الصحوة – بلقيس الهنداسية
في افتتاح معرض مسقط الدولي للكتاب لعام 2025، وتحت مظلة التميّز الثقافي الواسع لمحافظة شمال الشرقية – ضيف الشرف لهذا العام – كان للفن العُماني حضور خاص، تُوّج بتقديم منحوتة فنية لحاكم الشارقة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حملت بصمة النحّات العُماني يوسف الرواحي، هذا العمل النحتي الاستثنائي الذي سُمي بـ “عتبة الباب” استلهم تفاصيله من العمارة العُمانية؛ ليحمل رمزية عميقة تعبّر عن التراث والهوية.
في هذا الحوار يكشف لنا “الرواحي” ملامح مسيرته، ورسائل المنحوتة “عتبة الباب” التي تجاوزت حدود الشكل إلى عمق المعنى.
-من هو يوسف الرواحي، ومتى بدأت رحلته مع الفن؟
أنا فنان تشكيلي متخصص في النحت، بدأت مسيرتي الفنية عام 1999 عند التحاقي بجامعة السلطان قابوس بتخصص التربية الفنية،كنت شغوفًا بتعلم كل ما يتعلق بالفنون، وشاركت مبكرًا في مسابقات وورش فنية، منها حصولي على المركز الثاني في النحت على مستوى السلطنة في عام 2000، ثم تنقلت بين مجالات فنية متنوعة كالتصوير الزيتي والمائي والأعمال التركيبيّة والجرافيك وغيرها ، وحققت فيها مراكز متقدمة قبل أن أقرر عام 2013 العودة الكاملة إلى عالم النحت والتفرغ له بجدية، حيث شاركت في أول ملتقى للنحت للشاب العربي في مسقط بعام 2015 ثم توالت المشاركات في قطر والأردن ومصر والمغرب والبحرين والصين ، والآن بصدد المشاركه في سمبوزيوم الجزائر 2025،كذلك أشرفت على تنظيم سمبوزيوم الخضراء الدولي في النسخ الثلاث والذي استضاف مايقارب 39 نحات من مختلف دول العالم .
-حدثنا عن المنحوتة التي قدّمتها كهدية لحاكم الشارقة.
العمل النحتي الذي تشرفت بتقديمه لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، هو جزء من سلسلة أعمال تناولت فيها العمارة والثقافة العُمانية، حملت المنحوتة عنوان “عتبة الباب”، وهي مستوحاة من الجزء السفلي للأبواب التراثية العُمانية، التي تمثل أول ما يعبره الزائر عند دخول البيت.
-ما الرمزية التي تحملها “عتبة الباب”؟
العتبة ترمز إلى الطمأنينة والسكينة وحسن الضيافة، وهي من سمات البيوت العُمانية، وحاولت من خلال هذه المفردة البسيطة أن أقدم رسالة بصرية تختصر روح المكان والترحاب العُماني، ويتميز العمل بزخارف هندسية منقوشة على قطعة خشب مدمجة مع كتلة من الرخام، في انسجام بين مادتين نبيلتين تعبّران عن الأصالة والرقي.
-كم استغرق تنفيذ العمل؟ وما كان انطباع سمو الشيخ؟
استغرق العمل 21 يومًا من التخطيط وحتى الإخراج الفني، وكان الانطباع الأول لصاحب السمو مميزًا؛ حيث أُعجب بالعمل من اللحظة الأولى، ودار بيننا حوار حول رمزية المنحوتة ورسالتها في التسامح والتبادل الثقافي وكرم الضيافة، كانت لحظة فخر كبيرة لي كفنان أن يقدّر سموه تفاصيل العمل ومضامينه الفكرية.
-ماذا تمثّل لك هذه التجربة شخصيًا؟
أنا سعيد جدًا أن يكون أحد أعمالي ضمن مقتنيات سمو الشيخ سلطان القاسمي، كما أن الفخر يتضاعف لكون هذه المشاركة جاءت من ركن محافظة شمال الشرقية، ضيف شرف معرض الكتاب 2025، وتمثل حضورنا الثقافي والفني في هذا الحدث البارز.
بمنحوتة واحدة استطاع الفنان العُماني يوسف الرواحي أن يختزل جماليات العمارة العُمانية وروح الضيافة المتأصلة في تفاصيل البيوت القديمة، في عمل فني راقٍ يجمع بين الفكر والجمال، فمن قلب شمال الشرقية، خرجت “عتبة الباب” محملة برموز التراث ورسائل الانفتاح والتسامح، لتصل إلى الشارقة هديةً تعبّر عن عمق العلاقات الثقافية العمانية الإماراتية ، ولتظل هذه العتبة مفتوحة على حوارٍ متجدد بين الفن والهوية، وبين الإنسان والمكان.