الصحوة – محمد الفارسي
لو سألتَ أيّ رياضيّ عن زيادة فاعليّته في أدائه الرياضيّ، فبكلّ تأكيد سوف يجيب: نعم، فالتطور في أيّ رياضة من الرياضات، وتحقيق الأهداف والإنجازات المرجوّة، هو غاية يسعى إليها أغلب الرياضيين، ولكن تسعى فئة من الرياضيين لتطوير أدائها بطريقة تسبّب لها تبعاتٍ سلبية، وآثارا جانبية؛ لأنها باختصار: طريقة غير مشروعة أو غير طبيعية للجسم الرياضي.
فرياضة كمال الأجسام من أكثر الرياضات التي يسعى لاعبوها إلى التطوّر السريع، ويبذلون كل جهودهم فقط لكي يحصلوا على التغيّر المرجوّ.
ولكن السؤال: هل حصول هذا التغيّر سيكون مفيداً، حتى لو بإدخال محسّن أداء للجسم؟
إن البيئة التي يعيشها لاعبو كمال الأجسام يشيع فيها استخدام محسنات الأداء، وهي إدخال الهرمونات، مثل “التستوستيرون” لزيادة القوة العضلية وضخامة العضلات وتحسين أدائهم في التمرين، فيدخل اللاعب المبتدئ للصالة الرياضية ليجد أمامه مجموعة كبيرة من لاعبي كمال الأجسام ذوي عضلات ضخمة، فينبهر بأدائهم وأجسامهم، وبعد إدراكه أنهم قد استخدموا محسنات الأداء؛ فقد يندفع للتجربة، ولكنه لا يدرك خطورة هذه المحسنات، ولا يدرك آثارها الجانبية التي قد تصيبه بعد إدخاله مثل هذه المواد إلى جسمه، وكذلك لا يدرك المصدر الذي تأتي منه هذه المادة، وهنا تكمن الخطورة الكبرى، فالعديد من محسنات الأداء التي يتم تزييفها أو لا يتم تخزينها بشكل مناسب، ويتم تهريبها أو بيعها بسعرٍ مغرٍ، فقد تؤدي هذه المحسنات إلى العقم التامّ في بعض الأحيان، وكذلك قد تصيب الكبد، وقد تسبب الانتفاخ في غدّة البروستاتا(١).
وكذلك في بعض الحالات تصل الأعراض إلى الموت، ومن أشهر الأمثلة لاعب كمال الأجسام الأمريكي “سيدريك ماكميلا” الفائز ببطولة “أرنولد كلاسيك ٢٠١٧” قد أصيب بنوبة قلبية بسبب تناوله لأدوية محسنة للأداء؛ مما أدى به للوفاة بعمر ٤٤ عاماً.
وقد ذكرت إحدى الدراسات أن لاعبي كمال الأجسام ترتفع حالات الوفيات لديهم بنسبة ٣٤٪ عن الناس العاديين.
وكان معدل الوفيات في الفئة العمرية بين ٤٥-٤٩ سنة أكبر بثلاثة أضعاف عن الناس العاديين (٢).
وبعد هذه الدراسات والأبحاث يأتي جاهل ويقول: “خذلك إبره وبتصير وحش”.
لقد كرّم الله الإنسان بالعقل؛ لكي يجعله أساساً في اتخاذ القرارات، والتفكير الواعي، فيجب على كلّ رياضيّ أن يدرك ويتعمّق في كل قرار يتّخذه ويفكر في صحته وأدائه الرياضيّ بشكلٍ طبيعيّ دون استخدام طُرق غير سليمة قد تضرّه، وهذا لا يقتصر على الرياضيين، فكل إنسان يجب أن يفكر بتبعات قراراته وأن يستند للعقل والمعرفة في اتخاذ القرار المناسب لتطوير نفسه وذاته.