الصحوة – د.حمد بن ناصر السناوي
ونحن نستقبل العام الجديد لابد لنا من وقفة مع النفس نراجع فيها حساباتنا ونتأمل المرحلة التي وصلنا إليها في مدرسة الحياة ، فالأيام تنقلب إلى أشهر وسنوات و نحن نكبر وتكبر معنا طموحاتنا وآمالنا التي ربما نتمكن من تحقيق بعضها لكن يبقى للبعض الآخر أمنية ينتظر أن تصبح حقيقية.
يختار العديد من الناس بداية العام لاكتساب سلوكيات جديدة عادة ما تتمحور حول الاهتمام بالصحة الجسدية وتناول الطعام الصحي والانتظام في ممارسة الرياضة أو ترك العادات السيئة مثل التدخين والوجبات السريعة ، وربما يضيف البعض الاهتمام بالصحة النفسية كجزء من منظومة التغيير ، لذلك ارتأيت ذكر بعض النقاط التي يمكن الانتباه إليها من تعزيز صحتنا النفسية ، وهي:
* كن مع الله :
التوكل على الله مفتاح النجاة في كل شيء واللجوء إليه في الرخاء والشدة يساعدنا في تخطي مصاعب الدنيا، تذكر أن يكون بداية كل عملك إخلاص النية ، احرص على التوبة و تذكر أن باب التوبة مفتوح إلى أن يحين أجلك ، لا يغرنك متاع الدنيا الزائل عن ذكر الله واستشعر مخافة الله في الخلوات لتتجنب مداخل الشيطان.
*نظم وقتك:
يعتبر الوقت من أهم الثروات التي وهبنا الله إياها والتي إن لم ننتبه إليها تسربت من بين أيدينا دون أن ندري، فاليوم الذي يمضي لا يعود. أغتنم وقتك و انتبه للصوص الوقت من حولك مثل جهاز الهاتف و الدردشات التي لا طائل منها، ومتابعة أشباه المشاهير في مواقع التواصل وهم يحاولون جمع المزيد من الإعجاب، كل هؤلاء يسرقون من وقتك الثمين .
* تجنب الأشخاص السلبيين:
أحيانا يسهم الأشخاص من حولنا -ربما من دون قصد – في خلق بيئة سلبية تبعث على مشاعر الإحباط والفشل ، هؤلاء يكثرون من التذمر و يرون النصف الفارغ من الكأس و يجدون لكل حل مشكلة عويصة ليرفعوا أيديهم بعد ذلك في الهواء متخذين شعار “لا جدوى من المحاول”.
* توقف عن القلق على كل شيء:
يخبرني أحد الزملاء انه بعد أن ينتهي من تقديم محاضرة أو ورشة يدخل في حوار مطول مع نفسه ، يخشى من أن يكون قد قدم المحاضرة بطريقة سطحية وأن الحضور قد يتحدثون بالسوء من خلفه ، يقضي الساعات يفكر “لو قلت كذا أو فعلت كذا “، هذا القلق يستهلك من طاقته ويحرمه الاستمتاع بما قدم ، هذا الزميل استفاد من بعض الأفكار العملية في مواجهة هذا القلق مثل تمارين تحدى الأفكار أو جمع آراء الحضور بعد المحاضرة واستخدام تلك النقاط في تحسين أدائه في المرات القادمة.
* تعلم قول “لا”:
الكثير منا تعود أن يساعد الآخرين وأن يلبي طلباتهم حتى وإن كانت فوق طاقته، العامل الذي يعمل ساعات إضافية فقط ليرضي مديره ، والموظف الذي يؤجل أخذ إجازاته السنوية خوفا على مصلحة الشركة التي يعمل فيها ،هؤلاء تعودوا قول نعم حتى وإن كان على حساب صحتهم الجسدية والنفسية، قول “لا” قد لا يكون سهلا خاصة وقد تعودنا مساعدة الآخرين و نيل رضاهم ،لا أن تقول “لا”في الوقت المناسب يجنب العديد من الضغوطات .
*مارس الامتنان:
لا ينكر أحد أن حياتنا العصرية يغلب عليها طابع المادية ، فالكثير منا يسعى لاقتناء أشياء يريدها ولا يحتاجها ، حتى وإن حصل عليها انتقلت رغبة التملك نحو سلعة آخرى ،وهكذا ، الامتنان يشمل تذكير نفسك بنعم الله عليك التي لا تعد ولا تحصى ، فبينما أن تستيقظ في بيتك وبين أسرتك بينما غيرك ينام في سرير بأحد المستشفيات ، أو يفترش الأرض في مخيم اللاجئين ، وقبل أن تتذمر أن سيارتك من الطراز القديم تذكر أن غيرك لا يملك سيارة ، الامتنان لا يعني التخلي عن الطموح بل يعني شكر الله على النعم وعدم اللهاث خلف متاع الدنيا الزائل.
ختاما، أتمنى لكم سنة جميلة تتحقق فيها أمانيكم و أحلامكم.