الصحوة – المصممة أمل الريامية
استوقفتني عبارة متداولة ومشهورة تقول: ” الماركات أكبر كذبة تسويقية صنعها الأذكياء لسرقة الأثرياء فصدَّقها الفقراء”.
ألم نسأل أنفسنا يوماً: لماذا تبالغ الماركات أو العلامات التجارية في أسعار منتجاتها؟ وما الهدف من ذلك؟ ولماذا يندفع كثير من المستهلكين لشراء تلك المنتجات حتى ولو لم يكونوا بحاجة لها، لدرجة أن هذه الماركات أصبحت مقياساً تقاس به المكانة الاجتماعية للفرد؟!.
العلامات التجارية أو ما يسمى بالماركات العالمية أوجدتها الشركات كي يكون لها اسم بين الشركات، فتميِّز بضاعتها عن بضاعة الشركة المنافسة لها في نفس المنتج أو الصنف، وظهرت هذه الماركات بدايةً في الدول الأوروبية لأنها السبَّاقة في عالم الأزياء والموضة قبل غيرها من دول العالم.
لقد اشتغلت الشركات صاحبة العلامات التجارية على تسويقها عبر الزخم الهائل من الدعاية والإعلانات من خلال المجلات والجرائد والتلفزيون والاعلانات التي تُبثَّ في الشاشات العملاقة، وفي هذا عصر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) تسوِّق من خلال المواقع الالكترونية المؤثرة، وتبرز علاماتها في الأفلام من خلال دعم المشاهير في مشاهدهم الدرامية عبر الأزياء ومكملاتها، واكسسواراتها.
وفي اثناء مشاهدتي لأحد الأفلام في دور السينما كان الممثل المشهور (سيلفستر ستالوني) يرتدي خاتماً لإحدى الماركات على شكل جمجمة، قائلاً: إنَّ هذا الخاتم يصنعُ الحظ!، يقول صاحب الماركة بأن المبيعات لهذا الخاتم فاقت ما تم إنتاجه منه، وأصبح الخاتم يُنتجُ بالطلب، وارتفع سعرهُ عن السعر السابق.
هذه الطريقة تُعدُّ من أنجح الطرق لإستمالة المستهلكين من أجل شراء المنتج، إذ أن الممثل الشهير يتابعه الملايين من المعجبين الذين يقلدونه فيما يلبس، ويصدقونه فيما يقول!.
هنا نجد أن هذه الماركات تستهدف أكثر فئة مستهلكة لهذه الماركات وهي فئة الشباب، وذلك باستخدامها في دعاياها المشاهير الشباب والشابات والهدف هو استمالة الفئة الأكثر استهلاكا لتحقيق أرباحها.
لو أمعنا النظر الى المنتج سنجد أنه لا يختلف عن باقي المنتجات التي صنعت حسب مواصفات الصنع والاشتراطات الموصى بها عالميا فنستنتج بأن السعر المرتفع يرجع الى إسم الماركة فقط وبهذا فنحن نسوِّق للماركة عندما نستخدمها!.
ذات مرة دخلتُ أحد المحلَّات الشهيرة عالمياً في مجال الأزياء، فوجدتُ إحدى القطع الملبسية ذات السعر العالي فيها، ونظراً لمعرفتي الوثيقة بالأزياء، ونوعيات القماش، وأسعارها في السوق، فقد تفاجأت بالسعر المعروض الذي يتجاوز القيمة السوقية خارج هذا المحل، إذ أن الفارق كبير، ولكن المحلات استفادت من شهرتها العالمية لتبيع القطع الملبسية بأسعارٍ مبالغٍ فيها نظراً لارتباطها بماركتها العالمية.
إحدى الفتيات من المستوى المعيشي المتوسط في المجتمع تنفق راتبها المحدود في شراء الحقائب والاكسسوارات من الماركات العالمية المشهورة معللة ذلك بالتقدير الذي تشعرُ به من زميلاتها، لكنها تطلب العون المادي في نهاية الشهر من أُسرتها!!.
هنا نستنتج بأن هذه الماركات -بطريقة تسويقها لمنتجاتها- قد استطاعت فعلاً أن تأسر عقول وقلوب الفئة المستهدفة، وأن بعض الشباب والشابات يغفلون عن المعنى الحقيقي للأناقة والرقي في ارتداء الزي ومكملاته وكأنَّ المسألة قد اقتصرت فقط على (براند) أو ماركة معينة، فكلما كانت الماركة ذات علامة تجارية مشهورة كانت مكانة مرتديها أكبر في المجتمع بغض النظر عن تناسقها مع الزي أو مع المرحلة العمرية، وهذا ما يذكرنا بمقولة الملياردير وارن بافيت:”إشتر ما يناسبك، ودع عنك الماركة”.