الصحوة – ظافر بن عبدالله بن أحمد
القانون هو عصب الحياة ومرآة المجتمع، الذي ينوب إرادة الناس في ضمان المصلحة العامة، والمنظم لسلوكيات الأفراد واحتياجاتهم، وهو الجندي الحريص على خدمة الإنسان لا لمضايقته، وما كان إتساع دائرته إلا نتيجةً لضيق دائرة الأخلاق والفطرة السويه التي تهدد النظام وتهضم الحقوق وتخل بأداء الواجبات؛ وبالرغم من انضباطية ودقة لغته، إلا أنه لا يخلو من روح يفترض حسن النوايا والبراءة أولًا ما دام لم يثبت عكسه بالبرهان، ومن رحمة يحكم من خلالها مراعاةً للظروف بحيث أن يتناسب مع قسطاس العدالة.
وإن من مسؤوليات الأفراد تجاه القانون هو فهم جوهره،
وإدراك رسالته المكرسه لهيمنة الحق ودحض الفساد، وتفعيل طرق استئثار الحقوق عن طريق صحيح القانون دون إخلال، مؤكدة على أن للعدالة نسخة واحدة وأدوات محددة وللحرية مكيال معتمد، ولا استثناءً يرخص طريقا للإلتفاف حوله، وأن إشاعتها مقررة للإثراء لا الافتقار، وما كان نتيجة توسعها إلا سيادة الأمن والاستقرار، ورفد المجتمع بالمثقف القانوني أو الشخصية القانونية المستأمنه النزيهة ذات الحس اليقض والضمير الحي، على اعتبار أن تلك من خصال وآثار طلاب مدرسة الحقوق.
الإنسان هو أساس فاعلية القانون، وما مفهوم الجزاء إلا لتأكيد عدم التهاون والتراخي في تطبيقه، وما سببه إلا لغايات الإصلاح والردع والزجر، لذا كان من المسلم فيما يتعلق بقضية الانصياع للاوامر ما تكون إلا طواعية ناتجة عن قناعه مدركة للعلاقة المترابطة بين القانون وبين المجتمع؛ وفي المقابل كل ممارسة لا تنتهج ذلك النهج لها ظروفها المضللة التي ساهمت في عدم استيعاب الأضرار التي سوف تصيب الفرد نفسه أولا قبل أن تثقل المجتمع بما لا طاقة له فيه.
إن عنوان المقالة لها رمزية قوية استخدمتها بعض التشريعات لأهداف عديدة لعل منها كسب الأفراد المخاطبين بها وضمهم تحت فرقة المنضبطين، ودعوتهم لتحكيم العقل وإتاحة مكنه الاختيار لترسيخ الحق، على أساس أن المنطق والمعقول والمناسب والمقبول يشيرون إلى أن ذلك الاختيار هو الطريق الصواب، ومع ذلك إن صادف الاختيار مجانبة الصواب فما تترك لهم الأمور دون رقابه ومحاسبة.
إن المدرسة التي من شأنها أن تسهم في بناء الأمم هي مدرسة الفكر وبناء الإنسان، فالفكر قاعد السلوك ومرتكز الشخصية، والإنسان هو الصانع والباني؛ وفي المقابل علم القانون عُلم اجتماعي مبنيًا على ذلك النهج ومهتم لتكريس هذا المفهوم، ومتوافقا مع قوله عز وجل:(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)-صدق الله العظيم- ومنسجما مع وصية النبي القائد المعلم صلى الله عليه وسلم الذي أوصى أمته:( أن يطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير).