الصحوة – بلقيس الهنداسية
قد يعاني الكثير من الموظفين من بعض المشكلات والضغوطات في بيئة عملهم والتي تؤدي إلى انخفاض مستوى أدائهم و إنجازهم للمهمات الموكلة إليهم، قد يظن بعض الموظفين أن الإفراط في استخدام الطاقة لأداء الأعمال والواجبات الوظيفية قد ترفع من مستوى إنجازهم وتقييمهم في بيئة عملهم، إلا أن ذلك في بعض الأحيان قد يجلب لهم نتائج عكسية على الصعيد النفسي والمهني، وتفتح لهم باب للولوج إلى معمعة “الاحتراق الوظيفي”.
صنف الكثير أن الاحتراق الوظيفي أو الإنهاك الوظيفي هو رد فعل على ضغوط العمل المزمنة أو الطويلة التي تفوق قدرة تحمل الفرد، ومن جانب نفسي قال الدكتور حمد بن ناصر السناوي وهو استشاري أول طب نفسي في حديث خاص له مع صحيفة “الصحوة” الاحتراق الوظيفي عبارة عن مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية يشعر بها الموظف نتيجة للضغوطات التي يتعرض لها وتفقده الشغف والحماس في العمل إلى درجة من اللامبالاة التي تؤثر على صحته النفسية و أداءه الوظيفي، و قد يعتبر الطبيب النفسي هربرت فرودنبرجر أول من درس ظاهرة الاحتراق الوظيفي واستخدم مصطلحات مثل “انقراض أو تقلص الدافع الذي يُحركنا في الحياة أو يدفعنا للاستمرار في العمل وتحقيق التطور المهني “، و يعتبر الاحتراق الوظيفي من التحديات الأساسية التي تواجه المؤسسات والشركات؛ حيث يرتبط بضعف الإنتاجية وارتفاع ساعات التغيب عن العمل بسبب الإرهاق أو المرض و قد يؤدي أحيانا الى حوادث و إصابات في العمل بسبب ضعف التركيز.
ماهي الدلائل والعلامات التي تشير إلى وجود احتراق وظيفي؟
تختلف العلامات من شخص لآخر و حسب طبيعة العمل لكن غالبية الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي يشعرون بالتعب الجسدي والارهاق حتى عندما لا يبذلون مجهود عالي، ويتجنب الأنشطة المتعلقة بالعمل ويعتبرها مرهقة ومحبطة بشكل كبير و يقوم بنقل المهام والأنشطة المرتبطة بالعمل للآخرين، وقد يجد البعض صعوبة في الذهاب إلى موقع العمل أو البدء فيه، ويصبح انفعاليًا أو نافد الصبر مع زملائه أو العملاء أو الزبائن، ويجد صعوبة في التركيز و الشعور بالرضا حيال إنجازاته التي كان يفتخر بها سابقا، بينما يشعر البعض بخيبة أمل تجاه وظيفته و يشتكي من الأرق والصداع أو اضطرابات في المعدة أو الأمعاء و يتناول المسكنات للحصول على النوم، بينما يبالغ البعض في تناول الطعام بما يعرف بالأكل العاطفي كمحاولة للتعامل مع المشاعر السلبية؛ مما يودى إلى زيادة الوزن والسمنة و ما يصاحب ذلك من مضاعفات صحية.
هل وردتك حالات كثيرة تم تشخصيها على أنها تعاني من احتراق وظيفي؟
نعم، قمت بتشخيص وعلاج حالات مختلفة من الاحتراق الوظيفي ومضاعفاته مثل القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، والبعض يعاني من مشاكل أسرية نتيجة؛ لعدم القدرة على خلق توازن بين العمل والحياة الأسرية، والجدير بالذكر أن بعض الشركات بدأت تهتم بالصحة النفسية للموظفين حيث قامت بعض هذه الشركات بدعوتنا لتقديم ورش عمل عن الصحة النفسية في مجال العمل ومناقشة كيف نتعامل مع الضغوطات المختلفة وتفادي الوصول إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي.
لو تزودنا ببعض المعدلات أو الاحصائيات والأرقام التي تختص بالحالات التي تعاني من احتراق وظيفي بين (العُمانيين)
تقتصر الدراسات التي اجريناها على الاحتراق الوظيفي بين أفراد الطاقم الطبي، و يشير بعضها إلى وجود ارتفاع ملحوظ لدى بعض الفئات الطبية، وإلى عوامل محدده تزيد من معدل الاحتراق الوظيفي؛ حيث أجرينا دراسة على مجموعة من أفراد طاقم التمريض أوضحت أن الإناث أكثر عرضة من الذكور وأن الاحتراق يكون أقل مع التقدم في العمر وبين المتزوجين , أما في القطاع الخاص فحسب علمي لا توجد إحصائيات عن الاحتراق الوظيفي؛ ربما أن البعض يعتبرها نقص في كفاءة الموظف في التعامل مع ضغوطات العمل، كما أن الأعراض النفسية بشكل عام عادة ما يرافقها ما يسمى بـ “وصمة العار” حيث يخجل الموظف من طلب الاستشارة النفسية خوفا من أن يعتبره الآخرين مجنوناً أو يعاني من قلة الإيمان أو ضعف الشخصية.
يقال أن التدوير الوظيفي وتغيير المهام الموكلة للموظف كفيلة بأن تقيه أو تعالجه من مشكلة الاحتراق الوظيفي، هل تؤيد ذلك؟
التدوير الوظيفي يمكن أن يساعد في تقليل أعراض الاحتراق الوظيفي في مراحله الأولية خاصة عندما تكون الوظيفية الجديدة أقل ضغطا من الوظيفية القديمة لكن في الحالات المزمنة يكون مستوى الإحباط مرتفعا لدرجة يفشل التدوير من حلها.
هل هناك طرق علاجية معينة تنصحون بها من يعاني من الاحتراق الوظيفي في بداياته؟
نعم توجد العديد من المهارات التي يمكن أن تساعد في تجنب الاحتراق الوظيفي بعضها متعلقة بالموظف نفسه مثل : مهارات تنظيم الوقت والتواصل الفعال مع الزملاء والعملاء، و كذلك خلق التوازن بين العمل و الحياة الشخصية، و تخصيص وقت لممارسة الرياضة، وتجنب أخذ العمل إلى المنزل، والنوم المبكر، وتجنب التدخين، و الابتعاد عن الشخصيات المحبطة و السلبية في العمل، والفضفضة للأشخاص الذين يملكون مهارات الإنصات وممارسة تمارين الاسترخاء، كما يمكن لبيئة العمل أن تساهم في الوقاية من الاحتراق الوظيفي مثل خلق تعزيز المهارات الإدارية للموظف، واشراكه في بعض القرارات، و تشجيعه على التطور و النمو في الوظيفة، و توفير البرامج التي تساهم في تنمية المهارات، وعدم ارهاقه بالعمل ساعات أطول، و توفير برامج دعم الصحة النفسية؛ التي تساعد على التدخل المبكر في حالة إصابة الموظف بالأعراض النفسية.
نصيحتك للمسؤولين أو المدراء لوقاية موظفيهم من إشكالية الاحتراق الوظيفي
أنصح المسؤولين بالاهتمام بالصحة النفسية للموظف لأنها مرتبطة بالإنتاجية وبرغبة الموظف في الاستمرار في العمل، كما اقترح تبني برامج التوعية بالاحتراق النفسي عبر ورش العمل التي تساعد الموظفين على التعرف على أعراض الاحتراق الوظيفي ومراحله وكيفية الوقاية منه أو طلب المساعدة.