الصحوة – د. حمد بن ناصر السناوي
ع، س في الثانية والخمسين من عمره ، اختار التقاعد المبكر لأن حالته المادية ممتازه حسب قوله ، كما أنه أرهق من المشوار اليومي لمقر عمله ، لكن بعد التقاعد بأسابيع أصابته أعراض القلق خاصة بعد تعرض صديقه الذي كان في مثل سنه لازمة قلبيه لزم بعدها العناية المركزة لأكثر من أسبوع، لم يتمكن ع، س من زيارة صديقة لأن دخول المستشفى وسماع الآلات سبب له القلق والتوتر ، شعر بالخوف من أن تصيبه أزمة قلبيه و صار يتردد على العيادات لأبسط ألم يشعر به ورغم طمأنينة الطبيب له بأن نتائج الفحوصات كلها سليمة ، تحولت حياته رأس على عقب ، فقد الطمأنينة وأصبح الخوف والتوتر يقضان مضجعه ويفسدان عليه راحته.
الطمأنينة في اللغة هي حالة من الهدوء، والسلام، وراحة البال، تلك الراحة النفسية التي ترتبط بالرضا بما قدر الله ، وتعتبر الطمأنينة أعم وأشمل من السعادة لأرتباط السعادة بالمشاعر الإجابية التي تبعث على السرور بينما ترتبط الطمأنينة بالقناعات والسلوكيات التي تصبح مع الوقت جزء من شخصية الفرد المطمئن عندما تختفي الطمأنينة من قلب الإنسان وعقله يصبح تائه في تفاصيل الحياة وأحداثها المختلفة التي قد تسبب له مشاعر الإحباط وعدم الرضا مما يؤدي إلى الإصابة بالتوتر والقلق و عدم الشعور بالسكينة ، تجده يترقب المصائب والأحداث السيئة و تتزاحم الأفكار السلبية في عقله فتفسد عليه استقرار القلب و الاستمتاع بما رزقه الله ، فإن كان ثريًا تجد باله مشغولاً في تخزين ثروته و تضخيمها و تفادي الخسائر مما يفسد عليه لذة الشعور بالرضا و الثناء.
لذا على الفرد تقبل حقيقة أن الحياة لن تسير حسب أهوائه و رغباته وعليه التخلي عن فكرة بلوغ الكمال لأن الكمال لله وحده ، ولا ننسى دور التجول في الطبيعة واستنشاق الهواء النقي في تهدأت النفوس وإراحة العقل من التفكير والتخطيط.
ختاما ، اسأل الله في أواخر هذا الشهر الفضيل أن يديم علينا نعمة الأمن والطمأنينة و استقرار العقل والقلب معا.