حضانة القرية الصغيرة
عن الحُب والإيجابية
تسعى الصحوة إلى تسليط الضوء على التجارب الناجحة والمميزة ومن هذا المنطلق تلتقي اليوم بأحد التجارب الرائدة في مجال خدمة الطفولة والأمومة مع الفاضلة ميرفت العواملة الحاصلة على بكالوريوس صيدلة وماجستير الحاسوب في التعليم لذوى الاحتياجات الخاصة، والتي قررت أن تخوض تجربة ريادة الأعمال بمشروع فتح حضانة للأطفال من عمر 3 شهور إلى عمر 4 سنوات؛ وذلك لتوفر للأمهات العاملات مكاناً ملائما يحتوي أطفالهن في فترة عملهن.
وتوجهنا أولا بالسؤال للفاضلة مرفت والتي يحب الأطفال مناداتها بماما مرفت كيف بدأت فكرة المشروع؟
فأجابت: الإيمان بقوة الفكرة التي تريد تحقيقها هو أساس نجاح أي مشروع؛ فأنت بذلك تستطيع مواصلة الدرب رغم كل ما قد تجده من صعوبات اقتصادية على سبيل المثال، وحبي للأطفال كان أساس إيماني بمشروعي، علما بأنني لم أنجب طفلاً بفضل من الله عزوجل لدى اليوم 40 طفلاً ينادوني ماما ميرفت، ومن جهة أخرى أجد أن مشروع الحضانة مشروع قومي بالغ الأهمية كونه يؤثر مباشرة في مستقبل المجتمع .
ثم سألنا ماما مرفت لماذا قررت أن تكون بدايتها مع حضانة لماذا لم تختر فتح روضة، فكلاهما سيوفران لها القرب من عالم الطفولة، علماً بأن الروضة عالمها يحتاج لجهد ومسؤولية أقل غالبا؟
فأجابت: من الأمور الجوهرية لصحة الطفل النفسية أن تُعطي الأم وقتاً طويلاً لطفلها وتمنحه الكثير من اهتمامها في السنوات الأولى من حياته، ولأن خروج الأم لساعات طويلة للعمل قد يؤثر بشكل سلبي على أطفالها لحاجاتهم النفسية، التي يصعب إشباعها إلا بواسطة الأم قررت أن تكون حضانة حتى أكون أماً للأطفال ولو لساعات معدودة لتعويضهم غياب الأم .
مما لفت انتباهنا الجو السائد بالحضانة من هدوء وألفة… فتوجهنا لها بالسؤال التالي: ما يميز الحضانة هو شعورنا بشيء مختلف. شيء من الحميمية والألفة وكأن المكان هو بيت عائلة واحدة لا حضانة ما السر في هذا؟
فأجابت مبتسمة: رغم صغر مساحة الحضانة إلا إنها استوعبت الجميع بالحب نتيجة إشباع حاجات الطفل وشعوره بالألفة والأمان، ولحرصنا على العدد المناسب من الأطفال وتوفير الأنشطة التي يفرغ فيها الأطفال طاقاتهم.
وعن مهامها كمديرة للحضانة سألناها… علمنا بأنك رغم مهامك الإدارية كمديرة للحضانة تقومي بأدوار أخرى كتعليم الأطفال وإعداد الطعام. ألا تشعري بأن المهام المتعددة متعبة لك؟
فردت قائلة: عندما يزور أحدهم الحضانة سوف يلاحظ بأنه لا يوجد مكتب (طاولة و كرسي) في غرفة الإدارة، فقط كنبة لاستقبال أولياء أمور الأطفال، وكان ذلك مقصوداً حتى لا يسيطر المسمى الوظيفي لي كمديرة على مهامي الأساسية كأم ل40 طفلاً، الأمومة أن تفكر الأم في مصلحة ولدها وتصرف وقتها وفق هذه المصلحة.
