الصحوة – بلقيس الهنداسية
تعتبر محافظة ظفار واحدة من أكثر المناطق الجغرافية التي تتميز بمناخها المعتدل على مدار العام ، محققةً محطة جذب كبير في شبه الجزيرة العربية ؛ حيث يشكّل موقعها تناغماً جغرافياً يتجلى في امتزاج الجبال الشاهقة مع جمال الصحراء وزرقة البحار.
ولعل أبرز ما يميّز ظفار عن غيرها هو فصل الخريف الاستثنائي الذي يستمر لعدة أشهر ، فيه يتهيأ الناس من شتى بقاع المنطقة تاركين صخب المدن موحدين الوجهة إلى “أرض اللبان” حيث الرّذاذ المنعش، والنسمات الباردة، والهواء العليل، والأمطار الموسمية، والبساط الأخضر الذي يكسو الأرض ؛لتتحوّل الجبال والسهول إلى رقعة خضراء تبهر الناظرين.
هذه العوامل الجغرافية والمناخ المميز جعل لظفار بيئة مثالية لاحتضان النباتات والأشجار النادرة المعمرة و المهددة بالانقراض ، منها شجرة “التبلدي العملاقة” أو “الباوباب” وتسمى أيضاً “الكلهمة”، “البوحباب”، “القارورة”، “المقلوبة”، “خبز القرود”،وتسمى محلياً “باللغة الجبالية الظفارية”: أكيجيه، مكيجيه، هيروم ذري.
وتعد هذه الشجرة من أكبر وأضخم الأشجار في شبه الجزيرة العربية ، ويُقدّر عمرها حوالي 6000 عاماً،كما أن أوراق هذه الشجرة تستمر وقت الخصب والأمطار الموسمية، ثم تظل باقي الأشهر بدون أوراق، وما يميزها عن بقية الأشجار هو ضخامة جذعها ، إذ يبدو الجذع وكأنه برميل ضخم مرتفع يتراوح محيطه في بعض الأنواع إلى 42 مترًا ،وفي موسم الأمطار تخزّن الشجرة في جذعها كميات كبيرة من المياه تستخدمه في فصل الجفاف.
وذكرت بعض المصادر أن هذه الشجرة تتركز تحديدا في ولايتي ضلكوت ومرباط، ويقدّر عدد هذه الأشجار بـ 200 شجرة،وكل هذه المميزات بشجرة “التبلدي العملاقة ” جعلت من تلك الولايتين ملاذاً وعاملاً جاذباً للزوار والمهتمين والباحثين بالحياة النباتية والفطرية؛ للاستمتاع بشاهدة مثل هذه الشجرة الضخمة التي تتفرد عن غيرها من الأشجار في المنطقة .
جدير بالذكر أن موطن هذه الشجرة في إفريقيا بالتحديد في جزيرة مدغشقر والسودان وكذلك في أستراليا واليمن.