الصحوة – الدكتورة أمل البلوشية
تحتفي منظمة الصحة العالمية في الثالث من شهر مارس من كل عام باليوم العالمي للسمع، حيث تخصص له شعاراً سنوياً، واختارت له أن يكون مطلباً ونداءً عالميا للبشرية باختلاف مراحلهم العمرية بالاهتمام بصحة السمع والعناية بها. (رعاية سمعية للجميع..فحص وتأهيل و تواصل )
ونحن جميعاً نتفق وعالمياً بأهمية حاسة السمع وكونها أساساً للتواصل مع الأفراد والتخاطب معهم وتمييز وفهم الكلام المسموع وتحديد مصدره وشخصه، فهي حاسة متقنة تجلت فيها حكمة الرحمن وبديع خلقه بآلية محكمة الصنع والوظيفة بدءاً من التقاط الاصوات وتوجيهها للقناة السمعية التي تؤدي إلى حركة طبلة الأذن، والتي تتوازن وتتساوى على كلا طرفيها الضغط الهوائي بواسطة قناة استاكيوس (قناة النفير)القابعة بين البلعوم الأنفي والأذن الوسطى، وهناك تتراقص العظيمات الثلاث المترابطة بكل محبة في الأذن الوسطى ناقلة الترددات للصوت المتلقي إلى الأذن الداخلية التي تتدفق مع كل حركة من سوائلها وتدافع بين شعيرات قوقعتها إشارات كهربائية تحمل بين طياتها رسائل للدماغ يترجمها معاني وتفاسير لكل صوت ارتقى للأذن.
كل هذا التناغم الوظيفي يستحق العناية به والاهتمام بصحته لتستمر وظيفته الحيوية لفترة أطول، وهنا تكمن أهمية فحص السمع لحديثي الولادة لاستدراك أي خلل منذ الولادة وعلاجه وتلافي أي آثار سلبية له، وفحص السمع عند ملاحظة أي بوادر للصمم عند الأطفال خاصة إذا ما لوحظ تجاهلهم للصوت وبداية نطقهم الخاطئ للحروف، وملاحظة التدهور السمعي لدى كبار السن وطلب ترديد الخطاب الموجه لهم تكرارا لفهم المسموع.
إن العناية بالسمع لا تعني الاهتمام بالصمم وعلاجه فقط، بل الاهتمام بصحة الأذن وعدم تعريضها للمؤثرات السمعية كالتعرض للضوضاء أو استخدام الأدوية التي قد تؤدي إلى تراجع المستوى السمعي بها، والمتابعة باهتمام بكل ما يصيب الأذن من التهابات حادة منها والمزمنة، أو أي أمراض متعلقة بالأذن كتصلب العظيمات أو الصمم بأنواعه التوصيلي، الحسي العصبي أو المختلط والاهتمام في علاجها أو الحصول على البدائل العلاجية المساعدة.
ويركز (رعاية سمعية للجميع..فحص وتأهيل وتواصل) على أهمية التأهيل السمعي التي يحتاجه الكثير ممن لديه إعاقة سمعية لتقليل تأثير الضعف السمعي لديهم سواء للأطفال منهم والبالغين مما يحقق تمكينهم لتلبية احتياجاتهم اليومية للتواصل المجتمعي والتعليمي والمهني وغيره.
ويعد التأهيل السمعي برنامج متكامل يتضمن التعرف على ماهية ونوع الفقد السمعي أو الصمم وتحديد درجته ومدى تأثيره على الفرد، واختيار الطرق المثلى لعلاجه أو استخدام المعينات السمعية كوسيلة مساعدة للسمع كالسماعات الطبية أو زراعة القوقعة، والتخاطب بلغة الإشارة والترجمة السمعية البصرية، هذا ويدير هذه البرامج التأهيلية معلمون متخصصون ومدربون للتعامل مع ذوي الإعاقة السمعية ويتعاونون يداً بيد مع أفراد الأسرة داعماً أساسياً للأصم للإسهام في النهوض ونجاح هذا البرنامج.
وتقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى إنه بحلول عام ٢٠٥٠ سيعاني أكثر من ٩٠٠ مليون شخص من فقدان السمع، هذه التقديرات يمكننا تغييرها وتقليل إمكانية وجودها بالاهتمام بصحة الأذن والسمع والأخذ بعين الاعتبار لأهمية تفعيل دور التأهيل السمعي لإيجاد طرق تساعد في ديمومة التواصل الاجتماعي بين البشر وتفعيله..
ختاماً.. رسالة اليوم العالمي للسمع ٢٠٢١:
حاسة السمع حق من حقوقك الإنسانية.. وواجبك أن تهتم بصحتها والمحافظة عليها، لتنعم بفائدتها …
ولا تنسَ قوله تعالى :(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:3].. صدق الله السميع العظيم.