بالرغم من أن اللغة الانكليزية هي السائدة في العالم في كثير من المعاملات الدراسية والتجارية والتداول اليومي، إلا أن جميع دول العالم تهتم بلغاتها القومية وتفرض على الآخرين تداولها في المعاملات اليومية في التعليم والتدريس والتداول في جميع المعاملات. وهذا ما نراه في دول مثل اليابان وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا وغيرها من الدول الكبيرة في العالم. بينما نرى في دولنا العربية أن الأجانب هم من يفرضون لغتهم علينا في المعاملات اليومية بالرغم من أن دساتير وأنظمة الدول العربية تقول بأن اللغة الرسمية هي اللغة العربية.
وفي الوقت الذي تفرض فيه الدول الأجنبية لغاتها القومية في الأوطان، فانها تحاول إيصالها للأخرين ولكل الراغبين، في إطار اهتمامها بالمقوّم الثقافي. ومن الدول التي تعتز بلغتها داخليا وتحاول توصيلها للآخرين اليابان، تلك الدولة التي تمثل ثالث اقتصاد عالمي بعدما كان ثانيا خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة لبروز الاقتصاد الصيني كثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية.
ومن هنا رأينا أن جمعيات الصداقة اليابانية في العالم تقوم بمهام توفير المدربين والمدرسين لتعليم اللغة اليابانية للراغبين من خلال إقامة دورات تدريبية لهم. وهذا ما ستقوم به جمعية الصداقة العُمانية – اليابانية هنا بمسقط لتعليم اللغة اليابانية، حيث يشير الواقع إلى أن اللغة اليابانية متداولة اليوم بين أكثر من 130 مليون نسمة، وهو العدد الاجمالي للسكان في اليابان، مما يجعل اللغة اليابانية تحتل المرتبة العاشرة بين الأكثر تداولاً في العالم وفق البيانات الرسمية. كما تعد اليابان -من حيث الترتيب- ثاني أكبر دولة من بين عدد الشركات العالمية التي تمتلكها في “فورتشين 500” في العالم نتيجة لوجود 68 شركة محلية في هذه المجموعة الأمر الذي يؤكد أهمية نشر اللغة اليابانية بين الشعوب الأخرى لتتمكن من أجراء مزيد من التواصل مع رجال الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان، والاستفادة من العلوم والصناعات اليابانية التي تتميز بالقوة والجودة. ففي السلطنة اليوم هناك الكثير من رواد ورائدات الاعمال الجدد الذين يتطلعون الاستفادة من مشاريعهم التجارية الصغيرة. ولا شك أن توجههم بتعلّم بعض تلك اللغات المهمة في العالم سوف يكسبهم المزيد من الفهم في التعاملات التجارية المقبلة. كما أن اللغة اليابانية أصبحت اليوم هي مصدر للعديد من التوجهات الإجتماعية والثقافية التي أثرت في المجتمعات العالمية، والتي أصبحت اليوم جزءاً من الثقافة الدولية. وهي متاحة للتعلم عبر الانترنت أيضا. ويرى البعض بأن معرفة اللغات الاجنبية يجعل الاخرين يعززون سيرهم الذاتية والمهنية، وتفتح أمامهم فرص عمل جديدة.
وأخيرا يرى العلماء بأن تعلم اللغات الأجنبية يجعل الآخرين أكثر ذكاءً، حيث يعتقدون بأنه كلما يواجه الفرد مفردات لغة جديدة فان ذلك يتسبب في نمو دماغة، وزيادة ذكائه. واليوم نرى أن اللغة اليابانية تعتبر من أكثر اللغات التي يقبل على تعلمها طلاب اللغات حول العالم، ويمكن في السنوات المقبلة أن نرى الكثير من الطلاب ورجال الاعمال العمانيين يتداولون هذه اللغة في أعمالهم اليومية. فمع زيادة التوسع في الاقتصاد العالمي، يصبح عامل اللغة في التسويق على قدر كبير من الأهمية لزيادة فرص نجاح النشاط التجاري.
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
كاتب وإعلامي
haiderdawood@hotmail.com