الصحوة- أثير الندابية
في أغلب الأحيان عندما يتعرض الأشخاص لأزمة ما، يُضربون عن الإحساس بالحياة، ولا يجدون لونًا أو طعمًا لأيامهم الراكضة بهم، ولا تعود كؤوس الحياة تروي قلوبهم الميتة، أولئك لا خيار أمامهم إلا أن يعيشوا إلى أن يقتلهم اليأس ببطء شديد، ويسحبهم الأمل الغائب عنهم إلى بر النسيان فلا يصبح لهم وجود في دائرة الحياة. إلا أن أحمد البوسعيدي لم يكن من أولئك المضربين عن الحياة واختار التمسك بالأمل ليصنع لنفسه مكانًا على القمة، ويثبت للعالم أن التحديات تصنع النجاح. البوسعيدي مغامر، وغواص، ومصور، وإخصائي ثعابين بمركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى. تعرض البوسعيدي في 2014 لحادث أدى لفقده أحد أطرافه، لكن شغفه بالحياة دفعه ليعود بعد 6 أشهر من الحادث لممارسة هواياته بطموح أكبر.
- في البدء عرفنا بنفسك وبهواياتك؟
أنا مستكشف، وغواص، ومصور، ومختص ثعابين أشرف على معرض الزواحف بمركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى، وحاصل على رخصتين في الغوص الحر وهو الغوص بحبس النفس دون استخدام معدات تنفس خارجية. بالنسبة لعالم الثعابين منذ الصغر أحببت هذا العالم وقررت الدخول فيه بدأت باقتناء الثعابين منذ أن كان عمري ٨ سنوات تقريبًا، وفي عمر 14 سنة تعرضت للدغة من أفعى منشارية الحراشف وهي شديدة السمية، ثم بعد سنتين تعرضت للدغة أخرى من النوع نفسه، لكن هذا لم يمنعني من مواصلة هوايتي في اقتناء الثعابين، وفي أواخر 2017 تحولت هذه الهواية لمجال عملي. أما في الغوص الحر قبل الحادث كنت أصل إلى عمق 15 متر، وبعد الحادث استطعت الغوص بالطرف الصناعي إلى عمق 13 متر، ثم التحقت بدورة تدريبية ووصلت إلى عمق 18 متر، وحاليًا أستطيع الغوص إلى عمق 31 متر. وبالنسبة لعالم المشي الجبلي (الهايكنج) بدأت أول رحلة في 2015 في وادي شاب، ثم بدأت باجتياز مغامرات صعبة بعضها تطلبت مني سنتين من المحاولة حتى أتمكن من إثبات نفسي واجتيازها مثل “وادي تعب” و “وادي عمق بير”. وبدأت مشوار التصوير في 2017 نظرًا لارتباط هذا المجال بهواياتي الأخرى.
- ما الرابط بين هذه الهوايات، لماذا جمعت بينها؟ وهل هي مجرد هوايات أم أصبحت أسلوب حياة بالنسبة لك؟
نابع من حبي للطبيعة، فالطبيعة مترابطة ببعضها، ومن خلال هذه الهوايات أردت أن أوصل رسالة أن الطبيعة يجب أن تترك كما هي ولا نتدخل فيها سواء بقطع الأشجار أو القتل المتعمد للحيوانات الموجودة في البيئة. بالنسبة لي أعدّها أسلوب حياة؛ لأني منذ الصغر وأنا متعلق بالبيئة وعالم الحيوانات.
- أنت تجمع أكثر من هواية لكن نرى بأن التركيز الأكبر على مجال الثعابين، فما سبب هذا التركيز عليه؟
لأنه عالم خفي، والكثير من الناس يستغرب من دفاعي عن الثعابين، كذلك لأنه مجال عملي وأصبحت على مستوى من الدراية والمعرفة ومؤهل لأن أتحدث عن الموضوع من منطلق علمي.
- ما التحديات التي تواجهك، وما الدافع الذي جعلك تعود لممارسة هواياتك على الرغم من الأزمة التي تعرضت لها؟
مهما وصلت لمستوى أشعر بالحاجة لأن أبذل وأتقدم أكثر، فأحيانا قدراتي بالطرف الصناعي تعوقني عن بعض الأمور خاصة في مجال (الهايكنج). الدافع كان عدم رغبتي في الإحساس بالنقص، ولأثبت للناس بأنني شخص مميز وقادر، كذلك أسرتي وأصدقائي كانوا الدافع والداعم لي.
- ما خططك المستقبلية؟
في معرض الزواحف بمركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى نسعى لأن نتمكن من تصنيع مصل الأفاعي بكميات كافية حتى تكتفي السلطنة ذاتيًا عوضًا عن استيراده من الخارج لأنه مكلف جدًا ويتلف بعد 6 أشهر تقريبًا. أما على المستوى الشخصي لدي خطة لصعود جبل شمس مرة أخرى وبعض المسارات الصعبة بالجبل الأخضر، وأن أصل لعمق 40 مترًا في الغوص الحر. كذلك تقديم ورشات عمل لتوعية الناس حول عالم الثعابين.
- ما الرسالة التي تريد أن توصلها للناس؟
الأفكار السلبية إذا تغلبت عليك ستكون عائقًا لك، كُن إيجابي ولا تستعجل في الحصول على نتائج النجاح، وتذكر بأن الاستمرار في السقوط ليس فشلًا وإنما الاستمرار في الوقوف هو النجاح. اصنع لك هدفًا وغاية وستصل للنجاح فقط أخلص في السعي. ورسالة لكل شخص يتعامل مع البيئة لا تكن أنانيًا في التعامل معها، ولا تعتدي على الحيوانات الموجودة فيها فهذه بيئتها ووجودها ليس عبثًا وإنما لغاية وحكمة.