العلوي: هناك تهديد مباشر على المدى الطويل من خمس للعشر سنوات القادمة
اللواتي: من المؤمّل أن يكون للإعلام العماني نصيب من الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي سوف يوفر 2.3 مليون وظيفة بحلول 2020 ويهدد حوالي 1.8 مليون وظيفة حالية
طرح مساقات وبرامج تعليمية جديدة تلائم التغيرات الحاصلة في الصحافة العالمية خطوة لابد منها
الصحوة – استطلاع: أنوار المفرجية وآمنة الريامية
في ظل التطورات التي تشهدها الثورة الصناعية الرابعة، ومنها الذكاء الاصطناعي الذي بات ظاهرة تكنولوجية حديثة تجتاح العالم الآن. استطاعت هذه التقنية الدخول في عوالم شتى، حيث غيرت جزءا كبيرا من الحياة حولنا ونخص بالذكر هنا قطاع الإعلام والصحافة. فتطور الذكاء الاصطناعي في عالم الصحافة هو مثالٌ على أبرز التحديات في المجال الإعلامي. حيث يتوجب المشهد الحالي طرح العديد من التساؤلات التي ستمكن صحفيو المستقبل من وضع إجاباتها نصب أعينهم ما إذا كان مستقبل الصحافة يتوجب العمل عليه من الآن وفقًا للثورة الصناعية الرابعة.
وللحديث أكثر حول هذا الموضوع التقينا بعدد من المهتمين في الشأن الإعلامي والتقني، وبداية كان الحديث عن ما إذا كان التقدم التكنولوجي يعني انهدام أو انقراض الصحافة التقليدية فتقول سارة بنت فاضل المريخية خريجة بكالوريوس صحافة: الصحافة التقليدية كانت ولا زالت وأظن أنها ستبقى مصدر المعلومة الأساسي والموثوق لأنها تخضع للمراقبة والتدقيق بعكس ما نراه من صحافة وإعلام إلكتروني فهو قابل بشكل كبير للتزوير والتلفيق ويستطيع أن يعبر بسهولة دون تحقق أو تدقيق بصحة المعلومة، لكن بما أنه لابد من التقدم الإلكتروني أرى بأن على الإعلام التقليدي أن يضع منصات رسمية وموثقة يديرها مختصون للإبقاء على المتابع الباحث عن الخبر الصادق و الرسمي، وهكذا سوف تستمر الصحافة التقليدية ولن تندثر.
وتضيف الشيماء بنت خميس العبرية خريجة بكالوريوس صحافة بالقول: التقدم التكنولوجي هو أحد الطرق التي دفعت بالصحافة التقليدية للتطور، فأصبحنا نرى صحيفة ورقية لها موقع إلكتروني، فلا يمكن أن ندعي أن التكنولوجيا ستهدم أو ستلغي وجود الصحافة التقليدية، على عكس ذلك أرى أن العلاقة ما بين التقدم التكنولوجي والصحافة التقليدية علاقة تكاملية، كلاهما يكمل الآخر، ولا يلغي أحدهما الآخر.
الصحافة الإلكترونية، إستثمارٌ للمستقبل
ولمعرفة ما مدى جاهزية الصحافة العمانية أو المؤسسات الإعلامية العمانية في مواجهة الثورة الصناعية الرابعة بما فيها الذكاء الاصطناعي يقول الأستاذ سيف بن جمعة المعولي مدير تحرير صحيفة أثير الإلكترونية: في اعتقادي أن هذا الموضوع ليس بغائب عن الصحافة العمانية، فنرى بين الحين والآخر قيام بعض المؤسسات الإعلامية باستثمار التقنيات الجديدة لإيصال أخبارها وخدماتها للقراء، كحسابات التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الإلكترونية، والبرامج المختلفة.
من جانبه قال موسى بن جعفر بن علي اللواتي، أكاديمي في مجال الصحافة والإعلام بكلية العلوم التطبيقية بنزوى ومذيع ومراسل بتلفزيون سلطنة عمان: إن مواكبة التقدّم التكنولوجي في شتى المجالات هو مطلب مهم، بما فيها المجال الإعلامي، ما من شأنه إتاحة المجال للاستفادة من التقنيات المتاحة لتطوير آلية العمل الإعلامي بشكل عام، والصحفي بشكل خاص. وفي ظل الذكاء الاصطناعي – الذي بدأ بالدخول شيئا فشيئا على مستوى العالم – فإن الاستفادة منه هو أمر يضيف للعمل الصحفي الشيء الكثير. وبالرغم من أن التقنيات التي تستخدم الذكاء الصناعي في العمل الصحفي مازالت محدودة عالميا، إلا أنه من المؤمّل أن يكون للإعلام العماني نصيب من الاستفادة متى ما أتيح المجال لذلك.
