الصحوة – شريفة التوبي
رحم الله أعزّ الرجال وأنقاهم، فبقدر ما منحته الحياة من هيبة الحضور منحه الموت جلال الذكرى، وبقدر ما عاش فينا وما أحببناه أباً، وبقدر ما أخلص لوطنه وشعبه عجز الموت من أن ينتزعه من قلوبنا، عجز الموت من أي يجعله مجرد ذكرى بعيدة، فهناك من لا يموت حتى وأن رحل وهناك من يبقى حاضراً حتى وأن غاب وهناك من تتجدد ذكراه حتى وأن تقادمت الأيام، فهناك من وهبتهم أعمالهم صفة الخلود ومن أوصلتهم قلوبهم إلى البقاء دوماً وأبداً، إنه قابوس الخالد في قلوبنا.
في العاشر من يناير وفي مثل هذا اليوم قيل لنا رحل أبوكم، رحل المجد الذي كنتم تتغنون به والجبل العظيم الذي كنتم تعتصمون به، والبيت الذي تستظلون بظله، رحل القائد الحكيم الذي أخرج هذا البلد من شقاق الخلاف والقبلية إلى نعيم أن نكون يد واحدة وقلب واحد وكلمة واحدة، لكن وقبل أن نعزّي أنفسنا بهذا الرحيل، نعيشه حكاية لا تموت ولا تنتهي نحكيها لأبنائنا عن رجل عاش لأجل وطنه وأبناء وطنه مؤمنا أن الحياة هي الوطن، تاركاً الأمانة لمن هو أهلاً بحملها وأقدر على الحرص عليها.
وفي ذكرى هذا اليوم الفارق في تاريخه، نجدد العهد مع السلطان هيثم بن طارق للسير معه في نفس الدرب، بثقة وأمان متجاوزين بحكمته ورؤيته كل الصعاب التي تعترينا في طريق العزة بهذا البلد الغالي..
نم يا أبي قرير العين، فنحن ماضون على خطاك، سائرون على نهجك.. حفظ الله هذا البلد عزيزاً غالياً وآمناً سالماً.