وحقيقة في نهاية كل يوم وبعد إنجاز قائمة المهام المرهقة أشعر بالسعادة كأم أدت واجباتها ومهامها بشكل جيد؛ ونظرة واحدة من أحد الأطفال وهو مبتسم و سعيد جديرة بأن تزيل كل متاعب اليوم.
ثم سألت الصحوة مديرة حضانة القرية الصغيرة عن ما يميز الحضانة من ترتيب ونظافة تشبه ما نجده في المنزل الحقيقي، كيف تستطيع ماما مرفت الحفاظ على كل هذا الترتيب والنظام في ظل وجود 40 طفلاً ؟
فردت: من مهام الحضانة أن توفير المكان الآمن للطفل وتنمية السلوكيات السليمة نحو النظافة والمحافظة على صحة الأطفال، وتوفير الإسعافات الأولية، وجميع هذه المعايير تكون بمساعدة جميع الموظفات حتى لا يتعرض الأطفال للأمراض.
علماً بأنه لا يوجد عاملة نظافة في الحضانة والقائمين على نظافة المكان أنا والموظفات؛ لأننا نعتبر الحضانة بيتنا الثاني.
وعن الموظفات المساعدات لها توجهنا لها بالسؤال التالي: كيف تختارين الموظفات؟ وما هي المهام الموكلة إليهن غالبا؟
فأجابت: من أهم السمات و الخصائص التي أبحث عنها أثناء التعيين ما يلي:
1- التحلي بالصبر عند التعامل مع الأطفال والقدرة على التفاعل معهم.
2- أن تتمتع بالصفات الأخلاقية الإيجابية؛ لأنها تعلم الأطفال كما أنها تُعد قدوة لهم.
3- أن تتمتع بالمرونة والقدرة على الابتكار والتحلي بالذكاء الاجتماعي والعاطفي.
4- القدرة على توجيه الأطفال على أساس الفروق الفردية و منح الفرصة لهم والوقت للتعليم الذاتي.
5- القدرة على الإلمام بنفسية الأطفال واكتشافهم وكيفية التواصل الصحيح معهم كل طفل حسب ميوله واتجاهاته.
6- أن تكون انفعالاتها متزنة لا تتحكم فيها اهوائها الشخصية عند التعامل مع أي طفل، وأن تكون موضوعية بالقدر الكافي.
وبعدها توجهنا لها بالسؤال التالي: ماما مرفت تُعد حفلات عيد الميلاد وتأخذ الأطفال إلى الرحلات التعليمية، فلا تكتفي فقط باحتضان الأطفال بل تسعى إلى اشغال فترة تواجدهم بالحضانة بالأنشطة المختلفة. كيف تبدو رؤية حضانة القرية الصغيرة في تنفيذ أدوارها تجاه الطفل؟
فردت قائلة: تنمية مهارات الأطفال من خلال الرحلات الترفيهية والأنشطة والفعاليات المختلفة التي تسعى إلى إيجاد أجواء حميمة للطفل يتعلم من خلالها الكثير، من الأمور التي تساعد على صقل مواهب الطفل. جاءت الفكرة بداية من طبيعة حياتي العائلية في الأسرة التي تعودت فيها على الرحلات العائلية والترفيهية ومن ناحية أخرى فإن الفكرة ولدت من واقعي فكوني أم ل 40 طفلاً فأنا أسعى دائما لإبعادهم عن الأنشطة التكنولوجية؛ فحياتنا الماضية كانت تمتاز طفولتها بالبساطة والأنشطة المنفذة في الساحات الطبيعية بشكل جماعي ولذا شعرت بأهمية مثل هذه الفعاليات خصوصا في هذه الفترة الزمنية من عمر الطفل وفي هذا العصر.
