الصحوة – نبراء حمد الكيومية
غنية الشبيبية كاتبة عمانية تحمل درجة الماجستير في النقد الأدبي وتُواصل حالياً دراسة الدكتوراه في الأدب الحديث و تنتمي إلى ولاية المصنعة بمحافظة جنوب الباطنة وتجمع في تجربتها بين البحث الأكاديمي والكتابة الإبداعية حيث صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان سماء خضراء ورواية أمي كولجهان بالإضافة إلى كتاب نقدي حول القصة القصيرة جداً وتميل في كتاباتها إلى المزج بين الذاكرة الشعبية والفن السردي كما تحرص على توظيف التراث والعلامات الثقافية في أعمالها الأدبية.
تُعدّ القراءة من أبرز العوامل التي أسهمت في التكوين الأدبي والفكري بل والنفسي للكاتبة غنية الشبيبية إذ منحتها طلاقة في التعبير وثقة في التحدث وقد تأثرت منذ وقت مبكر بمجلة العربي الكويتية وروايات نجيب محفوظ وعبدالرحمن منيف ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم والطيب صالح بالإضافة إلى مؤلفات العقاد، بينما شكّلت الحكايات الشعبية التي كانت ترويها الجدات والأمهات في الطفولة عنصراً مهماً في تنمية خيالها وتعزيز حبها للسرد والحكي كما ترى الشبيبية نفسها أقرب إلى فن الرواية لما يوفره من مرونة واتساع في التعبير عن التداعيات الشعورية غير أن ذلك لا يعني الانفلات من متطلبات تماسك النص.
وفي المقابل تعتقد أن القصة القصيرة تتطلب مهارة خاصة في تكثيف المعنى مما يجعلها أكثر صعوبة أما الكتابة النقدية فهي تمثل جزءاً ضرورياً من مسيرتها الأدبية لا سيما مع انشغالها بأطروحة الدكتوراه في النقد الأدبي الحديث وفيما يتعلق بعنوان مجموعتها سماء خضراء توضح أن اللون الأخضر يحمل دلالة رمزية على الحضور البهي الذي قد يغيب فترة عن الإنسان لكنه لا يلبث أن يعود وفي سياق المجموعة كانت الشخصيات تبحث عن هذا الحضور في العالم الأخروي بعد أن فقدته في الحياة الدنيا مما يجعل غيابها مشبعاً بالأمل والعدل، وبالنسبة إلى القصة القصيرة جداً فهي تراها لا تزال في طور التجريب غير أنها تؤدي غرضها الفني إذا تولّاها قلم متمكن يصنع المفارقة الفنية وعلى الرغم من أنها لم تكتب في هذا الجنس الأدبي إلا أنها قامت بدراسته ضمن إطار تخصصها الأكاديمي.
أما عن أسلوبها في الكتابة فقد بدأت دون تخطيط لكنها ومع مرور الوقت وتلقيها لعدد من الورش أصبحت تخطط جيداً قبل الشروع في الكتابة القصصية مما انعكس إيجاباً على جودة أعمالها وفي روايتها أمي كولجهان تشير إلى أن الفكرة جاءت من رغبتها في توثيق أساليب حياة الناس في ولاية المصنعة خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي اعتماداً على ما سمعته من والدها وتؤكد أن الرواية ليست توثيقاً تاريخياً بقدر ما هي توثيق فني حيث إن شخصياتها ليست حقيقية وإن كانت مستمدة من الواقع، وتؤمن الشبيبية بأهمية الذاكرة المجتمعية كمخزون ثقافي يمكن توظيفه في العمل الأدبي كما حدث في كولجهان من خلال الأغاني الشعبية في سهل الباطنة التي استخدمتها بما تحمله من رموز وعلامات ثقافية أما توجهها نحو النقد فقد كان نابعاً من تخصصها الأكاديمي حيث كتبت في القصة القصيرة جداً من خلال رسالتها للماجستير بجامعة السلطان قابوس ووجدت أن هذا المجال لا يزال في بداياته ويحتاج إلى دراسات أكثر.
وترى الشبيبية أن العلاقة بين الكاتب والناقد علاقة تكاملية رغم اختلاف نوعية اللغة بين البحث العلمي والكتابة الإبداعية وتذكر أن هناك تجارب ناجحة لكتّاب جمعوا بين الإبداع والنقد خاصة من أساتذة الجامعات كما ترى أن العمل الأدبي يحمل في بنيته قيماً إنسانية ينبغي على القارئ أن يستخرجها من خلال القراءة الواعية وفي روايتها أمي كولجهان تضمّن النص رسائل قيمية بعضها مباشر وبعضها يتشكل في ذهن القارئ بعد إنهاء القراءة، أما عن طموحاتها الأدبية فتطمح الشبيبية إلى كتابة رواية أكثر عمقًا وإتقانًا فنيًا من عملها الأول مع حرصها على الاستمرار في الكتابة حبًا وإخلاصًا لهذا الفن.