خاص بالصحوة – قالت صحيقة “انسايد أرابيا” في تقرير نشرته حول سياسة عمان البراغماتية مع اليمن أنه منذ بداية الحملة التي قادتها السعودية في اليمن عام 2015 ، عارضت عُمان الهجمات العسكرية للتحالف العربي ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم اليمنيين، ولعبت السلطنة دورًا دبلوماسيًا ماهرًا سعيًا إلى إنهاء النزاع من خلال محادثات الطاولة المستديرة التي تؤدي في النهاية إلى السلام .
كما ذكرت أن جهود مسقط حتى الآن لإحلال السلام في اليمن لم تسفر عن النتائج المرجوة منها واستمرت الحرب الأهلية ، مما يهدد أمن السلطنة. حيث كشف استخدام القوة في اليمن عن وجود فجوات بين المُقاربة العسكرية للشؤون الأمنية التي تستخدمها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة ، وتفضيل سلطنة عمان منذ أمد طويل للحلول السياسية للقضايا الإقليمية من جهة أخرى.
وقالت أن “هذا النزاع الذي لم يتم التوصل إلى حل له يشكل أكبر تهديد لأمن عمان ، وهي دولة مثل المملكة العربية السعودية تشترك في حدود برية مع اليمن”.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولون في مسقط يواجهون تحديًا في حماية محافظة ظفار الواقعة في أقصى الجنوب من الفوضى المجاورة، وذلك لأن ظفارتتشارك بطول 187 ميل من الحدود مع اليمن ، مما يجعلها عرضة للتأثيرات غير المباشرة من اليمن والتي يمكن أن تهدد السلام في السلطنة.
فمن الناحية الجغرافية السياسية كان للأزمة تداعيات سلبية على السلطنة ، ببساطة مسقط ترى أنها تُقلِق جهود المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة لتوطيد سلطتهما في اليمن واستخدام القوة العسكرية لتحقيق الأهداف السياسية.
وأوضحت الصحيفة أنه مع استمرار النزاع “من المرجح أن تجد مسقط صعوبة متزايدة في حماية مصالحها في اليمن من أعمال التخريب التي يقوم بها التحالف العسكري بقيادةٍ سعودية ، وعدم رغبة الحوثيين في إلقاء أسلحتهم وتقديم تنازلات ذات مغزى”.
و أشارت الصحيفة حديث الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في السلطنة ، يوسف بن علوي بن عبد الله ، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2018 الذي قال فيه “نتصور أن الحل السياسي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الواقع اليمني ، و يجب منح جميع الأطراف والقوى السياسية الخارجية في اليمن فرصة لتحديد مستقبل”.
هناك إجماع بين جميع الأطراف في اليمن ومجلس التعاون الخليجي بأن عُمان هي الدولة الخليجية العربية الوحيدة (وربما الدولة الوحيدة في العالم) القادرة على تحريك الأزمة اليمنية في اتجاه إيجابي تشهد على نجاحه سياسات مسقط الإقليمية.
وحول سياسة السلطنة بقيادة صاحب الجلالة السلطان قابوس، قالت الصحيقة “على مدى عقود ، سعت سلطنة عُمان تحت حكم السلطان قابوس إلى تفادي القيام بأعداء لا لزوم لهم ، وأيضًا استثمرت في العلاقات طويلة الأمد القائمة على الثقة والاحترام المتبادل مع الدول من جميع جوانب خطوط الصدع الجيوسياسية ، بما في ذلك إيران ودول مجلس التعاون الخليجي وشركائها الغربيين، بشكل رئيسي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة”.
وأضافت أن مخاوف عمان جاءت من العواقب المحتملة لعمليات التحالف العربي في اليمن مما أدى إلى حدوث مستنقع في خضم فوضى مميتة، وبوصفها الدولة الخليجية الوحيدة التي خرجت من مجمل الحملة ، اعتبرت عمان أن الخطط الرامية إلى تحقيق انتصار عسكري على المتمردين الحوثيين ليست واقعية على الإطلاق.
نظرت مسقط إلى أزمة اليمن باعتبارها أزمة لا يمكن حلها إلا من خلال الحوار مع جميع الأطراف الرئيسية في الصراع الملتزمة بتقديم تنازلات لخصومها والمشاركة في مبادرات بناء الثقة.
لم تتوقع مسقط أن يحقق الائتلاف أي انتصار عسكري، وبدلاً من ذلك ، فسرت سلطنة عمان التدخّل العسكري السعودي / الإماراتي في اليمن على أنه “مجرد إعطاء الحوثيين مزيدًا من الشكاوى وأقلّ أسبابًا للثقة بالفصائل اليمنية الأخرى عندما يتعلق الأمر بالتسوية السلمية”. فالتحديات التي أوجدتها الحرب متنوعة ، بما في ذلك المعضلات الاقتصادية والجيوسياسية التي سيحتاج إليها السلطان قابوس لمواصلة التعامل بذكاء، فكلما “طال أمد الصراع في اليمن ، ازدادت صعوبة قيام مسقط بتخفيف مخاطر التداعيات المحتملة من اليمن إلى ظفار التي ما زالت تشكل مصدر قلق للقيادة العمانية.”
وقالت الصحيفة أنه لم يتم الإعلان في مسقط عن عدد اللاجئين اليمنيين الموجودين حاليًا في عُمان، ومع ذلك ، استثمرت السلطنة الموارد في مساعدة هؤلاء اليمنيين المستضعفين، وبذلك حصلت مسقط على الكثير من الإشادة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وآخرين في المجتمع الدولي.
“سياسة عُمان في اليمن لا يمكن أن تكون مختلفة أكثر عن السياسات التي اتبعها السعوديون والإماراتيون على مدار السنوات الثلاث والنصف الماضية ، فهناك قلق من أن العمانيين – وكذلك الكويتيون – يمكن أن يتعرضوا لضغوط من الرياض وأبو ظبي من أجل “الخضوع للأوامر” عندما يتعلق الأمر بالشؤون الإقليمية” كما جاء في الصحيفة.
مضيفةً أن “هناك قلق من أن المسؤولين السعوديين أو الإماراتيين يمكنهم ممارسة الضغط على خليفة قابوس بن سعيد في نهاية المطاف بنفس الطريقة التي بدأ بها ضغطهم على قطر في غضون أسابيع من وصول الأمير تميم إلى السلطة في يونيو 2013 ، وهي حقيقة أشار إليها صناع السياسة بعناية في عمان والكويت”.
مؤكدةً أن اليمن سيبقى منطقة ساخنة إقليمية تتنافس فيها دول مجلس التعاون الخليجي وإيران على النفوذ الجيوسياسي ، الأمر الذي يترك عمان على استعداد لمواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز السلام والاستقرار ، ولكنها أكثر عرضة لتهديد انتشار عدم الاستقرار الذي تستعره الحرب الأهلية.