ومن هنا انتقلنا إلى سؤالنا التالي لها: تواجه أي مشروع ناجح الكثير من الصعوبات. ما هي المعوقات التي واجهتك وتواجهك في مسيرة هذا المشروع؟
فردت متنهدة: تقابل المشروعات الصغيرة عدة معوقات ومشكلات وأهمها أخذ الموافقات من الجهات المعنية، حيثُ غالباً يأخذ الموضوع وقتاً ليس بالقليل ويتطلب جهداً وصبر.
وفي ذات المحور جاء سؤالنا لها: رغم كل الصعوبات هناك مواقف تجعل الإنسان يأخذ دافعاً أكبر ليستمر. اذكري لنا موقفاً جعلك تتمسكي بهذا المشروع أكثر؟
فقالت بحماس: قبل أكثر من سنة واجهتني مشكلة وكان هناك موقف جعلني اتمسك بالحضانة أكثر…حيثُ قابلت أحد المسؤولين الذي اذكر من كلامه لي خلال النقاش قوله: ” ما عندك أطفال وتحبين الأطفال، سلمي الأطفال لأهاليهم وتبني لك طفل واجلسي في البيت”، حقيقة كان قوله ذلك ( صادما ) ولكنه جعلتني اتحدى وأتمسك بالحضانة أكثر.
وعن الروتين وجدول مهامها اليومية توجهنا لها بالسؤال التالي: كيف تقسمي جدول يومك مع مسؤوليات الحضانة. هل ما زال لديك متسع لحياة اجتماعية وعائلية مميزة كذلك؟
فردت قائلة: أن العمل الشاق والصعب هو طريقك الوحيد الذي ينبغي لك أن تسلكه إذا أردت الوصول لمبتغاك؛ فالذي يأتي سهلا يرحل بسهولة كذلك، والطريق الذي يبدأ بفكره لينتهي بمشروع هو أشبه بطريق صعب يحتاج الكثير من الجهد، لذلك وقتي كله للعمل فقط، وعائلتي وأهلي وصديقاتي جميعهم يقدرون حبي للحضانة ومدى أهميتها بالنسبة لي، وما تمنحني إياه من سعادة، وأجدها فرصة لتوجيه الشكر إلى زوجي الذي ساندني منذ البداية وقدر انشغالي.
وهنا توجهت الصحوة لمديرة الحضانة بالسؤال التالي: سمعنا عن مشروع جديد لكِ مميز من نوعه يختص بأطفال ذوي الإعاقة حدثينا عنه؟
فأجابت: مركز دنيا الطفل للتربية الخاصة، هو مركز متخصص لذوي الإعاقة العقلية البسيطة والمتوسطة بالتعاون مع نخبة من الأكاديميين المتخصصين في هذا المجال، جاءت فكرة دنيا الطفل انطلاقاً من حاجة الأطفال ذوي الإعاقة للرعاية في المجالات الأكاديمية والطبية والاجتماعية والتأهيلية ، وتتمثل رؤية دنيا الطفل في تحقيق ذلك من خلال استخدام أحدث أساليب التكنولوجيا التعليمية في:
* العلاج الطبيعي.
* العلاج الوظيفي.
* مهارات الاتصال كبرامج علاج النطق وبرامج تعديل السلوك.
وفي إطار الحديث عن المشروع الجديد جاء السؤال التالي: برأيك ما هي أهم الأشياء التي ينبغي أن توضع بعين الاعتبار قبل خوض تجربة فتح حضانة للأطفال ؟
فأجابت: فتح مشروع حضانة يتطلب شخصا شغوفا بعالم الطفل، لا يجعل الربح المادي أولى أهدافه وإنما خدمة الأطفال تأتي على رأس قائمة الأهداف.
وفي الجزء الأخير من الحوار الممتع توجهنا لماما مرفت بالسؤال الآتي: ما هي طموحاتك المستقبلية في هذا المجال؟
فأجابت: كلُّ منّا يتطلع للمستقبل مستخدما مناظير مختلفة و بزوايا مختلفة يحاول أن يسدد…. قد يصيب وقد يخطئ، المهم أن يحاول ويسعى، هنالك أفكار كثيرة ربما تجد طريقها في المستقبل القريب.
