الصحوة – الزهراء بنت سنيدي الشعيلية
كَثُرت الأقاويل وازدادت التساؤلات عما يُطلق عليه بـ “الحورة”، فبعضهم يقول: لا بأس باستخدامها، وآخرين يشددون إلى عدم الإتيان بها ويحذّرون منها؛ لأنها شكلٌ من أشكال السحر والشعوذة. هذا التحقيق يُبيّن حقيقة الحورة ويُجيب عن جميع الأسئلة المتعلقة بها.
سحر وشعوذة!
في ماهية الحورة، يبوح لنا ح. س- الذي رفض أن يُصرّح باسمه- أنّ الحورة عِلم واسع- حسب وصفه- وهي كتابة يُستخدم فيها رموز معينة وآيات قرآنية لإرجاع الشيء المفقود لصاحبه، ويذكر أنّ الكثيرين ممن لجأوا إليه رُدّت إليهم مفقوداتهم- مُنهيًا كلامه بـ (الحمد لله). ويلفت ح. س النظر إلى أنّ الناس اليوم اختلفوا عن ناس البارحة، فقد قلّ الإقبال على الحورة في زماننا الحالي لأنهم أصبحوا ينظرون إلى هذا الأمر كنوع من السحر والشعوذة، وهم لا يُلامون على ذلك مُعللًا ردة فعلهم على أنّ الكثيرين ممن يقوموا بعمل الحورة يغلفونها بالآيات القرآنية وهي في باطنها ليست سوى طلاسم وشعوذة، فأصبح الناس يخلطون بين ما هو مُباح شرعًا وما هو مُحرّم كالسحر، وبسبب هؤلاء السحرة- كما أطلقَ عليهم- أصبح الناس يأخذون موضوع الحورة ومواضيع أخرى مشابهة بحذرٍ شديد. وعند سؤاله عن كيفية تعلمه لهذا العِلم- حسبما يصفه، رفض الإجابة، وعندما سُئل عن إذا ما كانت الكُتب التي تستعرض هذا الموضوع كافية لتعلم الحورة، أجاب بأنّ الكُتب ليست كافية ليصبح الإنسان متمكنًا من عمل الحورة، وقال بعدما أشاح بصره وساد الصمت لفترة: الكتب ما كل شيء!.
من العلوم الروحانية!
ويقول مصدر آخر رفض البوح باسمه، أنّ الحورة من العلوم الروحانية التي تحتاج في المقام الأول إلى نية صادقة ويقين وإيمان كبير بقدرة الله، ويذكر أنه يتطلب لعمل الحورة أساليب معينة تخفى على الناس حتى وإن ذُكِرت هذه الطرق في الكُتب، لكن ما يُستعرض بها ليس كاملًا وإنما يتعمد العالِم- صاحب الكتاب- أن يُنقص شيئًا ما فيها، لأنّ هذا العِلم ليس مُتاحًا للناس عامة، وإنما يختص الله به أناس بعينهم.
لا ضرر ولا ضِرار!
تخبرنا حنان الفارسية، اخصائية اجتماعية، أنّ الحورة تكون مقبولة اجتماعياً إذا كانت تُرجِع الحاجة المفقودة لصاحبها بدون أن يصاحب ذلك أي ضرر للشخص المتسبب في ذلك، هذا الأمر يكون حسنا ومقبولًا مجتمعيًا بحيث لا ضرر ولا ضِرار. وأكّدت الفارسية على ضرورة ألا يدخل الموضوع في دائرة الدجل والمحرمات. وأضافت أنّ مثل هذه الأفعال قد ترتبط بالشعوذة والدجل و تدخل في بعض الأحيان في دائرة المحرمات، إلى جانب أنّه أصبح هناك ثقافة دينية وإطلاع واسع في هذا الجانب؛ فأصبح الناس على علم بأنّه ليس بمقدور أي شخص عمل الحورة.
ثقافة متوارثة!
تحدثنا سلمى الحاتمية، اخصائية اجتماعية، على أنّ الحورة منتشرة في مجتمعنا وتُعد ثقافة متوارثة لدى البعض، لكن قد يلجأ البعض إلى أشخاص غير موثوقين؛ فلا يعلم الإنسان بمن يستعين في عمله، وتشدد الحاتمية على أنّه إذا كانت الحورة طلاسم وخرافات فيفضل من ذي العقل والبصيرة الابتعاد عنها. وتؤكد على أن يلجأ الشخص عند حاجته للحورة إلى أهل الثقة والعلم، إلى جانب الاستعانة بالدعاء والذكر. وتضيف إلى أنّ استخدامها قلّ في المجتمع بسبب زيادة الوعي والثقافة؛ حيث أصبح الناس أكثر وعيًا فابتعدوا عن الكثير من العادات الموروثة، وتلفت الحاتمية النظر إلى أنّ معظم من يقومون بعمل الحورة أصبحوا كبارًا في السن؛ فلم يرث هذا العمل منهم إلا قلة نادرة جدًا؛ بمعنى أنّ الحورة قد تندثر في يومٍ من الأيام.
صُدفة!
من زاويةٍ أخرى لا تؤمن زمزم الهنائية، اخصائية اجتماعية، بالحورة بالرغم من أنّ من تقام من أجله يحصل على غرضه المفقود، في حيرةٍ شديدة تتساءل الهنائية عن كيفية حصول صاحب الغرض على غرضه المفقود بعد الحورة، هل هو أمر يحدث بمحض الصدفة؟! أو هو فعلًا تعامل مع مخلوقات من العوالم الأخرى؟! لكن بالرغم من هذا تؤكد الهنائية على ضرورة أن نحكّم الدّين في كل نواحي الحياة.
موضوع اجتماعي!
وتنظر نورة الرحبية للموضوع من جانب تخصصها بما أنها متخصصة في العمل الاجتماعي، فتقول أنّ الحورة موضوع اجتماعي مرتبط بالجان أو الشعوذة أحيانًا، وبما أنه ليس من الأساليب العلمية الموثوقة فإنّ الرحبية لا تشجع عليه لأنه بسبب الحورة قد تحدث مشاكل اجتماعية وتفكك في العلاقات، ويترتب عليها-أيضًا- الحقد والكراهية بين الأفراد لأنّه أحيانا لا يعترف السارق فيُضطر الشخص المسروق أن يستخدم الحورة، فإن بانت هوية السارق فإنه قد تحدث مشادات بينه وبين صاحب الغرض المفقود.
لا بأس!
ومن الناحية الدينية؛ أجابنا مركز الإرشاد النسوي بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية عن حُكم الحورة بأنه إذا استُخدِمَت بها الآيات القرآنية فلا بأس فيها. وتؤكد خديجة الوائلية، مشرفة تربية إسلامية، إلى أنّ الحورة تكون جائزة إذا استخدم فيها القرآن الكريم مثل سورة الضحى ودعاء الضالة.
لا تصح!
وتبيّن خولة المعمرية، معلمة تربية إسلامية، جواز استخدام الحورة الشرعية وتذكر أنّ سماحة الشيخ أحمد الخليلي تحدّث عنها في برنامج سؤال أهل الذكر؛ وأنه يجوز استخدامها ما دامت لا تخرج عن آيات القرآن الكريم ولا تسبب ضررًا لأحد، أما الحورة مع الدجّالين فهي لا تصح.
ما يقبل به العقل ويصدقه هو ما ارتبط بكتاب الله وسُنّة نبيه، عدا ذلك فإنه يدخل في دائرة السحر والشعوذة، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.