التاسع عشر ثم تمزيق أجزاء الامبراطورية شيئا فشيئا إلى أن أصبحت تضم عمان فقط مع ستينات القرن العشرين بل والحيلولة دون أي اتفاق شعبي ديني في الدولة الواحدة دون رضا بريطانيا -القوة الاستعمارية في الخليج- ونجح ذلك في تمزيق جسم الدولة العثمانية من قبل القوى الاستعمارية الروسية والبريطانية والفرنسية والايطالية ثم اقتسام تلك الأجزاء الممزقة فيما بينها !
إنني أعلم أنني بذلك أتحدث عن نظرية المؤامرة التي لا أنتصر لها كثيرا لكن وكما هو معلوم أن أمر هذه الدنيا قائم على التنافس والتدافع “ولولا دفعُ الله الناس بعضهم ببعض لفسدتِ الأرض ولكنَّ الله ذو فضلٍ على العالمين “
وأنك إن لم تكن قويا من الداخل تنازعتك القوى الخارجية ونجاح تلك القوى في مخططاتها وطموحاتها إنما بفعل الضعف الإسلامي والتخاذل فيما بين أمة الإسلام وانعدام الثقة والحوار الهادف والأرواح المخلصة لدينها وأوطانها وليس فقط بفعل القوة المادية لتلك القوى !
وإثر هذا التفكك وسعي الدويلات الإسلامية والعربية إلى تبنّي مصالحها الفردية بمنأى عن الأشقاء الآخرين روّجت قوى الاستعمار لها تشريعاتٍ جديدة بعيدة عن روح الإسلام و مناهجٍ تخدم مصالحها في إبقاء مارد الإسلام نائما فلم تعد أمة الإسلام تفعّل التشريعات الإسلامية بل إنها تنفر من كل أمرٍ تشم فيه رائحةَ الإسلام من الأمور الحياتية المختلفة ومحاولةٍ مستميته من أجل ابقاء الإسلام محصوراً في حدود المساجد والجوامع بشعائرٍ ظاهرية وخطبٍ مدونةٍ من قبل الدولة لا يستطيع الخطيب تعدّيها ولو بحرفٍ واحد!
أما اليوم وبعد كل هذا التفكك والتشرذم والتغريب الذي طال الأمة الإسلامية الواحدة من أقصاها إلى أقصاها
فلا عجب أن يتسلط عليها أعداؤها ويسومونها أشد ما يستطيعون من الذل والهوان ويلزمون كلَّ قُطرٍ منها بدفع ثرواته ومكتسباته بدعوى حمايته من قُطْرٍ آخر هو جزءٌ منه وذلك لعمر الله من المضحكات المبكيات في آن واحد!
لقد أصبحت الأمة الإسلامية تخشى سطوة بعضها بعضا أكثر من خيفتها أعدائها الحقيقيين وهذه غاية مراد الأعداء وعِزّ ما يطلبون إذ بذلك تقاتل الأمة نفسها بنفسها من غير أن تكلف للأعداء قطرة دمٍ واحدة وهذا منهجٌ سياسي يدل على حكمة العدو وتمكنه من فرض نفسه بجداره على المشهد الاسلامي والعربي..
إن عواصم دويلات الأمة الإسلامية لا تختلف كثيرا عن عواصم غيرها من الأمم من حيث تجاهل الأحكام الشرعية القرآنية والحكم فيها على غير ما أنزل الله والله تعالى وصف من يتجاهل حكم الله ولا يطبق شرعه ب”أؤلئك هم الكافرون”و “أؤلئك هم الظالمون”و “أؤلئك هم الفاسقون” كما أن قوانين الاقتصاد فيها هي ذاتها المعمول بها في الأمم الأخرى من حيث التعامل بالربا والسحت والقمار وغير ذلك ومن الناحية الاجتماعية فإن كثير من الرجال والنساء في المجتمع المسلم باتوا يقلدون الغربيين في عاداتهم وطرق حياتهم معتبرين ما سوى ذلك تخلفاً ورجعية فضلا عن انتشار الخمر والفواحش وغيرها من الموبقات ، فليت شعري أين استحقاق الخيريّة الذي شرّف الله به أمتنا ؟!”كنتم خير أمة أُخرِجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”
إن نصرة الله تعالى ومعيّته تأتي مع نصرة دين الله من حيث العمل بالتعاليم الربانية والإحتكام إلى كتاب الله في جميع نواحي الحياة وفي كل المجالات الدنيوية فهذا الكتاب هو دستورها الذي أنزله الله إليها من أجل العمل بأحكامه وتشريعاته وليس من أجل ترديده في مناسباتٍ معينة دون وعيٍ ولا تدبر “ولينصُرنَّ اللهُ من ينصره”