الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
منذ أسابيع تناقلت وسائل الإعلام خبر انتحار موظف شاب في العاصمة المصرية القاهرة بعد أن قفز من الطابق الثالث في مكان عمله ليلقى حتفه على الفور ، تعددت الروايات في الأسباب التي قد تكون الدافع الحقيقي خلف انتحاره وتسابق زملائه في العمل في شرح الضغوطات التي كان يؤاجهها من مديره الذي هدده بالطرد من الشركة ، حسب رواية إحدى زميلاته.
أثارت هذه الحادثة جدلا واسع في وسائل الإعلام حيث اعتبرها البعض تدق ناقوس الخطر للانتباه لتدني الحالة النفسية للموظفين بينما اعتبر البعض الأخر أن حادثة الانتحار لها أسباب شخصية ومقر العمل برئ منها تماما متخذين الحجة بشعار “لو كانت الشركة هي السبب لأقدم جميع موظفيها على الانتحار ولم يقتصر الأمر على فرد واحد “، ولعل المضحك في الأمر أن وسائل الاعلام انتقلت إلى موضوع آخر بعد أيام دون أن يتسأل أحد ماذا يمكننا أن نفعل لتحسين الصحة النفسية للموظفين ؟
تشير الدراسات النفسية أن أسباب الانتحار عادة ما تكون متعددة لذلك فإن النقاش الذي يحاول تحميل المسؤلية للشركة أو الظروف الشخصية للموظف المنتحر نقاش غير مكتمل ، فأغلب الظن أن جميع الظروف تشترك في تشكيل الضغط النفسي الذي يطبق على الموظف ويجعله لا يجد مخرجا من همومه سوا بالانتحار والتخلص من معاناته.
لا يختلف إثنان بأن بيئة العمل لها علاقة مباشرة بالصحة النفسية فمعظم الموظفين يقضون أكثر من ثمان ساعات في الوظيفة وتكون علاقاتهم الاجتماعية غالبا مع زملاء العمل ومع الوقت يصبح بعض الزملاء أصدقاء بيننا قد تؤدي المشاعر السلبية مثل الغيرة والتنافس غير الشريف والتملق لرؤساء العمل إلى خلق جو غير صحي يؤثر سلبا على الموظفين بدرجات مختلفة ، كما يؤدي الافتقار إلى الأمان الوظيفي وتهديد الموظف بالطرد أو إلغاء الترقية إلى الإحباط والخوف المستمر في ظل إنعدام الوظائف في بعض البلدان ، هذا ما حدث في بعض الشركات أثناء جائحة كورونا حيث أدى الإغلاق والبقاء في المنزل إلى تدهور المردود الاقتصادي وتسريح بعض العاملين مما خلق العديد من الضغوطات النفسية والاجتماعية.
موضوع الصحة النفسية في مجال العمل يلقى إهتماما كبيرا لدى كبار الشركات في الدول المتقدمة حيث البرامج التوعوية عن الصحة النفسيه والتجمعات الترفيهية التي تساعد الموظفين على الاسترخاء والترفيه عن النفس والتعارف بينهم بعيدا عن منافسات العمل ، بينما تقوم بعض الشركات بتوظيف مختصين في الصحة النفسية أو التعاقد مع إحدى المراكز المتخصصة لتقديم الدعم والعلاج النفسي للموظف عندما يحتاجه بينما تتكفل الشركة بدفع رسوم تلك الخدمات ، فالصحة النفسية للموظف تسهم في إنتاجيته ومدى قدرته على الإبداع وتحقيق أهدافه مما ينعكس على إيرادات الشركة.