أما أيوب بن صالح العلوي رئيس فريق تطوير بوابة عماننا بهيئة تقنية المعلومات فكان له رأيه فيقول: أن الجاهزية والاستعداد يختلف من جهة لأخرى وبالنسبة لمنظومة الإعلام سواء كان ممثلا بوزارة الاعلام أو الإذاعات الخاصة والصحف وحسب المناقشات معهم هناك سعي حثيث لإدخال هذه التقنيات كذلك هناك تعاون قائم بين مختلف الجهات لتوفير الحوافز والتعليم المناسب لمخرجات الإعلام وإدخال هذه التقنيات مستقبلا في الإذاعة والتلفزيون والصحف. المدة الزمنية أيضا تختلف من تقنية لأخرى مثلا تقنيات المحادثة الآلية التي قد تكون أحد أهم التقنيات للصحفيين والإعلام تقدرها الدراسات العالمية خلال أقل من سنتين ستكون موجودة ومتوفرة بسهولة وهذا ملاحظ بدأ استخدامها في بعض المؤسسات والشركات العمانية في دعم المستخدمين والرد الآلي على استفساراتهم، لذا ستتوجه المؤسسات الإعلامية قريبا لتواكب هذه التقنية.
وصرحت ليلى بنت عامر المعنية -ماجستير صحافة ونشر إلكتروني- ومحررة محتوى إلكتروني بقولها: لا أعتقد بجاهزية الصحافة العمانية أو المؤسسات الإعلامية لما يسمى بـ”الذكاء الاصطناعي”. هذه الثورة الصناعية الرابعة تسير باتجاه الاستخدام الكثيف للتكنولوجيا وتفعيل انترنت الأشياء والحوسبة السحابية وغيرها من أدوات التصنيع بالاعتماد على الإلكترونيات. المؤسسات الإعلامية وحسب ما أرى قامت بما قد يسمى بمحاولات خجولة للاعتماد على إنشاء مواقع إلكترونية تسمح لوجود تفاعل مع القارئ أو إنشاء حساب خاص للمؤسسة في مواقع التواصل الاجتماعي، كما عملت بعض الصحف على تطبيق الكتروني خاص في الهواتف ولكن بحسب دراسات عمانية لم تحقق النجاح أو التفاعل المطلوب.
الصحافة العُمانية استشرافٌ لمستقبل أكثر تفاؤلاً
وعن ما إذا كانت هناك تهديدات مباشرة لوظائف الصحفيين في السلطنة بوجود الذكاء الاصطناعي يقول العلوي: نعم هناك تهديد مستقبلي عندما تصل هذه التقنيات لمرحلة النضج أو مرحلة متقدمة كما قلنا سابقا خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة، لكن لا يجب أن نتخوف من تحديات الذكاء الاصطناعي التي تعزز من وجود وظائف أخرى كمهندسين لهذه التقنيات ومشرفين ومنتجين للمحتوى الرقمي. وحسب دراسة جارتنر الذكاء الاصطناعي سوف يوفر ٢.٣ مليون وظيفة بحلول ٢٠٢٠ ويهدد حوالي ١.٨ مليون وظيفة حالية. هذه فترة تحول تشابه التهديد الذي سببه ظهور الحاسب الآلي وعموما لا يجب أن نخاف من هذا الأمر لأن هناك الكثير من الأمور الايجابية التي يعززها الذكاء الاصطناعي وقد نصل لإنقاذ حياة الناس في مجالات الصحة مثلا بنسب تفوق التدخل البشري أضعافا وبأوقات أقصر.
ويؤكد موسى اللواتي بالقول: قبل برهة تناقلت وسائل الإعلام العالمية خبر تدشين روبوت يعمل بوظيفة محرر صحفي، وهذا ينبئ عن القدرة على الاعتماد على التقنية في عالم الصحافة، إلا أنه يظل العنصر البشري هو الأساس في العمل الصحفي، كون أن الصحافة فنّ إنساني بالدرجة الأولى يقوم على الأفكار وتطويعها في قوالب نصية وبصرية وسمعية مبنية على أفكار ورسائل ضمنية، فحتى وإن حلّ الروبوت محلّ الصحفي، فإن الاستفادة منه ستكون لتسهيل العمل الإعلامي وليس بديلا للإنسان، حاله تماما حال الصحافة المرئية أو السمعية، فالبرامج والتطبيقات تسهّل عملية التصوير والمونتاج ، ولكن لا تستغني عن العنصر البشري.