ولقد توجهت الصحوة بالسؤال لبعض الأمهات عن الحضانة. بداية توجهنا بالسؤال للفاضلة وفاء الوهيبية حول الذي جعلها تختار حضانة القرية الصغيرة من بين عدد كبير من الحضانات؟
فأجابت: بداية وكأم واجبي ان أبحث عن مكان آمن ومريح لراحة ابنتي أولا وراحتي أنا أيضا ،بحثت كثيراً ودخلت تقريباً حوالي خمس حضانات لكنني لم أشعر بالراحة، إلى أن تعرفت على حضانة القرية الصغيرة التي شعرت فيها بالاطمئنان على ابنتي، وهي منذُ عامين تنادي الفاضلة مرفت بماما مرفت وتحب الحضانة وتستمتع بوقتها وهذا أهم شيء بالنسبة لي.
ومن ثم توجهنا بالسؤال للفاضلة مريم البحرية… ما أهم شيء يتواجد في الحضانة يجعلكِ تجديها المكان الأنسب لأطفالك؟
فأجابت: عرفت الحضانة عن طريق أحد أقاربي ومنذُ زيارتي الأولى لها وجدتُ بأنها بالفعل المكان الأنسب لأطفالي؛ وذلك لتنسيق المكان بشكل ملائم للأطفال، ولأسلوب المربيات مع الأطفال.
أما الفاضلة حفصة الشامسية فقالت: اهتمام مديرة الحضانة وإخلاصها في رعاية الأطفال وتوفيرها للأنشطة التعليمية التي تساعد الطفل على النمو الذهني والحركي جعلني أجد فيها المكان الأمثل لطفلي.
وأخير توجهنا بالسؤال للفاضلة مرفت كيف ترى مشاريع خدمة الأمومة والطفولة في مجتمعنا هل هي كافية وذا كفاءة في محافظة مسقط على سبيل المثال؟
فأجابت:
منذُ أيام اقترحت مشروع على المختصين بوزارة التنمية الاجتماعية حول( الارتقاء بالحضانات )، يهدف هذا المشروع إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للأطفال في دور الحضانة بالسلطنة.
ومن أهداف المقترح ما يلي:
-
رفع كفاءة مقدمي الخدمات في مجال رعاية الطفولة المبكرة ودور الحضانات للأطفال من الميلاد إلى أربع سنوات من خلال توفير التدريبات المتخصصة في هذا المجال بما في ذلك إعداد المدربين وفقاً للمعايير والتوجهات الحديثة.
-
تطوير الأدوات التدريبية والمواد العلمية الخاصة بمقدمي الرعاية للأطفال من الميلاد إلى أربع سنوات في مجال الطفولة المبكرة والحضانات.
-
تبادل المعلومات والخبرات لتحقيق المنفعة، وإحداث التأثير الإيجابي من خلال تأسيس شراكة تعاونية مؤسسية فاعلة مع الجهات المختصة.
-
رفع مستوى الوعي بالطفولة المبكرة لدى المؤسسات والهيئات والأفراد .
علماً بأن عدد الحضانات ليومنا هذا 145 حضانة في ولاية مسقط. وفي نهاية حوارنا الشيق هذا نشكر الفاضلة مرفت العواملة مديرة حضانة القرية الصغيرة، على رحابة صدرها وعلى إثراء الحوار متمنين لها التوفيق والنجاح في خدمة الأم والطفل العُماني وندعو الشابات العمانيات أن يتخذنها قدوة ليقدمن للمجتمع هكذا مشاريع تلبي حاجاته وتثبت نفسها بجدارة. شاكرين لإدارة حضانة القرية الصغيرة تفاعلهم البنّاء مع الصحوة .