الصحوة – د. حمد بن ناصر السناوي
منذ أيام نشرت العديد من مواقع الأخبار المحلية خبرًا عن دراسة محليه تقول أن محاولات الانتحار في إحدى مدارس السلطنة بلغت 6 حالات وأن سبب هذه الظاهرة مشاهدة المسلسلات الكورية والأنيمي. و بعيدًا عن التحليل العلمي لمنهجية تلك الدراسة والبراهين التي استندت إليها الباحثة وطرق اختيار عينة البحث والمقاييس المستخدمة في تقييم الأفكار الانتحارية و محاولات الانتحار ، إلا أن إعتبار مشاهدة المسلسلات الكورية والأنيمي سببا لمحاولة الانتحار في رأيي استنتاج غير علمي ، فالانتحار ظاهرة معقدة تتداخل فيها عوامل عديدة ، ولعل القارئ يتسائل إذا كان مشاهدة المسلسلات السبب فلماذا اقتصر العدد على ستة أشخاص فقط رغم أن المشاهدين أكثر من ذلك؟ وغيرها من الأسئلة التحليلية الضرورية لفهم نتيجة هذه الدراسة ، هذا الخبر دفعني إلى البحث عن مسلسلات الأنيمي وهل تسبب الإدمان؟
كلمة “أنمي” تطلق على نوع من الرسوم المتحركة والكتب المصورة والأفلام المصنوعة بشكل خاص والمتأثرة بالرسوم المتحركة اليابانية ، بدأت في اليابان في أوائل الستينيات ثم انتشرت إلى مختلف دول العالم ويحرص على مشاهدتها أفراد من مختلف الفئات العمرية حيث تتميز بالألوان الزاهية والشخصيات النشيطة والقصص المتنوعة منها ما هو واقعي، وآخر خيالي. هذه القصص غالبًا ما تكون ذات معاني وحبكات مختلفة المستويات تعرض على شكل حلقات قصيرة لتستحوذ على انتباه المشاهد، ولعل شخصية بيكاتشو من مسلسل البوكيمون ، ذلك الكائن الأصفر الشبيه بالقط ذو الصوت الناعم والذي يطلق الكهرباء للتخلص من الأشرار هو ما يتبادر إلى ذهني شخصيا عند الحديث عن الأنمي.
يشبه إدمان الأنمي الإدمان على ألعاب الفيديو ويختلف التأثر به من شخص لآخر ، فبينما يتأثر شخصٌ ما بلعبة واحدة، لا يتأثر آخر حتى لو قضى فترة أطول من الشخص الأول، و يعتبر المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين الـ13 والـ18 الأكثر عرضة لهذا الإدمان. ربما لأن خلال هذه المرحلة يواجه المراهق العديد من الضغوطات فيلجا البعض للأنمي و أحداثه المثالية والنهايات السعيدة هروبا من العالم الحقيقي الذي يعيشون فيه.
يخبرنا علم النفس أن إدمان الأنمي يستحوذ على اهتمام المراهق بشكل كبير و يؤدي إلى إبعاده عن العائلة والأصدقاء و ممارسة الأنشطة التي كان يستمتع بها سابقًا، فيصبح قلقا سريع الأنفعال، وقد ينخفض مستواه الدراسي بسبب إهماله للمذاكرة ، البعض ينفق مبالغ كبيرة في شراء أفلام الأنمي ، كما يقوم البعض بارتداء ملابس مثل شخصياتهم المفضلة من أفلام الأنمي وتقليدها في الكلام مما يعزز إنغماس المراهق في عالم الخيال ، وفي اليابان توجد مؤتمرات وحفلات تعقد لمدمني الأنمي يصنعون عالمهم الخاص ويمارسون ما يعجبهم من فعاليات مثل لعب ألعاب الفيديو الخاصة بهم، أو تناول أطعمتهم ومشاهدة المزيد من الحلقات، وأمور أخرى كثيرة مشابهة.
الجدير بالذكر أن غالبية محبي الأنمي لا يصلون إلى مرحلة الإدمان بل يبقى مجرد إنبهار وقتي يتخلى عنه المراهق مع إنشغاله بأمور الحياة الأخرى ، ورغم ذلك يجب على الآباء الانتباه إلى ما يشاهده المراهق وكيف يقضي وقته والتحاور معه بحكمة بعيدا عن الترهيب والمنع الصارم لأن كل ممنوع مرغوب كما أن بعض المراهقين يقومون بتحدي الآباء و مشاهدة الأنمي في الخفاء ويعتبرون الموضوع “إنتصارا على تسلط الوالد” الذي ينتمي إلى جيل مختلف لا يفهم الأنمي ولا يقدره.