الصحوة – فاطمة المقبالية
إن الفن والرسم رسالة عظيمة وعالم جميل يعيش فيه الفنان. الفنانة أقدار علي الشبيلة طالبة في جامعة صحار، نسجت من الألوان رسوما بديعة، أحبت الفن والألوان منذ نعومة أظافرها ومزجت لنا أجمل الصور، ثم أخذت من ذلك العالم الخيالي طريقا إلى عمل أدبي روائي رائع. فالفن يكون إبداعا عندما يمتزج القلبُ مع عمل اليد، وهذا ما جسدته لنا الفنانة أقدار التي حاورناها في وسط أجواء فنية عشناها في فندق” ميركيور”.
نقطة الانطلاقة إلى عالم الرسم.
-حدثيني عن بدايتك في الرسم.
بدأتُ في الرسم منذ نعومة أظافري، ورثت الموهبة من شقيقتي الكبرى التي أعدها مثلي الأعلى في تنوير طريقي حول هذا اللون الفني الجميل، اكتشفت موهبتي بعد ذلك معلمة الفنون التشكيلية في الابتدائي، ومنذ ذلك الحين وأنا أسعى إلى تطوير موهبتي في الرسم سنة بعد سنة إلى أن اتقنت أساسيات الرسم، للخروج بعمل إبداعي مشرف.
-يعني ذلك أن الرسم موهبة قبل كل شيء من وجهة نظرك؟
نعم أرى أن الرسم موهبة بالفطرة قبل كل شيء، ولكن الموهبة لا تكفي وحدها بل يجب صقلها بالممارسة والتدريب والتعلم، لإنجاز أعمال فنية ذات مستوى عالي.
-ما شعورك عندما تمسكين قلمك للرسم؟
ابتسمت، وقالت ” أشعر وكأني في عالم آخر، عالم يكسوه الهدوء، وتصرخ فيه الألوان، وتتصادم فيه الخطوط”.
-لماذا وصفتِ الرسم بالعالم الهادئ؟
لأنه ذاك العالم الخيالي الذي لا يضج فيه أحد سوى ألوانك وأوراقك، البعيد عن إزعاج هذا العالم والبعيد عن هذا الواقع الملي بالضوضاء.
-ما هي أكثر الرسومات التي تميلين لرسمها؟
أحب تجربة مختلف أنواع الرسم، فقد بدأت بالرسم العفوي التقليدي المعتمد على الألوان الخشبية ثم الألوان الزيتية في رسم الطبيعة وبعض الأشياء الجامدة، إلى أن أصبحت أميل في الفترة الأخيرة لرسم الأشخاص(بورترية)، والرسم الرقمي.
-هل للتطور التكنلوجي تأثير على مسارك في الرسم الرقمي؟
بالتأكيد نعم، فأنا أحب دائما مواكبة العصر والتقدم، فالتطور التكنلوجي بما فيه من برامج وأجهزة متخصصة للرسم، ساعدني على السير نحو هذا الاتجاه من الفن الرقمي كونه محبوبا لدى الجمهور.
قلتِ الجمهور، فهل لوسائل التواصل الاجتماعي تأثير على خيارتك الفنية؟
أخذت نفسا عميقا، وقالت: “الرسم رسمي، ولكنه للجمهور”، ومواقع التواصل الاجتماعي أتاحت لي الفرصة للظهور أمام الآخرين، ومشاركتهم لأعمالي، فأنا حقيقة أميل إلى توجهاتهم، وأحب انتقاداتهم وأعمل على تحسين أعمالي منها، نحن نتشاركُ معا في الآراء، فهم منبع إبداعي المستمر، فشكرا لجمهوري الوفي.
-كم عدد الساعات التي تستغرقينها في الرسم خلال اليوم؟
تقريبا ساعة إلى ساعتين يوميا، وأحيانا يقل وأحيانا يزيد وذلك حسب وقت فراغي.
-تقريبا كم المدة التي تستغرقيها لإنجاز رسمة واحدة في تمام صورتها؟
في حقيقة الأمر يعتمد ذلك على حسب حجم الرسمة، فإذا كانت الرسمة صغيرة الحجم -ورقة ” أ4″- أستغرق لرسمها في حدود يومين تقريبا، أما إذا كانت الرسمة أكبر من ذلك استغرق في رسمها عادة من ثلاثة أيام إلى أسبوع.
-هل هناك ظروف أو طقوس معينة للرسم بالنسبة لكِ؟
نعم، بالنسبة لي أحب الرسم في مكان هادئ، ومنظم، مع كوب من القهوة الباردة، وأفضل الرسم في منتصف الليل حيث ذلك الهدوء والسكينة.
-ما هي أبرز الصعوبات والعقبات التي تواجهك أثناء الرسم؟
سكتت برهة؛ وأجابت: إن الحياة لا تخلو من الصعوبات والعثرات، ولكن أبرز الإشكالات التي تعتري طريقي في الرسم هي محاولة رسم صورة مثلما أتخيلها في مخيلتي، فأسعى جاهدة إلى تطويع خيالي وتجسيده في رسمة أشبه ما تكون قريبة من الواقع، كذلك أجد صعوبة في استخراج لون معين أثناء عملية دمج الألوان؛ وذلك لتكون تلك الألوان قريبة من الواقع أيضا.