تقدمٌ تكنولوجي، وتهديدٌ إلكتروني
وحول التهديدات الموجهة للمؤسسات التعليمية التي تدرّس الصحافة في ظل وجود الذكاء الاصطناعي قال الأستاذ سيف بن جمعة المعولي مدير تحرير صحيفة أثير الإلكترونية، إن أول تهديد للذكاء الاصطناعي هو فقدان البعض لوظائفهم سواء في المؤسسات التعليمية أو الصحفية، وهو أمر ينبغي الاهتمام به من الآن والبحث عن حلول جذرية، كما أن عملية تنقية الأخبار ومعرفة الغث والسمين منها سيواجه صعوبة كبيرة نظرًا لانتقالها عبر الوسائل التكنولوجية التي من الصعب التحكم في ما يُبث فيها. وعليه فإن على هذه المؤسسات اعتماد وسائل حديثة لتدريس الصحافة، والابتعاد عن الطرق التقليدية والقديمة، وتهيئة الصحفيين للإعلام الجديد.
وفي ذات الإطار يضيف العلوي بقوله: بالنسبة للتحديات والتهديدات التي تواجه الصحافة والتعليم للمعلمين أنفسهم سواء صحافة أو التخصصات الأخرى هناك تهديد مباشر على المدى الطويل من خمس للعشر سنوات القادمة، لذا يجب علينا كمجتمع أن نعي ذلك جيدا ونبدأ باتخاذ الإجراءات والتغييرات اللازمة لنواكب هذا التطور لمهنة التعليم سواء صحافة أو غيرها من التخصصات. كذلك يجب أن تهيئ المناهج والتقنيات اللازمة للصحفي بأن تكون جزءا لا يتجزأ من المقررات والتقنية كما نقول دائما تشمل جميع الشرائح والقطاعات فيجب علينا أن نفكر بالمستقبل والتقنيات آتية سواء شئنا أم أبينا ذلك.
في حين أشارت ليلى المعنية بالقول: ليست هنالك أي تهديدات للمؤسسات التعليمية بل العكس نحن بحاجة لرفد المؤسسات الإعلامية بالسلطنة بكوادر معرفية بهذه الثورة الجديدة وتمكينها بالمهارات والقدرات اللازمة لتسيير عملية الانتقال بهذه التغيرات بنجاح وتميز. المهم الآن من المؤسسات الإعلامية بالسلطنة أن تعمل على طرح مساقات وبرامج تعليمية جديدة تلائم التغيرات الحاصلة في الصحافة العالمية. فالصحفي المحرر للمواقع الإلكترونية بات يختلف عن مهارات الصحفي الورقي السابق.
مستقبل الصحافة العمانية
وعن مستقبل الصحافة العمانية في ظل الذكاء الاصطناعي تقول سارة المريخية: أرى بأن مستقبل الصحافة العمانية واضح بأنه انتقل للمنصات الإلكترونية لكن هناك شيء من التقصير في الانتقال لهذه المنصات يعني شريحة أوسع من المتلقين و يعني بأنه يجب على الصحيفة رفع مستوى المهنية والأمانة. فما نراه من انتحالات و تقصير وعدم كفاءة في اختيار الطرح و تجاهل قضايا مهمة يدل على أن الوضع سيستمر في تخبط بينما نحن نرجو أن تتطور صحافتنا للأفضل وتجعل من صفحاتها منصة آمنة و صادقة.
وتختم العبرية بقولها: لو أن الصحافة العمانية تضع في مخططها السنوي استخدام الذكاء الاصطناعي كشيء أساسي في عمل مؤسساتها لتسهلت العديد من الأشياء، وبدل أن يقال أن الصحافة مهنة المصاعب فإن الذكاء الاصطناعي سيجعلها مهنة الأشياء السهلة. كذلك لا أعتقد أن الصحف الورقية ستزول من عمان باستخدام الذكاء الاصطناعي بل ستبقى وذلك للأسباب الإقتصادية.