ترجمة الصحوة –
الدول الصغيرة ترغب في العبور، أو الوقوع في صفٍّ واحدٍ مع نظرائها الأقوياء ، لكن يبدو أن عُمان لم تقرأ كتاب قواعد العلاقات الدولية.
السياسة الخارجية للدول الصغيرة هي طريقٌ ترابي للعلاقات الدولية، فالدول الصغيرة لا يُفترض أن تكون موضع اهتمامٍ كبير. وقد ثبُت أن هذا صحيح في القرن الخامس قبل الميلاد، عندما أشار ثوسيديديس إلى أن “القوي يأخذ ما بوسعهِ والضعيف يعاني مما يجب عليه معاناته” ، وهذه المقولة سارية حتى يومنا هذا.
الدول الصغيرة ترغب في العبور أو الوقوع في صفٍّ واحدٍ مع نظرائها الأقوى، و يعتقد أصحاب الواقعية الجديدة أن السياسة الخارجية للدولة الصغيرة تحددها قوى خارجية ، بغض النظر عن سياساتها الداخلية.
إذا كانت هذه هي قواعد العلاقات الدولية، فيبدو أن عُمان لم تقرأها. إنها لاعبٌ حذِرٌ وحكيم قامت في الماضي بالتوسط بين القوى الكبرى المشاركة في اليمن، و عندما كانت التوترات حول البرنامج النووي الإيراني في أعلى مستوياتها قبل بضع سنوات، بدأت عُمان وسهّلت مسار دبلوماسي أمريكي ـ إيراني للتوصل إلى الاتفاق النووي لعام 2015 .
قبل بضعِ سنوات، ترك وزير خارجيتها يوسف بن علوي حضورًا في قمّة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية : حوار المنامة، من خلال إعلانه أن عُمان ليس لديها مصلحة في تكاملٍ أكبر لدول مجلس التعاون الخليجي، مباشرةً بعد أن كانت الدول القيادية في القاعة تتحدث عن الريادة من منصة الحوار. وهذا العام، ومرةً أخرى، قدّمت عُمان واحدةً من أبرز نقاط الحوار الرئيسية مع وصولها إلى إسرائيل.
لقد أظهرت جلسات الأسئلة والأجوبة هنا في المنامة – قمّة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية : حوار المنامة 2018- عدم الارتياح بين الحاضرين العرب بأن القضية الفلسطينية تحتل الأولوية من قِبل الحكومات الإقليمية بإسم السياسة الواقعية ، وبالتحديد الرغبة في إقامة قضية مشتركة مع إسرائيل ضد إيران.
والآن يبدو أن عُمان حطّمت المراتب بشكل رسمي من خلال استضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي مساء هذا الحوار وفي وقتٍ كانت فيه العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية في مستوى متدني. وكما أشار مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق ديفيد بترايوس ، فإن هذا الوصول يمكن أن يكون له آثار عميقة في المنطقة.
خرج بن علوي من الانتقادات التي صدرت من القاعة بأن عُمان تتحرك نحو الاعتراف بإسرائيل. وأشار إلى أن إسرائيل كانت دولة إقليمية راسخة وكانت موجودة على مدى عقود. لقد عانى شعبها وكان لديه القدرة على تقديم مساهمة إيجابية للأمن الإقليمي. وقال أنه بدلاً من التفكير في المظالم السابقة ، فقد حان الوقت للمشاركة وتأمين الحقوق الفلسطينية من خلال العلاقات بين الدول. وقدعرَض التسهيل وليس الوساطة.
من حيث الأسلوب، فإن هذه البراغماتية الهادئة تضع سلطنة عمان بمعزل، فقد توصلت دول إقليمية أخرى إلى تفاهم واتفاق مع إسرائيل، لكنها لم تعلن عن ذلك رسميًا. سوف يُحدد الوقت ما إذا كانت محادثات عُمان مع بنيامين نتنياهو ستؤدي إلى تغيير جوهري في المنطقة. لكنّ حقيقة أن عُمان قد اتخذت المبادرة علنًا ، تتحدث عن مستوى من الاستقلالية والثقة مما يجعل المنظّرين ينكّسون رؤوسهم.
المصدر: https://www.iiss.org/blogs/analysis/2018/10/oman-alawi-speech