الصحوة – ترجمة: صفية الشرجية
إنَّ سياسة عُمان: “صديقة الجميع، عدوة لا أحد” جعلتها هي الملاذ الآمن في المنطقة. فريدة بموانئها العالمية الثلاث والتي تشمل ثلاث شراكات أوروبية رئيسية. ميناء صلالة، وهي قناة خليجية أمريكية سريعة النمو، تم بناؤها بالتعاون مع شركة “مايرسك” من الدنمارك. ويركز مشروع ميناء صُحار، الذي شيَّدهُ ويُديرهُ ميناء “روتردام” الهولندي، على حركة الملاحة في منطقة الخليج، والذي يتميّز بسرعة تطوّره كمركز غذائي آمن في المنطقة. أمّا ميناء الدقم لا يزال قيد الإنشاء من خلال الشراكة العُمانية البلجيكية. باختصار، انضمَّت عُمان إلى أول وثاني أكبر موانئ أوروبا، مع واحدة من أكبر الشركات البحرية في العالم لخدمة المصالح العالمية في الخليج بأمان.
صلالة، التي بُنيت بأمر من حاكم المنطقة الأكثر خبرةً واحتراماً السلطان قابوس بن سعيد، وهي مركز لحركة الحاويات وتوزيعها بين الشرق والغرب. وسجلت زيادة في حركة الملاحة بنسبة 19% في عام 2017 مقارنة بالعام السابق. إجمالاً تولّت صلالة إدارة 13.5 مليون طن من البضائع في عام 2017. وسجلَّ ميناء صُحار والمنطقة الحُرة نمواً غير متوقع في حركة الحاويات بنسبة 36% من عام 2016 إلى عام 2017. وفي المتوسط قامت شركة صحار بتجهيز أكثر من مليون طن من الشحن أسبوعياً في عام 2017. مع مجموعة إضافية من 40 هكتار تشمل مطحن دقيق ومعمل لتكرير السكر ومجمع للحبوب. ومن المتوقَّع أن يبدأ تشغيل ميناء الدقم هذا العام. خاصة لسلطنة عمان فإن الصين، الهند، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كلها تشارك في زيادة ثروة الدقم المُستقبلية وأهميتها الاستراتيجية. وأقل قليلاً من 90 شركة دولية أقامت بالفعل أعمالها في منطقة التجارة الحُرة. وتشمل القطاعات الصناعية تصنيع المواد الغذائية، والمعادن، ومعالجة المعادن واللوجستيات، في حين سيتم بناء مصفاة ستكون من أكبر مرافق تخزين النفط في العالم.
ربما ليس من المُستغرِب أن سجَّلت سلطنة عمان في العام الماضي نمواً اقتصادياً قياسياً بنسبة 8.7%. ومن بين الشركاء التجاريين الرئيسيين لعُمان الحاليين: الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة، والصين، والهند، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وإيطاليا. ولرفع هذا النمو الرائع إلى المستوى الأعلى، قرَّرت سلطنة عُمان الجمع بين جميع الموانئ والبنية التحتية ومناطق التجارة الحُرة تحت مؤسسة واحدة، وهذه المؤسسة هي المجموعة العُمانية العالمية للوجستيات (ASYAD)، يقودها الرئيس التنفيذي المهندس عبد الرحمن الحاتمي، المُكَّلف بتزويد المنطقة بأفضل الخدمات اللوجستية والتنافسية. من خلال الاستثمارات اللوجستية المحليًّة والدولية، من المتوقع أن تحل “أسياد” محل إيرادات الموارد الطبيعية الحالية في السلطنة بشكل تدريجي مع المداخيل والتجارة والخدمات المتطوِّرة والمتقدمِّة في مجال التصنيع والخدمات اللوجستية. تهدف “أسياد” إلى أن تصبح واحدة من أكبر عشر شركات لوجستية عالمية. حيث تشمل محفظة أعمال شركة “أسياد” التوسع إلى ما وراء الأنشطة الأساسية على المستويين الوطني والدولي، وبناء أفكار تجارية تنافسية تُمكِّن السلطنة من أن تكون وجهة لوجستية واستثمارية عالمية، فالمجموعة العُمانية العالمية للوجستيات هي الذراع التنفيذي للحكومة في القطاع اللوجستي والتي تهدف خطتها الاستراتيجية الحالية من عام 2017 إلى عام 2020 للحصول على إمكانيات في مجال الشحن والخدمات اللوجستية، ولتحقيق وجود للشركة في المناطق الجغرافية الرئيسية حول المحيط الهندي. وتهدف المرحلة الأخيرة حتى عام 2020 إلى تعزيز النمو، والحصول على رأس مال جديد. إنَّ “أسياد” جزءٌ لا يتجزأ من خطة تنمية اقتصادية عمانية مُعززة ومُنضبطة. ويشمل ذلك نمو القطاعات الهيدروكربونية وغير الهيدروكربونية ودمج المالية العامة من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات. وبذلك حصدت خطة جلالته الاستراتيجية لسلطنة عمان ثمارها.
يستمر القطاع المصرفي في عُمان في النمو، وهو يلبي حالياً احتياجات جميع القطاعات، وخاصةً العمود الفقري الاقتصادي العُماني، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، من خلال دعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة. كما تشجع القطاع المالي أيضاً إلى التنويع الاقتصادي. وقد ارتفع الائتمان المقدم للقطاع الخاص بنسبة 6٪ ليصل إلى 21.5 مليار ريال خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018. تاريخياً لعبت عُمان – بالنسبة للقوى الأوروبية القديمة مثل المملكة المتحدة وهولندا والبرتغال وإيران والصين – دوراً حاسماً في التجارة الدولية والتقدُّم المحلي. من خلال إمبراطوريتها الاستعمارية بما في ذلك أجزاء من الهند وباكستان والصين وأجزاء رئيسية من ساحل شرق أفريقيا، كما ساهمت عُمان أيضاً في ازدهار هذه الدول وتطورها الديني والثقافي.
إنَّ الفنادق العُمانية الرائعة والضيافة تنعم بدمج مختلف الثقافات منذ عدة قرون، وتضع علامة عُمان كملاذ آمن للعالم في مجال الترميم والتجارة والسلام. والجدير بالذّكر أنّ جلالة السلطان قابوسبن سعيد المعظم أولى اهتماماً كبيراً بالمرأة وحقّها في التعليم، فكانت عُمان من بين الدول الخليجية الأولى التي تضم مؤسساتها نساء وزيرات وسفيرات. كما يُسجّل تاريخ عُمان أقدم البعثات الدبلوماسية إلى أوروبا والولايات المتحدة والصين. وتتميز عُمان بأنها على استعداد دائم لاستقبال الشراكة والاستثمار في الاتحاد الأوروبي.
المصدر: https://www.theparliamentmagazine.eu/blog/oman%E2%80%99s-strategic-importance