-هل تخصصك البعيد عن موهبتك الفنية له تأثير سلبي على إنجازاتك؟
لا، هذا لم يمنعني من مواصلة مسيرتي في الأعمال الفنية بالعكس سأجعل من ذلك تحديا وسلما للصعود إلى الأعلى، فأنا أجد نفسي في تلك اللوحات الفنية، فهي نفسي ومتنفسي.
-من يشكل الداعم الحقيقي بالنسبة لكِ في عالم الرسم؟
الداعم الحقيقي لي كوني إنسانة ذات كيان قبل كوني رسامة هما والدي المحفزان لي دائما للمضي قدما، كذلك أخوتي، ثم صديقاتي، ومعلماتي في المدرسة، وجمهوري عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولا أنسى نفسي المثابرة.
التقاء الإبداع الفني والأدبي
-أقدار معروفة بالرسم، ولكن رأينا في الفترة الأخيرة إصدارها أول كتاب روائي، فهل للرسم تأثير على سيرك نحو الكتابة الروائية؟
أولاً أحمد الله أن وفقني في نجاح عملي الروائي الأول” رواية زمهرير”، الذي صدر في يوليو 2021م في المملكة العربية السعودية.
ثانيا بالطبع للرسم تأثير كبير في سيري نحو هذا الاتجاه الأدبي، حتى في بداية رحلتي الأدبية كان الرسم مرافقا لي، فأنا أقوم برسم وربط بعض الأحداث الذي تحدث في القصة مما تعطي صورة توضيحية للقارئ وتجعله يتخيل بشكلٍ أفضل؛ فمثلا في روايتي قمت برسم مبسط في بداية كل فصل من الرواية، كما أنني قمت برسم غلاف الرواية. فكل ما في تلك الرواية من عملي أنا، فأحببت المزج بين عملي الأدبي والفني معاً. فشغف الرسم فتح لي مجال الكتابة الروائية، وتجسيد تلك الرسومات في القصة، فعالم الرسم، مفتحا لعوالم أخرى.
-أعتقد أن اسم “زمهرير” اسم غريب، من أين لك هذا التسمية؟
في حقيقة الأمر لقد سمعت بهذا الاسم صدفة في إحدى الأفلام السينمائية، فلفتني هذا الاسم، ثم بدأت بالبحث عن معناه في الإنترنت حتى وجدته، والذي يعني (البرد الشديد)، فساعدني هذا المعنى في تخيل أجواء القصة ومن هنا بدأت فكرة الرواية.
-هل تعتقدي أن تلك الرواية هي الرواية الأولى والأخيرة، أم أن هذه الرواية هي فاتحة للمزيد من الأعمال الأدبية الروائية؟
” رواية زمهرير” ستكون بإذن الله تعالى مفتاحا لدخولي نحو العالم الأدبي، وإن شاء الله سوف يكون لي مستقبلا المزيد من الأعمال الأدبية ذات المستوى العالي.
-هل تعتقدي في يوم من الأيام أن الرسم والكتابة سيكونان مصدر شهرة، ودخلا أساسيا لكِ؟
عالم الفن أسمى من ذلك، فلن أعتبر الرسم والكتابة مصدر شهرة، وإنما مصدر إلهام وتوصيل رسالة إلى العالم، ومن الجميل أن يحول الشخص موهبته إلى عمل ويستثمرها، ويعتمد على نفسه وتصبح الموهبة مصدر دخلا ورزقا له.
النظرة المستقبلية
-ما هي خططك وطموحاتك المستقبلية؟
ما أجمل أن يكون الإنسان بعيد النظر وصاحب طموح عالٍ، فأنا أطمح أولا، بأن أكون واحدة من الرسامين المعروفين دوليا ثم عربيا ثم عالميا، وأن يكون لي متجر خاص لعرض رسوماتي وأعمالي الفنية وأستطيع المشاركة بها في معارض كبرى، كما أسعى إلى إنشاء أعمال أدبية روائية وأن يكون لي أكثر من إصدار خلال السنوات القادمة.
توجهات
-لو نزل المطر وأغرق المنزل، واضطررتِ أخذَ شيء واحد معك، ماذا سيكون؟
حدقت بي وقالت، بالطبع لن أستطيع أخذ جميع الأشياء التي أحبها؛ كلوحاتي، وكتبي، ومعداتي …ومن حيث المنطق سوف أخذ هاتفي فهو بالنسبة لي تلك الحافظة التي أدون فيها كل أفكاري ومخططاتي وبها كل أعمالي، فسوف يكون معي كل شيء بشكل غير ملموس (نسخة الإلكترونية) أفضل من شيء واحد، أو لا شيء حتى.
-أخبريني عن شيء لا يعرفه الناس عنك؟
تحركت نحو النافذة وقالت، مالا يعرفه الناس عني؛ هو حبي لإشراقة الشمس في بدايات الصباح في تلك اللوحة الجميلة، ما بين ظلام رائح، وضوء جديد يولد، والتي تشعرني بالحماس والتجديد وأن لا زال في هذه الحياة متسع، فهذا الإبداع الكوني من الخالق الأعلى يحفز قريحتي للرسم. كذلك أحب تلك الموسيقى الهادئة، فهي سر إلهامي للفكر والإبداع.