الصحوة – فوزية بنت عبدالله الشحية
في عالم يعج بالضجيج والصراعات اليومية ومنذ أن بدأت بكتمان الكثير من الأمور استعدت الكثير من الحياة ، وأصبحت لدي الكثير من المساحات الواسعة الشاسعة للتريض والترويض ، أصبحت لا أشعر بذلك الاستياء الغير مبرر والذي كان يلازمني دائما .. أصبحت ألتقط أنفاسي بانتظام غير متسارع.. وأصبحت أتجنب الكثير من النظرات التي كنت أظن بأنها تأكل الكثير مني .. كم هو جميل ذلك الكتمان الذي يجعلنا نستعيد الكثير من الأشياء.. يجعلنا نعيش في ذلك العالم من الاكتشافات المتلاحقة ونحن في صوم روحاني وترويض دائم للنفس اللوامة حتى تقودنا الى نفسنا المطمئنة بعيدا عن كل تلك الصراعات التي تقلص مساحات الخير في دواخلنا الخيرة.
لقد منحتني تجربة الكتمان مساحة واسعة للتأمل، أشبه بمضمار شاسع للترويض النفسي، حيث يمكنني تهذيب أفكاري ومشاعري بعيدًا عن ضجيج العالم الخارجي بعيدًا عن ذلك الاستياء غير المبرر الذي كان يطاردني باستمرار، كان شعورًا أشبه بتحميل روحي من عبء النظرات الفضولية والأحكام التي كنت أظن أنها تستهلكني.
فالكتمان ليس مجرد صمت، بل هو فن يتطلب حكمة وقدرة على إدارة النفس، إنه يوفر لنا فرصة لاكتشاف أعماقنا بعيدًا عن الصراعات التي تملأ حياتنا وتجعلنا نفقد شيئًا من طيبتنا الطبيعية تلك الصراعات والتي كما قلنا غالبًا ما تلتهم مساحات الخير داخلنا دون أن ندرك.
إنه يمنحنا فرصة للحفاظ على طاقاتنا، ويوفر لنا زخمًا خفيًا نستخدمه في الوقت المناسب لتحقيق أهدافنا ، وكما قيل: “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان “،فليس كل ما نملك يستحق أن يُعرض أمام الآخرين، وليس كل ما نشعر به يستحق أن يُقال وفي كثير من الأحيان، تكون الأجوبة الحقيقية لأعمق تساؤلاتنا مخبأة في صمتنا إذن فبعض الحوائج بل الكثير منها يستعان على قضائها بالكتمان.
في النهاية، الكتمان ليس انعزالاً أو هروبًا، بل هو اختيار واعٍ للحفاظ على طمأنينة النفس وحمايتها من أعباء العالم الخارجي وهو فن يحررنا من قيودنا ويعيد إلينا مساحات من الخير والسلام الداخلي التي كانت في يوم ما مهددة بالضياع وخاصة في عالمٍ يزخر بالمعلومات والصخب، يمكن أن يكون الكتمان هو الطريق نحو الطمأنينة والسكينة لذا، اختر بحكمة ما تريد مشاركته، ودع الباقي ليكون كنزاً خاصاً بك، يعزز شعورك بالأمان والثقة.