الصحوة – في عالم تسوده التفاصيل الدقيقة وتتنوع فيه النكهات والروائح، تبرز شخصية أحمد بن عامر بن سعيد الحبسي، مؤسس وشريك في “محمصة هيستوريا”، ليقدم لنا نموذجًا فريدًا من العطاء والحب للقهوة. في هذا الحوار، نستكشف رحلة أحمد في عالم القهوة، وكيف جمع بين التراث العماني والأصالة العالمية في فنجانٍ من القهوة يروي حكاية.
**في البداية، حدثنا عن فكرة “محمصة هيستوريا” وكيف تعكس هذه الفكرة التراث والثقافة العمانية؟
*فكرة “محمصة هيستوريا” بدأت من شغف كبير بالقهوة وبما يمكن أن تحمله من رموز ثقافية. سعيت من خلال مشروعي إلى تقديم تجربة قهوة ليست فقط متميزة في الجودة، ولكنها تحمل في طياتها أبعادًا تراثية تعكس الهوية العمانية. فالقهوة في عمان ليست مجرد مشروب، بل هي جزء من تراثنا وتقاليدنا. في “هيستوريا”، نعمل على مزج النكهات الفريدة المستوحاة من تاريخنا المحلي مع الأساليب العالمية في تحميص وإعداد القهوة، لتقديم تجربة تمزج بين الأصالة والحداثة.
**أطلقت مبادرة بطولات القهوة العمانية، كيف ترى تأثير هذه المبادرة في تعزيز ثقافة القهوة في السلطنة؟
*بطولات القهوة العمانية كانت حلمًا يراودني منذ سنوات، إذ رأيت أن هناك فجوة في وعي المجتمع بجودة القهوة وطرق تحضيرها. هدفي من هذه المبادرة هو تعزيز ثقافة القهوة في عمان، وإتاحة الفرصة للمحترفين والهواة على حد سواء لاختبار مهاراتهم والتعلم من بعضهم البعض. تنظيم مثل هذه البطولات يسهم في رفع مستوى المعرفة والاهتمام بالجوانب الفنية لإعداد القهوة، ويزيد من الوعي حول أهمية اختيار الحبوب والتحميص المثالي وطرق التخمير المختلفة.
**بصفتك مقيم قهوة معتمد في جمعية القهوة المختصة، كيف ترى دورك في هذا المجال؟ وما الذي يميز مقيم القهوة عن غيره؟
*دور مقيم القهوة لا يقتصر فقط على تذوق القهوة، بل يتطلب معرفة عميقة بمراحل زراعتها، ومعالجة حبوبها، وتحميصها، وحتى طرق تقديمها. بصفتي مقيم قهوة معتمد، أحمل مسؤولية تقديم تقييم دقيق وموضوعي يعكس جودة القهوة من جميع جوانبها. هذا الدور يتطلب مهارات تحليلية عالية، فالقهوة لها لغة خاصة لا يفهمها إلا من يعشق التفاصيل. التقييم يشمل الرائحة، النكهة، الحمضية، التوازن، واللمسة النهائية، وكل عنصر يلعب دوره في تحديد جودة القهوة.
**حصلت على المركز الثاني في مسابقة الإيروبرس لعام 2023، ماذا يعني لك هذا الإنجاز؟ وكيف يعكس شغفك بالقهوة؟
*حصولي على المركز الثاني في مسابقة الإيروبرس كان بمثابة شهادة تقدير لعملي وجهودي في هذا المجال. الإيروبرس هي إحدى طرق تحضير القهوة التي تعتمد على الضغط والتحكم في النكهات بشكل دقيق. الفوز بهذا المركز يعكس التزامي بالجودة والابتكار في عالم القهوة. كان التحدي كبيرًا بين المشاركين، والمنافسة حادة، لكن ما جعلني أشعر بالفخر هو أنني استطعت تقديم فنجان قهوة يعبر عن خبرتي وشغفي.
**بالإضافة إلى مشاركتك في مسابقة الإيروبرس لعام 2024، كيف تسهم مشاركاتك في تحكيم وتقييم القهوة في تعزيز خبرتك واحترافيتك؟
*المشاركة في تحكيم وتقييم القهوة تعد فرصة عظيمة للتعلم والتطوير. عند تحكيم القهوة، أتعامل مع تنوع هائل من الأساليب والمذاقات، مما يساعدني في صقل مهاراتي وتحسين مستوى الاحترافية لدي. تجربة التحكيم لا تقتصر على تقديم ملاحظات، بل هي أيضًا تجربة تفاعلية أتعلم من خلالها من المشاركين الآخرين ومن زملائي الحكام. بطولة الإيروبرس لعام 2024 هي فرصة أخرى للاستمرار في هذا المجال وتطوير نفسي بشكل أكبر.
**ما هي رؤيتك المستقبلية لمشروعك “محمصة هيستوريا” ومبادراتك في تعزيز ثقافة القهوة في عمان؟
*رؤيتي المستقبلية تتمثل في أن تكون “محمصة هيستوريا” مرجعًا عالميًا في عالم القهوة، ليس فقط في عمان بل على مستوى العالم. نطمح إلى توسيع انتشارنا، والمساهمة في تعليم وتثقيف الناس حول فنون القهوة. كما أطمح إلى تنظيم المزيد من البطولات والفعاليات التي تجمع عشاق القهوة وتتيح لهم تبادل الخبرات والمعرفة. القهوة بالنسبة لي هي وسيلة للتواصل بين الثقافات، وأرى أن عمان لديها الكثير لتقدمه في هذا المجال بفضل تراثها العريق ونكهاتها الفريدة.
في ختام هذا الحوار الشيق مع أحمد بن عامر بن سعيد الحبسي، نرى كيف يتجلى الشغف في كل فنجان قهوة يُعد بإتقان، وكيف ينسج بخيوط التقاليد العمانية العريقة قصة ترويها النكهات والروائح. من “محمصة هيستوريا” إلى مبادراته التي ترسم ملامح جديدة لثقافة القهوة في عمان، يظل أحمد مثالًا حيًا لمن يؤمن بأن التميز هو مزيج من الأصالة والابتكار. وبينما يحتسي عشاق القهوة إبداعات محمصته، يبقى طموحه وشغفه وقودًا لمزيد من النجاح والتألق في هذا المجال.