الصحوة – سليمة بنت عبدالله المشرفية
بادئ ذي بدء دعونا نتفق على أن التغيير هي السنة الكونية الثابتة، فكل شيٍ في هذا الكون قابل للتغيير بل ومخلوقٌ ليتغير وتجري عليه حوادث الليل والنهار مما يعرّضه للتغيير سواء كان هذا التغيير نحو الإيجاب المرغوب به أو نحو السلب الغير مرغوب به فإن النتيجة واحدة في حدوث التغيير!
إن جسم الإنسان بكامل أجهزته وأعضائه تتجدد وتتغير في كل عام وكأنه يولد من جديد ومن رحمة الله به أنه أبقى له ذاكرته العقلية والقلبية من أجل استثمار خبرته في الحياة لما فيه صلاحه وصلاح رسالته الدنيوية وإلا لو كانت هذه الأجزاء تتغير أيضا لفقد الشخص منا كل معلوماته وخبراته وتجاربه في فترة بسيطه وتعذرت بالتالي استمرار التجربة الإنسانية واندثرت معالم رسالته!
هناك من البشر من تتغيّر طريقة تعامله مع الآخرين بمجرد امتلاكه شيٍ من المال أو من الوجاهة فيصرخ من حوله بخيبه:(فلان تغيّر ) وهذا الإنسان في الحقيقة لم يتغيّر ،وكل ما في الأمر أنه لم يكن هناك ما يكشف مبادئه ويفضح ما في نفسه من كِبر ،وحين جاء التغيير الطبيعي في حياة كل البشر تكشفت طريقة تعامله الكامنة في نفسه مع المتغيرات!
إذن فالعبرة ليست بالتغيير فذلك أمر طبيعي وقد يكون التغيير إيجابي في حياة الفرد كأن يكون انتقل من وضع ماديٍ متردي إلى وضع أفضل ،أو أنها كانت تحلم بأسرة سعيدة فتحقق لها ما تمنت ،أو أنه كان يتمنى درجة وظيفية راقية فتحقق له ذلك فهذه كلها تغييرات إيجابية بل العبرة تكمن في طريقة التعامل مع التغييرات ومقابلة الشخص لها فهل كان بالشكر للحق والتواضع للخلق أو كان بالجحود والخُيلاء والغرور …
من ذلك فإن التغييرات ضرورية في حياة الإنسان لبيان معدنه واختبارٌ عملي لما تنطوي عليه نفسه بغض النظر عن طبيعة التغيرات والجملة الصحيحة هنا ليست فلان تغير ولكن فلان بان معدنه وتكشفت طويته ، وهنا تبرز لنا حكمة الباري مرّة أخرى من عدم تجدد الخلايا العصبية المحتوية على تاريخ المرء المعلوماتي، حتى لا يفقد الإنسان اختياره الذي فُضِّل به على سائر المخلوقات في تغيير مبادئه تغييرا لا يرغب به!