الصحوة – غصن الحارثي
مع استمرار تداعيات جائحة فيروس كورونا “كوفيد 19” الذي قلب موازين العالم رأسًا على عقب، هذا الوباء المفاجئ الذي أثر على اقتصاد العديد من دول العالم وحول حياة الكثير من الناس من حالة السكون إلى حالة فوضى، تشبه حالة البورصة في القفز بين النتائج لترفع البعض وتسقط البعض الآخر.
وتفشي فيروس كورونا أخرج العولمة من قالبها المتعارف عليه إلى قالب آخر مختلف تمامًا، فكان على جميع الدول السعي لأجل تطوير معطياتها الداخلية والاكتفاء بخزينة الدولة، كما كان على الدول أن تسعى لتطوير نظامها الداخلي في التعامل مع الجوائح المختلفة خاصة فيما يتعلق بنظام العمل والتعليم عن بعد، والتقليل من أسلوب الاحتكاك الاجتماعي؛ حتى تقل فرصة انتقال العدوى بين الأفراد، أو الإصابة بفيروس كورونا أو الفيروسات المتحورة منه.
ويقول روبرت جيرفس أستاذ في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة، أنه عندما ينتهي هذا الوباء سنجد أن المشكلة الحقيقية متمثلة في الإخفاق في العمل بشكل فوري، وفي مسألة تشكيل تعاون دولي فعال بين الدول. ومن جهة أخرى ذكر بعض المحللون أن هناك شكلًا جديدًا من أشكال العولمة التي ستخرج إلى العالم من شكلها المتعارف عليه إلى عولمة جديدة، ولن تكون عولمة الهيمنة إنما ستعتمد على التعاون والشراكة الدوليين.
وفي ظل ذلك ستكون اللفتة الكبرى على ما يطلق عليها الكثيرون “وظائف المستقبل” والتي ستكون موجودة بناء على سياسة العمل عن بعد كما ستعتمد على التقنية في شتى نواحيها، وستختفي الكثير من الوظائف الحالية وتستبدل بوظائف أقرب للعمل عن بعد كما سيخرج من بعض الوظائف الحالية تخصصات جديدة ترتبط بها ولكن بالصورة التي تطوع فكرة العمل عن بعد باستخدام التقنية.
وفي حين أن ما حدث من اضطراب في عملية التعليم والعمل فيرى الكثيرون أن الجائحة سرعت من عملية تطبيق الدراسة عن بعد، وهو بدوره رفع من اقتصاد الوظائف التقنية التي سعت للظهور بشكل أكبر خلال الفترة الأولى من الجائحة وهذا ما جعل للتكنولوجيا دورًا مهمًا في متغيرات العصر خلال الجائحة.
إلا أن مسألة العمل عن بعد ستجعل من فرصة قضاء الوقت بشكل منفرد أكبر من المعدل المعقول وهو ما قد يتسبب في خلق الكثير من الاضطرابات النفسية المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية، ليبقى هذا الأمر معتمدًا على كل فرد ومحاولاته في حل أزماته من كافة الجوانب أثناء سيطرة الجائحة على العالم.
لذا أرى أن كل ما علينا فعله هو استثمار فرصة العمل عن بعد في الظروف الراهنة خاصة مع احتمالية بقاء الوضع لمدة أطول، والتكيف مع الفكرة، واستغلال كافة الفرص الممكنة مستقبلًا.